بغداد | بعد نيله ثقة جزئية في البرلمان، أطلق رئيس الوزراء، عادل عبد المهدي، عجلة برنامجه الحكومي، لكن ذلك لن يكتمل عملياً قبل مطلع الأسبوع الثاني من الشهر المقبل (6 تشرين الثاني/ نوفمبر)، حيث يعود عبد المهدي إلى مجلس النواب بهدف استكمال منح الثقة للوزراء الثمانية المتبقّين، في ظلّ توقعات بتمرير وزراء «المكوّن الشيعي» (الداخلية، الثقافة، التعليم العالي)، والبحث عن خيارات أخرى لوزراء «المكوّنين السُنّي والكردي» و«الأقليات».وعلى رغم أن الحكومة الاتحادية الجديدة حظيت بدعم إقليمي ودولي واسع النطاق، وتحديداً من قِبَل المؤثرين في الساحة السياسية العراقية (إيران، تركيا، الولايات المتحدة)، إلا أن القوى السياسية المختلفة، سواءً تلك التي تشارك في الحكومة أو التي خرجت منها، تنتظر انقضاء مهلة «100 يوم» التي حدّدها عبد المهدي لنفسه من أجل إحداث التغيير المرجوّ. وفي الانتظار، تتمسّك بعض الأطراف الخاسرة بحديثها عن «معارضة بنّاءة» ستتبلور خلال المرحلة المقبلة، فيما تستمرّ الأطراف التي لم تَنَل كلّ ما كانت ترغب به من التشكيلة الحكومية في إبداء اعتراضها على مسار التأليف. وفي هذا الإطار، يعتبر رئيس «ائتلاف الوطنية»، إياد علاوي، أنه «لا توجد هناك مفاوضات حكومية، بل توجد كتلتان تهيمنان على التشكيلة السياسية للبلاد، وهما سائرون (مقتدى الصدر) والفتح (هادي العامري)، وقد استحوذتا على أهمّ المناصب لنفسيهما». وهو موقف يتبنّاه بطريقة أو بأخرى زعيم «ائتلاف القانون» نوري المالكي، وزعيم «ائتلاف النصر» حيدر العبادي، وزعيم «تيّار الحكمة» عمّار الحكيم، وزعيم «تحالف القرار» أسامة النجيفي، وآخرون من «المكوّنين السُنّي والكردي». هؤلاء جميعاً يبدو المرتكز الرئيس لتصويب سهامهم على حكومة عبد المهدي، وطريقة توزيعه الحقائب وانتقاء مرشحّيها، هو عجزهم عن نيل وزارات «حلموا بها». وفي هذا السياق، كانت لافتة تغريدة القيادية في «تحالف البناء»، حنان الفتلاوي، التي رأت أن زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر هو «الوحيد المحترف الذي يجيد لعب السياسة»، في حين ظهر الآخرون بـ«مظهر الهُواة، وككتلة صغيرة غير مؤثرة بسبب ضعف مفاوضيهم».
تبدي طهران ارتياحها إزاء ما تمّ إنجازه إلى الآن على طريق ولادة الحكومة


وفي السياق نفسه، يقول أحد وزراء حكومة عبد المهدي، مِمَن تأجّل منحهم الثقة، في حديث إلى «الأخبار»، إن القوى السياسية «غير راضية عن التشكيلة الحكومية لأنها غير متجانسة». ويحذّر الوزير الذي رفض الكشف عن هويّته مما سمّاه «فشلاً قد يطيح بعبد المهدي إذا ظلّ قراره مرهوناً بيد الصدر ــــ العامري»، مُرجِّحاً قوة الأول على الثاني، وهو ما لا تنفيه مصادر «الفتح» التي تشير في حديثها إلى «الأخبار» إلى أن الصدر استطاع ـــ أقلّه مؤقتاً ـــ أن «يُرهب خصومه، ويحذّرهم بخلط الأوراق، إن لم تمض الأمور كما يشاء». وبمعزل عن تلك التقديرات، فإن الصدر يسعى بوضوح إلى تثبيت نفسه كـ«حامٍ لمسيرة الإصلاح». وفي هذا الإطار، قال الصدر، أمس، في تغريدة على «تويتر»، إن «دولة العراق المستقلة بانت بوادرها، ولدينا تسعة مطالب لدولة الإصلاح»، لافتاً إلى أن «الإصلاح انتصر في خلال جولة، لكننا نريد للإصلاح دولة».
على المستوى الخارجي، تبدي طهران، التي حرصت طوال الفترة الماضية على إبداء دعمها لعبد المهدي وحثّ حلفائها على إنجاح تجربته، ارتياحها إزاء ما تمّ إنجازه إلى الآن، خصوصاً أن تمرير الحكومة ولو منقوصة أطاح محاولات سعودية استهدفت عرقلة التأليف. لكن في المقابل، يرى البعض أن «الكابينة» تعكس حضوراً أميركياً ـــ بريطانياً. وفي هذا الإطار، تتساءل مصادر مطلعة في حديث إلى «الأخبار» عن سبب «وصف مبعوث الرئيس الأميركي، بريت ماكغورك، وزراء النفط ثامر الغضبان، والكهرباء لؤي الخطيب، والمالية فؤاد حسين، والخارجية محمد علي الحكيم، بالاستثنائيين؟»، داعية إلى «تسليط الضوء على حراك هؤلاء في المرحلة المقبلة».