• اندفاع الشباب لقتال الاحتلال الإماراتي ــــ السعودي وارد• يدنا ممدودة للأطراف الشمالية بمواجهة الأجنبي

لا يزال الزعيم الجنوبي المحبوب جماهيرياً، حسن باعوم، على موقفه الذي أعلنه بداية العدوان على اليمن: الجنوبيون لا ناقة لهم في هذه الحرب ولا جمل. الفارق اليوم أن «الحياد» تحوّل إلى رفض قاطع للاحتلال الإماراتي ــــ السعودي، ودعوة صريحة إلى مواجهته بجميع الوسائل. مواجهة لا يستبعد أحد أبرز مؤسسي الحراك الجنوبي، وقدامى «مناضليه» ضد نظام علي عبد الله صالح، في حوار مع «الأخبار»، تحوّلها إلى أشكال مسلّحة في ظلّ استمرار الجرائم بحق «أبنائنا». وإذ يمدّ القيادي السابق في «الحزب الاشتراكي اليمني»، المقيم في العاصمة العُمانية مسقط، يده إلى الأطراف الشمالية كافة لمواجهة الاحتلال الأجنبي، فهو لا يتخلّى عن إيمانه بضرورة ابتعاد هؤلاء عن عقلية «الإلحاق» في التعامل مع الجنوبيين.
لم يحصل منا أيّ اعتكاف، إلا إذا كان عدم الاشتراك في القتل اعتكافاً

يحتفل اليمنيون في هذه الأيام بالذكرى الـ 55 لثورة 14 أكتوبر (تشرين الأول) 1963 ضد الاستعمار البريطاني. بصفتكم من قادة الصف الأول في «الجبهة القومية» التي أعلنت الكفاح المسلح لإخراج بريطانيا من جنوب اليمن، وتسلّمت لاحقاً مقاليد السلطة، وبعد كل هذه السنوات، ما الذي تستحضرونه اليوم من تلك الحقبة؟
الواقع يقول إننا لم نغادر ذلك الحدث المهم إلى اليوم، الذي يشبه الأمس إلى حدّ التطابق معه. فلا نزال نواجه التحديات نفسها التي قامت من أجلها ثورة أكتوبر المجيدة، حيث لا نزال نناضل من أجل الحرية والاستقلال، وكذلك لا نزال نناضل من أجل توحيد الصف الجنوبي. وهذان الموضوعان هما جوهر الثورة، ومن أجلهما قامت، ولذلك فإن ثورة أكتوبر ليست مجرد ذكرى نستحضرها ونحتفل بها فحسب، بل ثورة لا نزال ملتزمين بالنضال من أجل ما قامت من أجله وتحقيقه.

يتصدّر «المجلس الثوري» الذي تتزعّمونه صفوف الرافضين للوجود السعودي ــــ الإماراتي في الجنوب باعتباره احتلالاً، ما أوجه الشبه بين احتلال اليوم واستعمار الأمس؟وهل تتشابه الذرائع والأطماع؟
لم تتشابه الذرائع والأطماع، بل هي نفسها. فاحتلال اليوم هو امتداد لاحتلال الأمس. فكلا الاحتلالين هما تعبير أو امتداد للمشروع الغربي ــــ الصهيوني، بل إن الأطراف نفسها التي تحاربنا اليوم هي مَن قامت على أو ساندت حربنا منذ أكتوبر 1963 وما قبله وحتى اليوم. والفارق الوحيد هو تبدل الأدوار، حيث إن من كان يساند احتلالنا بالأمس، أصبح هو من يحتلّنا اليوم، ومن كان يحتلّنا بالأمس أصبح يساند الاحتلال اليوم، بنفس الأسلوب والوسائل والأهداف، رغم كل محاولاتنا خلال العقود الستة الماضية لخلق علاقات طيبة وسوية معهم دون جدوى.

دعوت في أول ظهور لك في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، بعد اعتكافك منذ بداية الحرب، إلى التعامل مع الاحتلال بالطرق المشروعة. ما المقصود بتلك الطرق؟ وهل من بينها مثلاً الخيار المسلّح؟
أولاً، لم يحصل منا أي اعتكاف خلال الفترة السابقة، إلا إذا كان عدم حمل البندقية والاشتراك في القتل يعني اعتكافاً، بل كان هناك نشاط سياسي مكثف، إلا أن وسائل الإعلام التي يمتلكها الاحتلال والأطراف الموالية له كانت هي صاحبة الصوت الأعلى بحكم فارق الإمكانيات. كما أن تركيز الناس كان مشدوداً نحو تفاصيل الحرب والمعارك، وليس نحو العمل السياسي السلمي، حتى اكتشفوا أن العمل العسكري وحده لن يؤدي إلى نتيجة، فعادوا إلينا وإلى مواقفنا. أما بالنسبة إلى الشق الثاني من سؤالكم، فنحن... اخترنا الطريق السلمي، وراهنّا على الشعب والإرادة الصلبة والعزيمة والإصرار، ولم نراهن على الطائرات والدعم الأجنبي والقتل، والذي أثبتت السنوات الأربع الماضية أنه لم يحقق شيئاً، بل أضاف احتلالاً أجنبياً إلى الاحتلال الداخلي، ومزيداً من المآسي والدمار، وتعقيدات أكثر وأكبر لا يمكن تجاوزها بالحرب والعنف. ومع ذلك، فإن طبيعة شعبنا وأنفته ترفض الاحتلال وممارساته، لذلك، احتمال أن يندفع الشباب إلى العنف وقتال الاحتلال الإماراتي ــــ السعودي الجديد، وارد.

