صدرت التشكيلة الوزارية الجديدة في تونس، في وقت متأخر أمس، بعدما كلف الرئيس محمد المنصف المرزوقي، مجدداً، مهدي جمعة، تشكيل حكومة مستقلين من المفترض أن تقود البلاد حتى إجراء انتخابات عامة، في وقت دعا فيه القيادي الإسلامي التونسي عبد الفتاح مورو، التونسيين وخاصة «الإسلاميين» إلى دعم مبدأ الحرية والديموقراطية في البلاد، ولا سيما في مدى تقبل فصول الدستور التونسي.
وشملت التشكيلة الحكومية: غازي الجريبي وزيراً للدفاع، منجي الحامدي وزيراً للخارجية، لطفي بن جدو وزيراً للداخلية، حافظ بن صالح وزيراً للعدل وحكيم بن حمودة وزيراً للاقتصاد والمالية.
ويلاحظ أن جمعة احتفظ بوزيرين من الحكومة المستقيلة، وهما: نضال الورفلي، الذي كان كاتب دولة للصناعة، ووزير الداخلية لطفي بن جدو، الذي طالبت المعارضة برحيله، لكن نقابات الأمن تمسكت به. وأضيف وزير مكلف بالأمن العام هو رضا صفر في إطار صيغة توافق مع مطلب المعارضة.
وقال جمعة، في تصريح نقله التلفزيون الرسمي إثر لقائه مع المرزوقي، إن الرئيس التونسي «جدد ثقته بي وكلفني بتشكيل الحكومة».
وسبق للمرزوقي أن كلّف جمعة في 10 كانون الثاني 2014 بتشكيل حكومة مستقلّين ستحل محل الحكومة المستقيلة التي تقودها حركة النهضة الإسلامية، وذلك وفقاً لبنود «خريطة طريق» طرحتها المركزية النقابية القوية لإخراج البلاد من أزمة سياسية حادة اندلعت إثر اغتيال المعارض محمد البراهمي في 25 تموز 2013.
وبحسب «التنظيم (القانون) المؤقت للسلطة العمومية» في تونس المعروف باسم «الدستور الصغير»، كان يتعين على جمعة تقديم تشكيلة حكومته الى المرزوقي أول من أمس على أقصى تقدير، لكنه لم يفعل بسبب خلافات سياسية حول الإبقاء على وزير الداخلية لطفي بن جدو في منصبه ضمن الحكومة الجديدة.
وبحسب القانون نفسه، يتعيّن على الرئيس التونسي القيام بعملية تكليف جديدة لشخصية تشكل الحكومة بعد انتهاء مهلة 15 يوماً من عملية التكليف الأولى.
وفيما لا تزال مسودة الدستور الجديد لتونس بانتظار التصويت، قال نائب رئيس حركة النهضة، عبد الفتاح مورو، خلال مؤتمر صحافي عقده أول من أمس، في العاصمة تونس، مخاطباً الإسلاميين: «يا أيها الإسلاميون، لا يحق لكم أن تنكروا حرية أنتم أول وآخر من ينتفع بها».
واستنكر القيادي الإسلامي معارضة البعض لمبادئ حرية التعبير في الدستور، مشيراً إلى ضرورة تقبل الرأي المخالف واحترام معارضة فئة من الشعب التونسي لبعض فصول الدستور.
ولفت مورو إلى أن «الدستور التونسي المرتقب هو دستور نضال شعبي، والذين كتبوه لم يكونوا حكاماً أو أصحاب سلطة، لكنهم مواطنون من بين أبناء الشعب التونسي، وهو مختلف عن دساتير تونس السابقة».
وعبّر مورو عن استيائه من «عدم تشريك كل فرد من أفراد الشعب التونسي في صياغة الدستور»، قائلاً: «كان من الأجدر القيام باجتماعات شعبية حتى يتم تشريك أكبر عدد من التونسيين في صياغة دستور تونس الجديد».
وبخصوص تقويمه للنسخة الأخيرة من الدستور، قال مورو: «أرغب في أن يكتب البقاء النسبي لهذا الدستور».
وانتقد مورو الحوار الوطني، معتبراً أنه اقتصر في جلساته على اجتماعات وتوافقات حزبية سياسية «لم يشمل كل أفراد الشعب التونسي».
واعتبر القيادي في حركة النهضة أن «الدستور التونسي يُعدّ مكسباً وطنياً، رغم أنه يحمل نقاط اختلاف؛ أهمها الفصل السادس من الدستور الذي يجرم التكفير»، مضيفاً إنه «كان من الأجدر احترام حق التونسيين في معرفة المفاهيم المحدثة في المجتمع؛ وأهمها حرية الضمير، حتى تصبح عامة الشعب قادرة على تقبلها بسلاسة من دون حدوث أية مشاكل».
وصادق أعضاء المجلس التأسيسي أخيراً على تعديل المادة 6 في نصّها الجديد، وهو أن تلتزم الدولة بنشر ثقافة الاعتدال والتسامح، وحماية المقدسات ومنع النيل منها، كما تمّ النص في هذه المادة على «منع الدعوات التكفيرية»، عوضاً عن «تحجير (منع) التكفير».
(الأخبار، أ ف ب، الأناضول)