قرار بعد آخر يمرّ على عسكريي الجيش، وكأن أوضاعهم في آخر قائمة أولويات المرحلة المقبلة. ورغم أحقية المجندين من ضباط وصف ضباط، بحلّ مسألة خدمتهم للعلَم طوال سنوات الحرب الطويلة، بوصفها أولوية إنسانية وأخلاقية ووطنية أيضاً، فإن أمراً إدارياً جديداً بالتسريح تلقّفه السوريون بلهفة أول الأمر، قبل تبيّن محدودية شريحة المستفيدين منه. الأمر، الذي صدر أمس، يقضي بإنهاء الاحتفاظ والاستدعاء للضباط المجندين والاحتياطيين من عناصر الدورة «247» وما قبلها، ممن أتموا أكثر من خمس سنوات احتفاظ أو احتياط حتى تاريخ 1/7/2018، وللضباط الاحتياطيين الملتحقين خلال عام 2013، وأتمّوا أكثر من خمس سنوات في الخدمة الاحتياطية حتى تاريخ 1/7/2018، وذلك مع استبعاد الاستفادة من القرار لكل من لديه فرار أو خدمة مفقودة تتجاوز 30 يوماً.
لم يلق من سُرّح قبلاً أي تفضيل في مجال التوظيف حتى الآن

ورغم أن القراءات الأولية للقرار، والتي تشي بانفراجات قريبة، قائمة على وعود بتسريح الدورات العسكرية تباعاً، وفق ما تسمح به حاجة المؤسسة العسكرية، غير أن أعداد المستفيدين من القرار ليست كبيرة بما يكفي للتفاؤل. بضع مئات من الضباط الحاصلين على شهاداتهم الجامعية والملتحقين بالخدمة الإلزامية، ممن ظلّوا طوال السنوات الخمس الماضية في عداد المحتفظ بهم في الجيش، هم المستفيدون الفعليون من القرار. ويفيد بعض من يشملهم القرار أن أسباب تسريع تسريحهم قبل دورات أقدم وأحق منهم بالتسريح، ليست سوى أسباب مادية تتعلق بكون ضباط الدورة «247» باتوا يستحقون الترفيع مطلع العام المقبل، ما يعني زيادة في تعويضاتهم ورواتبهم، فيما لو تأخر التسريح حتى نيلهم الرتبة الجديدة. ورغم الصبغة «الاتهامية» لهذه القراءة، فإن ما يدعمها وجود دورات مجندين أقدم في الجيش (104 و105 و106 و107، إضافة إلى دورة 103 صف ضباط) كانت فعلياً أولى بالتسريح، وخاصة مع إتمام بعض عناصرها خدمة ثماني سنوات ونصف سنة. وينتظر عناصر هذه الدورات تسريحهم بعد التسويات الأخيرة التي عقدتها الحكومة لاستعادة السيطرة على كامل ريف دمشق ودرعا وتهدئة جبهات أُخرى في مدن سورية عدة. وتيرة اعتراضات هؤلاء ومناشداتهم لم تهدأ، منذ تعميم إسقاط دعاوى المتخلفين عن خدمة الاحتياط في الجيش، الشهر الفائت. وعلى الرغم من التفاؤل الذي لمسه البعض في قرار أمس، غير أن الكثير من هؤلاء الجنود وجدوا فيه مجرد حقنة تخدير إضافية، واستمراراً لمرحلة الاستفزاز التي يواجهونها من خلال صفعهم المتواصل بقرارات «غير عادلة». المزيد من المطالبات اليائسة بالتسريح أطلقها جنود ممن يخدمون تحت بند الاحتياط والاحتفاظ، ضمن حملات على وسائل التواصل الاجتماعي، من بينها: «حملة بدنا نتسرح». ومن المتوقع أن تنفرج أزمة الشارع الحالية عن تسريح عناصر دورات عسكرية قادمة قريباً، من بينهم صف ضباط ومجندون ممن التحقوا منذ عام 2012، وفق تصريحات متواترة لمسؤولين عسكريين. ورغم الحديث عن ميزات تنتظر الجنود المسرّحين، من بينها أولويتهم في الحصول على وظائف حكومية، إلا أن من سُرّح خلال الأشهر الماضية لم يحصل حتى الآن على أي ميزات تذكر. وكانت رئاسة مجلس الوزراء قد أعلنت قبل أيام عن توجيهات لإدراج أولوية التعيين لمن أدى الخدمة الإلزامية والاحتياطية في الجيش، على أن يتم إثبات ذلك من خلال وثيقة «بيان وضع»، واستبعاد كل من تخلّف عن تأدية الخدمة من التقدم إلى المسابقات العامة.