تتواصل في المحافظات الجنوبية والشرقية عمليات الاعتقال بحق القادة والنشطاء الرافضين للوجود الإماراتي ــــ السعودي، وآخرها قبل أسابيع عندما اعتُقلت شخصيات محسوبة عليكم، كيف تنظرون إلى تلك الممارسات؟
موضوع الاعتقالات ليس وليد الأسابيع الماضية، بل هو سائر على قدم وساق منذ أول يوم لاحتلال بلادنا من قِبَل «التحالف»، وممنهج لاستئصال الحراك والثورة الجنوبية تمهيداً لإعادة النظام السابق وتثبيت الاحتلال القائم اليوم. أما اعتقالات الأسابيع الماضية فهي خاصة لقيادة مجلس الحراك الثوري فقط. ورغم قلقنا البالغ على أبنائنا المعتقلين بسبب جرائم التعذيب التي تحدث في معتقلات تحالف الاحتلال، والتي يندى لها جبين الإنسانية، إلا أننا واثقون من أن ذلك لن يثني شبابنا عن الاستمرار في مقارعة الاحتلال، فأبناؤنا قد تجلّدوا وتمرّسوا على السجون والمعتقلات، بل إنهم كلما اعتُقلوا زاد إصرارهم وحماستهم واندفاعهم نحو الحرية والاستقلال التام.

توازياً مع استمرار الاعتقالات، تتواصل عمليات تجنيد الشباب الجنوبي للقتال في الجبهات الداخلية أو على الحدود مع السعودية، ما موقفكم من ذلك؟
نحن ضد الحرب من أساسها، ويحزّ في أنفسنا أن نرى أبناءنا يتمّ رميهم للمحارق للتخلّص منهم من دون أن يكون لهم ناقة أو جمل. وقد طالبنا أبناءنا بالانسحاب وعدم الذهاب، وقد استجاب الكثيرون أخيراً لنداءاتنا بهذا الخصوص، وأخصّ بالذكر أبناء الصبيحة (لحج)، أصحاب المواقف الرجولية والسباقين إليها في كل زمان ومكان. ونتمنى أن تستمرّ تلك الانسحابات، وعدم التجنّد من أساسه في الجيوش التابعة للاحتلال.

يحاول «المجلس الانتقالي» المدعوم من أبو ظبي تصدير نفسه على أنه المُمثل الوحيد للجنوب وقضيته، ويرفض أن تشاركه المكونات الأخرى، كيف تقرأون خطابه وسلوكه هذا؟
نتمنى أن يمتلكوا أي شي غير الوهم والتخبط، كما نتمنى أن يعودوا إلى رشدهم وإلى شعبهم، فأحضاننا مفتوحة لهم، وأيادينا ممدودة لهم أيضاً، وستظلّ كذلك، فهم أبناؤنا، وإن ضلّوا السبيل فالأيام كفيلة بإعادتهم.

تتقاطعون مع كلّ من «أنصار الله» و«التجمع اليمني للإصلاح» عند رفض ممارسات «التحالف» وخصوصاً القوات الإماراتية، هل يعني هذا احتمال تقارب في السياسة بينكم؟
نحن، منذ أول يوم في الحراك، مددنا أيدينا لكل الأطراف والأحزاب الشمالية للتفاوض والحوار بشكل ندي... وقد كان هناك ولا يزال تواصل مع مختلف الاتجاهات، إلا أن مشكلة إخواننا في الشمال أنهم يعيشون في أعالي أبراج عاجية، ويرفضون النزول إلينا والتعامل معنا بندية، وكل حواراتهم معنا كانت للتهدئة والتنويم، أو لإلحاقنا بهم... وهذا أساس المشكلة وجوهر القضية الجنوبية. وللأسف، نعتقد أن تلك العقلية ورّثها الحكام السابقون للاحقين في التعامل معنا، وهذا ما مكّن الاحتلال منا جميعاً ولا يزال. نحن نتمنى أن يمدوا أيديهم إلينا، كما مددنا ولا نزال نمد أيدينا إليهم، للحوار ولمواجهة الاحتلال الأجنبي ولو من باب «أنا عدو ابن عمي وأنا عدو من تعداه»، لكن كشركاء أنداد، وأن يقبلوا ويحترموا الإرادة الشعبية الجنوبية.

طوال 3 سنوات ونصف سنة تحوّل الجنوب إلى أكثر المناطق تردّياً، وظلّت قياداته غائبة عن المشهد السياسي. اليوم، يحاول بعضهم العودة لمواجهة أطماع «التحالف»، ومنهم أحمد مساعد حسين وعبد الله بن عفرار، متى يعود حسن باعوم؟
كل القيادات حاضرة في المشهد السياسي... إلا أنها لا تستطيع تقديم شيء لتحسين الحالة المتردية، لأن البلاد تقع تحت احتلال يدير كل صغيرة وكبيرة، وهو المسؤول عن ذلك التردّي، وهو المسؤول عن منع الأطراف كافة من تأدية أي دور إنقاذي، بل إن ذلك التدمير منظّم وممنهج ومقصود لتركيع الشعب، وفرض إرادتهم عليه، وكذا لإجبار شبابنا على القتال معهم كمرتزقة من أجل توفير لقمة العيش. أما عن عودتي أنا شخصياً، فهذا مرتبط بالوضع الصحي فقط لا غير، وقد كنت أتهيّأ للعودة قبل أشهر، إلا أنني تعرّضت لبعض الكسور نتيجة حادث بسيط. كما أن اعتمادنا اليوم هو على الشباب، ونحن معهم للشورى والتوجيه فقط.