تحوّل «مؤتمر السلام» إلى ورشة عمل حول أزمة إنسانية. «القضايا» الكبيرة التي رفعها الوفدان السوريان في افتتاح «جنيف 2» تقزّمت بفعل الخلاف السياسي الحاد إلى زواريب حمص القديمة ولوائح المدنيين فيها. لا يريد الموفد العربي والدولي الأخضر الإبراهيمي أن يفشل المؤتمر. الفشل هنا يعني انسحاب أحد الطرفين منه لا أكثر. «تقدّم» طفيف على صعيد الوضع الإنساني في حمص في محادثات أمس وأول من أمس. الوفد الحكومي اعتبره، أصلاً، جزءاً من التنسيق مع الأمم المتحدة لا علاقة له بمطالب «الائتلاف».

وأعلن الإبراهيمي، في ختام اليوم الثاني للمفاوضات، أنه سيجتمع مع الوفدين في القاعة نفسها اليوم في جلسة الصباح، وسيتبادلان الحديث من خلاله، واجتماع المساء سيكون مع كل وفد على حدة. وأبدى «سروره» بكيفية حصول المفاوضات، مشيداً بـ«الاحترام المتبادل» الذي يظهره الوفدان، متوقّعاً أنّ يعلنا اليوم «بياناً عاماً بشأن طريق المضي قدماً» في المحادثات السياسية في جنيف. وفي مفاوضات اليوم الأول لم يتقدم أي طرف ببيان افتتاحي، بل هو من كان الجهة الوحيدة التي تقدمت ببيان.
وقال الإبراهيمي إنّه تم بحث الأزمة الإنسانية في مدينة حمص وسبل إيصال المساعدات إلى المدينة القديمة، كما تم بحث موضوع المعتقلين والمختطفين. وأعرب عن أمله بأن يتمكن النساء والأطفال من مغادرة المناطق المحاصرة في حمص اليوم. وأشار إلى أن وفد الحكومة أكد له أن بإمكان الأطفال والنساء مغادرة حمص في أية لحظة، ومع ذلك سيتم إجلاء بقية المدنيين، مضيفاً إن الطرفين تعهدا بعدم مهاجمة القافلة.
وبشأن المعتقلين، قال إن الحكومة السورية طلبت قائمة بالأسماء، وإن المعارضة تعمل على إعدادها. وأشار الى أن من السابق لأوانه الحديث عن أي جدول زمني للتسوية، مؤكداً أنها ستستغرق وقتاً طويلاًَ.
بدوره، أعلن نائب وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، أنّ الوفد الحكومي جاء إلى جنيف لوقف نزف الدماء في سوريا وحل الأزمة ووقف الإرهاب. وشدد على أن الوفد مخوّل من القيادة السورية باتخاذ كل القرارات لإنهاء الأزمة في سوريا. وأكد أن الحكومة تبذل كل الجهود لإيصال المساعدات الإنسانية إلى السكان، مشيراً الى أنها أدخلت خلال الفترة الماضية 4 ملايين سلة غذائية متكاملة، وبذلت كل جهد لإخراج الأطفال والنساء من أحياء حمص القديمة، لكن المجموعات المسلحة كانت تمنعهم. بالإضافة إلى ذلك، نفى المقداد وجود أطفال في السجون السورية.
كذلك قال إن الحكومة ستسمح للنساء والأطفال بمغادرة حمص القديمة إذا فتح مقاتلو المعارضة الطريق لهم، «وسنمدهم بالمأوى والأدوية وكل ما يلزم». ولفت، أيضاً، إلى أنّ الصور التي نشرت لجثث حوالى 11 ألف شخص قيل إنهم قتلوا في السجون السورية «هي صور ملفقة تماماً».
إلى ذلك، أوردت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» أنّ الوفد الرسمي «طالب وفد الائتلاف المسمى المعارضة بتقديم صورة واضحة عمن له السيطرة عليهم من المسلحين في المناطق السورية، إلا أن وفد المعارضة لم يقدم أي شيء، وقال إنه ليست لديه أي سلطة على المجموعات المسلحة، بل لديه فقط اتصال معها». وسأل الوفد الحكومي الإبراهيمي، بحسب «سانا»، «كيف يمكن لوفد الائتلاف إذاً أن يضمن تطبيق أي تفاهم؟».
في المقابل، قال عضو وفد «الائتلاف» أحمد رمضان إنّ مفاوضي الحكومة والمعارضة سيجرون محادثات سياسية تمهيدية منفصلة مع الإبراهيمي بعد توقف المحادثات الإنسانية. في وقت أشار فيه زميله عبيدة نحاس إلى أنّه بعد انتهاء الجلسة الصباحية «طالبنا بالإفراج فوراً عن الدكتور عبد العزيز الخير (عضو هيئة التنسيق المعارضة) لينضم الى الوفد في جنيف». وأضاف: «طالبنا أيضاً بالإفراج عن عشرات الآلاف من المعتقلين في سجون النظام، وبينهم نساء وأطفال». وأوضح رمضان أنّ لديهم «حوالى 47 ألف اسم، أصحابها معتقلون في سجون النظام ... يتم التحقق منها بدقة، وهناك أسماء غيرها... اليوم قدمنا قائمة بأسماء ألف امرأة و1300 طفل، وأملنا أن يتم الإفراج عنهم فوراً».
من جهته، أكد الناطق الرسمي باسم «الائتلاف»، لؤي صافي، أنّه «لا يمكن تبادل المعتقلين بين النظام والمعارضة، لأن معتقلي النظام هم من المدنيين، أما أسرى النظام لدى فصائل المعارضة، فهم عسكريون أسروا في معارك شاركوا فيها في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام».
وكانت المستشارة السياسية للرئيس السوري، بثينة شعبان، قد اعتبرت، رداً على أسئلة الصحافيين، أنّ وفد المعارضة الموجود في جنيف «لا يمثل إلا فئة صغيرة من المعارضة»، متسائلة «لماذا لم تتم دعوة المعارضة الوطنية الإيجابية الموجودة في الوطن؟ نسأل الموجودين هنا: كم سورياً يمثلون؟».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)