القاهرة | يواصل النظام المصري محاولاته المستمرة لتكميم أيّ منبر إعلامي محتمل، بالتزامن مع استحواذ الدولة بأجهزتها الأمنية على جميع المحطات الفضائية الخاصة، وذلك من طريق الشراكة مع ملاكها وفرض قيود عليهم. هذه «القيود» لم تكن كافية من وجهة النظر الأمنية التي ترى في المواقع الإلكترونية وحسابات التواصل الاجتماعي خطراً محتملاً في حال حدوث أي تحرك في الشارع.فيوم أمس، عمّم «المجلس الأعلى للإعلام»، وهو الجهة المسؤولة عن مختلف منصات الإعلام، قراراً يحذر فيه «استناداً إلى القانون 180 لسنة 2018 والخاص بتنظيم الصحافة والإعلام» القنوات الفضائية ومسؤولي المواقع الإخبارية والشركات العاملة في مجال الإعلام من «البث المباشر دون الحصول على ترخيص من المجلس»، على أن يكون للجميع مكاتب رئيسية في مدينة الإنتاج الإعلامي مع الحصول على تصريح مسبق في ما يتعلق بالبث المباشر ومكانه. ووفق التعميم، حذر المجلس من أن مخالفة هذه التعليمات الجديدة ستصل عقوبتها إلى السجن لمدة لا تزيد على 5 سنوات خاصة «في حال استيراد أجهزة بث مباشر والعمل بها من خارج المنطقة الإعلامية في مدينة الإنتاج»، مع ضرورة الحصول على موافقة بشأن هذه الأجهزة في حال تنفيذ عمليات الاستيراد بالفعل، علماً أن هذه الضوابط لم تكن مفعلة من قبل. وتأتي الخطوة الجديدة لتقييد حرية مكاتب المحطات الإخبارية العالمية والعربية التي تخرج على الهواء من استوديوهات داخل شقق في عقارات وسط القاهرة، وهو وضع أصبح مخالفاً للقانون وفق التعميم، ما سيتطلب منها افتتاح مكاتب خارج المركز الرئيسي لأي أحداث وسط القاهرة.
تواصلت «الأخبار» مع مصادر داخل المجلس قالت إن «القرار سيطبق بحزم خلال الشهور المقبلة». وسيكون للمجلس خلال الأيام المقبلة حرية منح التصريح أو تعليقه أو رفضه في ما يتعلق بالبث المباشر، على أن تكون مدة التصريح قصيرة حتى يظل مسؤولو القناة على تواصل مع المجلس، كذلك يجب التنسيق مع «الهيئة العامة للاستعلامات». يؤكد المصدر أن هناك مشكلة مع قناة «بي بي سي» تحديداً في هذا الملف، عندما شرعت في بث مباشر على صفحتها على «فايسبوك» مع المواطنين في الشارع بعد ارتفاع أسعار المحروقات قبل نحو 3 أشهر، مشدداً على «إبلاغ القنوات غير المصرية بالتعليمات الجديدة وطريقة التعامل معها والتصريحات اللازمة». أما المواقع، فيسعى المجلس إلى تقييد خدمة البث الحي عبر صفحاتها، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الصفحات الشخصية للأفراد الذين يتابعهم أكثر من 5 آلاف شخص وتعتبر حساباتهم منصة إعلامية.
وحالياً، تفرض الأجهزة السيادية على القنوات المصرية قائمة موضوعات يفترض تناولها ومناقشتها، كذلك تمنع نشر أخبار محددة لأحداث وقعت في مدن مصرية وأيضاً نشر عدد من الأخبار العربية والدولية وفقاً للرؤية الداخلية للأوضاع، وذلك في ظل التزام تام من المحطات بهذه التعليمات دون استثناء.
إلى ذلك، ينتظر أن يجري الرئيس عبد الفتاح السيسي تعديلاً على تشكيل الهيئات الإعلامية المختلفة خلال الأسابيع القليلة المقبلة، مع صدور اللائحة التنفيذية للقوانين التي ستحدد التصريحات اللازمة للعمل الصحافي والإعلامي والعقوبات، فيما كشفت المسودة المعدّة حالياً عن وجود «تفسيرات فضفاضة وغامضة».