غزة | للمرة الأولى منذ سنوات يخرج الفلسطينيون في غزة لمطالبة المقاومة بالرد على القتل الإسرائيلي المتعمد لثلاثة أطفال على الحدود الجنوبية للقطاع، في مسيرات شملت غالبية المدن فجر أمس، واعتصمت إحداها أمام منزل رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، إسماعيل هنية، الذي استغلت حركته الفرصة وكثفت اتصالاتها بالمصريين والوسطاء الدوليين (الأمم المتحدة) لتجديد تحذيرها من أن الانفجار اقترب جراء التأخير في تقديم التحسينات الاقتصادية. يقول مصدر في «حماس» لـ«الأخبار» إن خروج مئات المتظاهرين في مختلف المناطق عفوياً لمطالبة المقاومة بالرد على الاحتلال وإطلاق الصواريخ على فلسطين المحتلة «شكل ضغطاً كبيراً على الحركة والمقاومة، وأعطى إشارة حقيقية بأن الصبر لدى المواطنين بدأ ينفد». ويضيف أن الحركة نقلت إلى المصريين عدداً من الرسائل أبرزها تأكيد موقفها السابق بأن الوقت ينفد في ضوء المماطلة، ومطالبتهم بمتابعة إدخال الأموال القطرية وانطلاق المشاريع في القطاع. كما شددت لهم على أن سكان القطاع لن يصبروا أسابيع أخرى قبل تخفيف الحصار.وجراء المطالبات الشعبية التي تجددت في مسيرات أخرى في وقت متأخر مساء أمس، أصدرت فصائل المقاومة بيانات وعدت فيها بالردّ، إذ أكد عضو المكتب السياسي لحركة «الجهاد الإسلامي» خالد البطش، أن دم الأطفال الثلاثة «سيكون كسر حصار غزة ورافعة للتحرير»، قيما قالت «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، في بيان، إن «الاحتلال سيدفع عاجلاً أم آجلاً ثمن جرائمه بحق شعبنا»، وذلك في وقت أكد الأمين العام لـ«الجهاد»، زياد النخالة، في حوار صحافي أمس، أن حركته ملتزمة كما بقية الفصائل بالرد، مؤكداً أنها «لم تطلق الصواريخ أخيراً غضباً من أي طرف سواء الجانب المصري أم حماس».
بينما تكرر التهديد الإسرائيلي لغزة، قال المصدر «الحمساوي» إن وفد «المخابرات العامة» المصري سيصل اليوم أو غداً لمتابعة المحادثات، علماً أن زيارة وزير المخابرات عباس كامل أُرجئت كلياً «حتى توافر الظروف المناسبة». وتقول القاهرة إن سبب التأجيل أنها قررت انتظار ما سيخرج به «المجلس المركزي» لـ«منظمة التحرير» من قرارات، من أجل تحديد توجهاتها. مع ذلك، يبدو أن المصريين والأمم المتحدة اختبروا سلوك السلطة الفلسطينية اتجاه التحسينات لغزة عبر إدخال شاحنتين من الوقود القطري لتشغيل محطة توليد الكهرباء في القطاع الأسبوع الماضي من دون موافقتها، لكن رام الله طلبت أن يخضع هذا الوقود لضريبة «البلو» المجبية لمصلحة السلطة.
نتنياهو: دول عربية ستكون سعيدة لو احتللنا غزة


وعلمت «الأخبار» أن سبب غضب السلطة الأخير وتهديدها بعقوبات جديدة وكذلك بحلها «المجلس التشريعي» (البرلمان) تعززت ليلة خطاب رئيسها محمود عباس الأخير في الأمم المتحدة، إذ اكتشفت رام الله أن «كتلة التغيير والإصلاح» التابعة لـ«حماس» كانت قد أرسلت إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، رسالة قبل خطاب عباس مفادها أنه لا يمثل الشعب الفلسطيني وأن ولايته انتهت وهو يغتصب السلطة، الأمر الذي انعكس كما يبدو على حجم حضور المندوبين الدوليين، وهو ما أثار غضب «أبو مازن». وتضيف المصادر نفسها أن عباس رأى في خطوة «التشريعي» إهانة كبيرة له وضرباً في شرعيته أمام المجتمع الدولي، ولذلك يبحث في الطرق الممكنة لإنهائها.
من جهة أخرى، قال «تلفزيون فلسطين» إن «المجلس المركزي» أنهى أعمال دورته الـ30 مساء أمس، بـ«تفويض الرئيس واللجنة التنفيذية متابعة كل القضايا التي اتخذت في المجلس الوطني، وتشكيل اللجان المتخصصة بقضايا الوضع النهائي والعلاقة مع أميركا وإسرائيل وغزة». وجاء في البيان الختامي أن المجلس قرر ‏«إنهاء التزامات منظمة التحرير والسلطة تجاه اتفاقاتها مع دولة الاحتلال وتعليق الاعتراف بها ووقف التنسيق الأمني والتعاون الاقتصادي معها»، وذلك في تكرار لنتائج الدورتين السابقتين.

التهديد بالحرب مستمر
في المقابل، اكتفى العدو بروايته التي قالت إنه استهدف مجموعة كانت تزرع عبوة ناسفة، لكن مصادر محلية أكدت أن الشهداء الأطفال الثلاثة كانوا يضعون «مصيدة» عصافير قرب الحدود. وأمس، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه لا بد من «حل المشكلة الإنسانية في غزة لضمان تحقيق الهدوء»، مبدياً استعداده لتقبل أي «تدخل دولي»، مضيفاً: «قواتنا تعمل على منع التسلل من حدودنا... الضربات التي ننفذها ستجلب لنا فترة من الهدوء لكن يجب أن نحل الوضع الإنساني، ولذلك نحن على استعداد لأن يكون لدينا أطراف أخرى مثل الأمم المتحدة ومصر وغيرهم من المعنيين للعمل على ذلك». وأوضح نتنياهو أن إسرائيل طلبت من دول عربية تحمل مسؤولية غزة في حين أن هناك دولاً عربية أخرى ستكون سعيدة لو احتللناها (غزة)»، مشيراً إلى إمكانية «توجيه ضربة قاسية في غزة»، لكنه أقر بأنه سيكون جزء كبير من إسرائيل تحت تهديد الصواريخ.
أما وزير الأمن أفيغدور ليبرمان، فجدد تهديداته للمرة الثامنة، قائلاً إنه لا توجد طريقة للتعامل مع «حماس» من دون توجيه ضربة قاسية إليها، مضيفاً أنه «من المستحيل حصول غزة على منافع اقتصادية مثل الوقود القطري وغيره مع استمرار العنف». لكن ليبرمان شرح أنه لا حاجة الآن إلى عملية برية، لأن «إسرائيل لديها وسائل كافية لاستعادة الهدوء... لو قتلنا 40 ألفاً من أعضاء حماس والجهاد لا يساوي هذا جندياً واحداً قتيلاً في عملية برية».
إلى ذلك، استشهد أمس محمد أبو عبادة (27 سنة) وأصيب 80 آخرون في قمع قوات الاحتلال المسير البحري الـ14 لكسر الحصار المقام شمال غربي القطاع قرب «زيكيم»، فيما أفادت وزارة الصحة باستهداف الاحتلال للطواقم الطبية خلال تقديمهم الإسعافات الأولية.