تونس | عشية تصويت برلمان تونس على النسخة الكاملة من الدستور الجديد، ينتظر الشارع التونسي اليوم أن يعلن رئيس الحكومة الجديدة مهدي جمعة، تركيبة حكومته بعد أن يقدمها للرئيس المؤقت محمد المنصف المرزوقي، في انتظار عرضها على المجلس الوطني التأسيسي الاثنين أو الثلاثاء على أقصى تقدير.
الحكومة الجديدة، التي لم تُعلَن رسمياً، يبدو أنها ستواجه وضعاً صعباً لأكثر من سبب؛ أولها رفض حركة النهضة وحلفائها في المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) تنقيح الفصل التاسع عشر من القانون المنظم للسلطة العامة، وهو ما يعني أن «النهضة» ستبقى هي المُتحكّم الفعلي في الحكومة، وبالتالي ستبقى سيفاً مصلَتاً على جمعة، إن فكّر في إجراء تغييرات جوهرية على الجهاز الإداري للدولة، الجهاز الذي زرعت فيه الحركة الإسلامية الآلاف من أنصارها طوال عامين، وكسبت الحركة خلال هذه الفترة موالاة آلاف آخرين عبر الترقيات والامتيازات، وفي ذلك جانب كبير مخالف للقانون الذي تتوقع «النهضة» أن يكون محل مساءلة قانونية.
لذلك، ترفض الحركة التنازل عمّا تراه حقاً منحته لها الانتخابات، في مراقبة عمل الحكومة وسحب الثقة منها في أي وقت تشعر فيه بأن مصالحها ورجالها مهددون.
لكن ليس هذا ما يواجهه جمعة فقط؛ فقد أجمع حزب نداء تونس والجبهة الشعبية، وكذلك الاتحاد العام التونسي للشغل، على أنه لا يمكن القبول بوجود أي وزير من حكومة علي العريض، المستقيلة بعد أن سرّب مقربون من جمعة أسماء الوزراء الجدد.
لقد أكد هؤلاء «المقربون» احتفاظ جمعة بثلاثة أو أربعة وزراء من حكومة العريض، وهو ما رفضته المعارضة واتحاد الشغل.
وفي تصريح لـ«الأخبار»، قال القيادي في «نداء تونس» محسن مرزوق، إن حزبه (يصنف الأول في نيات التصويت في الانتخابات) لا يمكن أن يساند حكومة الترويكا.
وهو ما أكده أيضاً الأمين العام لحزب الوطنيين الديموقراطيين الموحد.
أمّا الناشط الحقوقي المنشق عن «النهضة» أحمد المناعي، فقد رأى أمس في حديث لإذاعة «جوهرة أف أم» الخاصة، أن زعيم «النهضة» راشد الغنوشي، سيكون هو المتحكّم الفعلي في الحكومة الجديدة.
الثابت تقريباً إلى حد الآن، أن وزير الداخلية لطفي بن جدو، سيحتفظ بحقيبة الداخلية، ما سيجعل حكومة جمعة في مواجهة مفتوحة مع الجبهة الشعبية التي تتهمه بالمسؤولية المباشرة عن اغتيال القيادي الناصري محمد
البراهمي.
ويبقى الأمل الأخير في قرارات منتدى دافوس التي إن غابت عنها الحكومة التونسية رسمياً، فإن حضور زعيمي الحزبين الأكبرين في تونس الباجي قائد السبسي (نداء تونس) والغنوشي (النهضة)، يمكن أن يكون رسالة طمأنة للمانحين الدوليين الذين لا ينظرون بكثير من الرضى إلى المسار التونسي الذي تحمسوا له في البداية.
فهل تكون نتائج دافوس بمثابة الحل السحري لتونس المهددة بالانهيار الاقتصادي ما لم يُنقَذ اقتصادها بحلول وقروض ومنح ومساعدات عاجلة بعد انسحاب «النهضة» من الحكم؟