ريف دمشق | قُتل ظل أبو بكر البغدادي. أجهز «الجيش الحر» على المستشار الأول لأمير «الدولة الإسلامية في العراق والشام». يوم أمس، نعى تنظيم «الدولة» «أبو بكر الشايب»، أي العقيد الركن المتقاعد في الجيش العراقي سمير محمد المعروف بـ«حجي بكر». سبقه إلى ذلك بيان لمجموعة تابعة لـ«الجيش الحر» أعلنت فيه «قتل أحد قيادات داعش في ريف حلب»، مرفقة إياه بصورة له. وحجي بكر يُعدّ أحد أبرز أعضاء المجلس العسكري في تنظيم «الدولة»، وكان قد انضمّ إليها في زمن إمارة عمر البغدادي، بعدما كان ضابطاً في صفوف الجيش العراقي حيث زوّد التنظيم معلومات عسكرية سرية.
وتذكر المعلومات أنّه هو من رشّح «أبو بكر البغدادي» لتولّي إمارة «دولة العراق الإسلامية» بعد مقتل سلفه في عام ٢٠١٠، علماً بأن حساباً على «تويتر» حمل اسم «ويكي بغدادي» كان قد سرّب القصة الكاملة لالتحاق حجي بكر بـ«الدولة»، نشرتها «الأخبار» على حلقتين تحت عنوان «القاعدة ــ ليكس». وكان التسريب قد أفاد عن مقتل «حجي بكر» في السابع من الشهر الجاري في ظروف غامضة داخل الأراضي السورية.
في سياق آخر، تشهد المنطقة الجنوبية في ريف دمشق تصعيداً في المواجهات منذ أكثر من أسبوع، حيث تركّزت العمليات العسكرية على محورين. الأول: في المناطق الشرقيّة من داريا، حيث أعلنت مجموعة من فصائل المعارضة عن معركة «وبشّر الصابرين»، التي تهدف إلى «تحرير الأحياء الشرقية من داريا»، الواقعة في محاذاة طريق دمشق ــ درعا الدولي الواقع جنوبي دمشق. أما المحور الثاني، فيقع في حي القدم، في الجهة المقابلة للمحور الأول.
وبقيت المعارك على هذين المحورين منفصلة بعضها عن بعض، حتى أول من أمس، فقد بات واضحاً أن خطوط سير المواجهات تلتقي في طريق دمشق ــ درعا الحيوي، الذي يصل بين العاصمة وبين بلدات الريف الجنوبي والغربي، كداريا وصحنايا والكسوة والباردة، فضلاً عن محافظة درعا وأجزاء من السويداء.
وفي محاولة لكسر الحصار المطبق عليهم، شنّ المسلّحون سلسلة هجمات على حواجز الجيش ونقاط تمركزه على الطريق الدولي. بدأ الهجوم من جهة داريا على نقطة أفران شمسين، التي يعدّ تمركز الجيش فيها ضعيفاً. كذلك هاجم عناصر «جبهة النصرة» من جهة دوار بورسعيد في القدم بثلاث سيارات مفخّخة، بحسب مصدر عسكري ميداني، الذي أضاف لـ«الأخبار» أنّ الجيش «تصدى لهجمات المسلّحين، وكبّد القوى المهاجمة أكثر من 120 قتيلاً. إلا أن الاشتباكات لا تزال مستمرّة». الجيش كان مستعداً لهذه المعركة منذ أكثر من 10 أيام، فـ«إفشال المسلّحين لمسار المفاوضات في داريا أعطى الإشارة الواضحة إلى قيام مثل هذه المعركة». وبحسب المتابعين، فإن السيطرة على طريق درعا الدولي يعدّ مادة دسمة للتفاوض مع الجيش حول مسألة فك الحصار عن مسلحي داريا والقدم. ويقول أحد الجنود في الجيش السوري: «المسلّحون يسعون لفرض حصار معاكس على مدن وبلدات الريف الجنوبي والغربي الخاضعة لسيطرة الدولة، مثل صحنايا والكسوة والباردة، والأهم بلدة دير علي، التي تقع على أراضيها المحطة الحراريّة التي تغذي المنطقة الجنوبية من الأراضي السورية، والتي تتوزع على خمس محافظات منها العاصمة دمشق». ومن شأن هذا الهجوم أيضاً «أن يقطع الطريق على مرور كمّ هائل من بضائع الترانزيت، القادمة من ميناءي طرطوس واللاذقية، والمارة عبره إلى الأراضي الأردنيّة، فضلاً عن تعطيل التحركات العسكرية للجيش السوري على جبهات درعا المختلفة»، يضيف.
