لم يتوقف التصعيد العسكري التركي على الحدود في شرق نهر الفرات بالكامل، على رغم انخفاض وتيرته أمس بعد إعلان «التحالف الدولي» تكثيف اتصالاته مع كل من تركيا و«قوات سوريا الديموقراطية» والمكالمة الهاتفية بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، أول من أمس. وشهدت عدة مواقع استهدافات مدفعية تركية تسببت بوقوع إصابات بين مدنيين وعدد من المقاتلين في صفوف «قسد»، فيما كان لافتاً تمدد دائرة القصف شرقاً وصولاً إلى ريف الحسكة الشمالي الشرقي، حيث سقطت قذائف على بلدة تل جهان، أسفرت عن إصابة عناصر في «قوات الصناديد» العاملة ضمن «قسد»، وفق معلومات تناقلتها أوساط محلية. وفي مقابل ما يجري على الأرض، بحث وزيرا الدفاع، الأميركي جايمس ماتيس والتركي خلوصي أكار، ملف الشمال السوري في اتصال هاتفي مساء أمس. ويمكن وضع هذا الاتصال في خانة الجهود الأميركية المبذولة لتفادي انفلات الوضع الميداني في مناطق شرق الفرات الحدودية مع تركيا، لحين التوصل إلى تفاهمات مع الجانب التركي، تتشابه مع ما تم الاتفاق عليه في منبج. وأتى ذلك في وقت نشرت وسائل إعلام تركية، صوراً وتسجيلات للدورية المشتركة الأولى التي نفذتها القوات التركية مع «التحالف الدولي» في شمال منبج.وفي خطوة تعزز إطلاق حوار تركي ــــ أميركي حول شرق الفرات، بدلاً من تصعيد ميداني واسع، نشرت قوات «التحالف» عدداً من عناصر دورياتها في بعض المواقع القريبة من الحدود مع تركيا. وقال مدير «المركز الإعلامي لقوات سوريا الديموقراطية» مصطفى بالي، إن «التحالف نظم دوريات مراقبة على الحدود بين شمال سوريا وتركيا لتخفيف حدة التوتر». وعلى رغم قراءة أوساط كردية لهذا التحرك على أنه محاولة للجم التصعيد، فإن من المستبعد أن ينشر «التحالف» أو القوات الأميركية أياً من جنودهما من دون تنسيق مسبق مع الجانب التركي، لضمان أمن العناصر وعدم تعرضهم للاستهداف. وفي معرض الرد على سؤال حول تلك الدوريات، نقلت وكالة «رويترز» عن ناطق باسم «التحالف» تأكيده أنه لم تتم زيادة الدوريات في تلك المنطقة، ولكن هناك زيارات عسكرية منتظمة لها. أما الناطق باسم «قسد» كينو غابريال، فقد اعتبر أن «الدوريات الحدودية الجديدة... تهدف إلى ردع شن تركيا لمزيد من الهجمات». مضيفاً في حديث إلى وكالة «رويترز»: «سنرى نتيجة المفاوضات وضغط الأميركيين على الحكومة التركية».
وبينما تراهن أوساط «قسد» على الوساطة الأميركية لإيجاد مخرج للأزمة المدفوعة تركيّاً، شهدت مدينة الرقة ومحيطها توتراً إثر اغتيال أحد مشايخ «قبيلة العفادلة» بشير الهويدي، من قبل مجهولين، أمس. وخرجت اتهامات واسعة من قبل بعض أوساط العشائر في المدينة ومحيطها، تحمّل «قسد» مسؤولية الاغتيال، مبررة ذلك بوجود خلافات سابقة بين الشيخ الهويدي وعدد من المسؤولين الأكراد في «قسد» و«مجلس الرقة المدني». وكانت ترجمت تلك الخلافات في عدة مناسبات احتفالية أجرتها «قسد»، ورفض حضورها الهويدي، شأنه شأن عدد من الشخصيات المعترضة على سيطرة الأكراد على الهياكل الإدارية والعسكرية في الرقة وريفها. ويأتي الاغتيال وسط انتشار أنباء عن محاولة الجانب التركي تأليب عدد من زعماء العشائر في شرق الفرات ضد القوى الكردية المهيمنة، لضمان مزيد من الضغط على «وحدات حماية الشعب» الكردية، واستخدامه ورقة في التفاوض مع الجانب الأميركي.
وبعيداً من الرقة، شهدت منطقة «خفض التصعيد» في محيط إدلب تصعيداً جديداً بعد هجوم نفذته «هيئة تحرير الشام» على نقاط الجيش السوري في ريف إدلب الشرقي، على محور قربة أبو دالي. وردّ الجيش باستهداف مواقع «تحرير الشام» في محيط عدد من البلدات في ريفي حماة وإدلب، قبل أن يعود الهدوء إلى خطوط التماس. وبالتوازي، أعيد افتتاح «معبر مورك» بين مناطق سيطرة الجيش ومناطق انتشار الفصائل المسلحة، أمس أمام حركة النقل، بعد إغلاق دام أشهراً عدة.