وفي موازاة ذلك، شهدت مناطق الغوطة الشرقية معارك عنيفة، لا سيّما في دوما وحرستا والضمير، بين وحدات من الجيش ومسلحي «النصرة» و«الجبهة الاسلامية». كذلك استهدف الجيش بعض مقار المسلحين في عدرا العمالية.
على صعيد آخر، عاد المئات من أبناء برزة (شمالي شرقي دمشق) إلى منازلهم، منذ أول من أمس وأمس. وتأتي هذا الخطوة كآخر بند من بنود التسوية التي شهدتها برزة، قبل حوالى ثلاثة أسابيع. وأكّد مصدر في وزارة الكهرباء لـ«الأخبار» أن إعادة تأهيل البنية التحتية للبلدة تمّت بخطواتها الأساسية. وفي إطار مواصلة الجهود لإنجاز تسوية شاملة في مخيّم اليرموك، دخل أول من أمس ممثلون عن فصائل فلسطينية المخيم، لبحث ــ مع مسلحي «حماس» ــ مسألة خروج المسلّحين غير الفلسطينيين، بحسب مصادر مطلعة داخل المخيم. وتمّ الاجتماع بين الأطراف، وكانت نتيجته أن طلب المسلّحون مهلة حتّى اليوم لإقناع المسلّحين غير الفلسطينيين بالخروج. ومع انقضاء المهلة، يصبح من المفروض على المسلّحين إعلان نجاح أو فشل المبادرة. ويقول الطبيب والناشط الإغاثي أحمد سعدية لـ«الأخبار»: «ليست هذه المرّة الأولى التي يوافق فيها المسلّحون على طلب الفصائل خروج المسلّحين غير الفلسطينيين، المشكلة ليست لدى هؤلاء، بل لدى مقاتلي جبهة النصرة والجبهة الإسلامية، الذين يتعمّدون إفشال المبادرة». وإلى حمص، حيث أعلن ناشطون معارضون أنّ «الدولة الاسلامية» فجّرت «سيارة مفخخة في مقر لكتائب مقاتلة في البادية» في ريف حمص، ما أدى الى سقوط قتلى وجرحى بين المقاتلين، في وقت شنّ فيه الجيش هجوماً على عدد من القرى في ريف حمص في بلدة الزارة وحوش حجو وقرب مفرق قرية الحميدية في منطقة المشرفة. في المقابل، ذكر «الجيش الحر» أنه سيطر على عدد من الحواجر في بلدة جوسية في الريف والمنطقة الحدودية مع لبنان، إلا أنّ مصدراً أمنياً نفى ذلك في حديث مع «الأخبار».

حلب: معارك المعارضة مستمرة

في موازاة ذلك، استمرت الاشتباكات بين الجماعات المسلحة المعارضة في ما بينها من جهة، وبينها وبين الجيش السوري من جهة أخرى في مدينة حلب وريفها.
وذكر مصدر عسكري لوكالة «سانا» أن وحدات من الجيش استهدفت تجمّعات للمسلحين في محيط سجن حلب المركزي وتل مصيبين شمال حريتان (ريف حلب الشمالي) وفي قرى كويرس والجديدة وعربيد ودير حافر (الريف الشرقي). كذلك سيطر الجيش على حي كرم القصر شمالي مطار النيرب.. من جهة ثانية، أعلنت «داعش» أنّها استهدفت عشرات المسلحين التابعين لـ«النصرة» و«الجبهة» في حيّ عندان في حلب في هجوم انتحاري.
على صعيد آخر، ومنذ اختطاف أكثر من 40 بين أطفال ونساء من نبل والزهراء المحاصرتين في ريف حلب، أطلق أول من أمس سراح تسعة أطفال في اتفاق مع الجهة الخاطفة من دون أمهاتهم. وأكد مصدر متابع لـ«الأخبار» أنّ الأمور تسير بشكل إيجابي... لا نريد الخوض في تفاصيل أكثر لسير العملية».