أصدر الجولاني جملة أوامر إلى القادة الموثوقين تهدف إلى احتواء أيّ محاولة انشقاق
ومع الأخذ في عين الاعتبار أنّ عطّون كان قد ذهب بعيداً في انتقاد زعيم تنظيم «القاعدة» أيمن الظواهري عقب خروج الخلافات بين الأخير والجولاني إلى العلن، يغدو من المتعذّر تصنيف عطّون في صفوف «التيار القاعدي» داخل «تحرير الشّام»، وهو تيار ما زال حاضراً ويشكل مركز ثقل لا يُستهان به. وحاول الجولاني والقحطاني التأثير على بعض «الرموز القاعديّة» الموجودة في الساحة السوريّة، بغية تليين موقف «التيار القاعدي في الهيئة»، لكنّ جهودهما لم تحظَ بأكثر من وعود قطعها البعض بعدم انخراطه في «أي هجوم كلامي يطاول قرار الهيئة، وعدم تخطيء الفتوى، من دون أن يصل الأمر إلى موافقته». وكان من بين أبرز الشخصيّات المذكورة «قائد جبهة أنصار الدين» القاعديّة أبو عبد الله الشامي الذي حذّر أمس عبر «قناته الرسميّة» على تطبيق «تيلغرام» من أنّ «شرعنة اتفاق سوتشي عبر خطوات عملية، حتى لو كانت من قبيل المناورة والخداع، سيكون لها عواقب سياسية وميدانية وخيمة». إلى ذلك، وبالتوازي مع استصدار «الفتوى» المطلوبة، تقول معلومات «الأخبار» إنّ «خطط إعادة الانتشار باتت شبه جاهزة، وتتم مناقشة بعض التفاصيل المتعلّقة بالتنفيذ مع الأتراك». وتشير المعلومات التي رشحت من كواليس «النصرة» إلى أنّ «الجولاني أصدر جملة أوامر إلى القادة العسكريين الموثوقين تهدف إلى احتواء أيّ محاولة انشقاق جماعيّة قد تحدث عقب الإعلان الرسمي عن موقف الهيئة». ولم يقتصر الانقسام في الرأي على «الجانب الشرعي» فحسب، بل تعدّاه إلى مختلف الجوانب، بما فيها ما يتعلّق بطريقة الإعلان عن موقف «الهيئة» الرسمي، ما بين الاكتفاء ببيان مقتضب، أو خروج الجولاني نفسه بكلمة مسجّلة، أو حتى عدم إصدار موقف رسمي والاكتفاء بتنفيذ «إعادة الانتشار». ويصعب التكّهن بانعكاسات خطوة «الهيئة» حال الإقدام على تنفيذها، سواء في ما يتعلّق بنسيج «الهيئة» نفسها، أو ما يتجاوزها إلى بقية المجموعات «الجهاديّة» الرافضة للاتفاق (حتى الآن). ويتربّع على رأس تلك المجموعات، كما بات معروفاً، تنظيم «حرّاس الدين»، الذي حاولت أنقرة فتح «قنوات تفاهم» معه بغية إمرار الاتفاق «بسلام»، لكنّ قادة التنظيم ربطوا قرارهم بموافقة تنظيم «القاعدة» التي لم تصل بعد. ومن المرجّح أن يتريّث «حرّاس الدين» في الإقدام على أيّ خطوة «توافقيّة» حتى ولو حصل على موافقة التنظيم الأم. ويعود ذلك إلى الرغبة في استثمار انعكاسات قرار «تحرير الشام» الذي سيؤدّي، على الأرجح، إلى حدوث انشقاقات في صفوفها، ويأمل «حرّاس الدين» التحوّل إلى وجهة تجتذب المنشقّين. وسرت في خلال اليومين الأخيرين أقاويل كثيرة عن تدخّل قطري أسهم في دفع «قيادة النصرة» إلى «التعاون مع أنقرة». ويعلّق قياديّ «قاعديّ» على هذا التفصيل بالقول إنّه «مدعاة للسخرية». ويؤكد المصدر لـ«الأخبار» أنّ «هذا الصبي (في إشارة إلى الجولاني) ليس بحاجة إلى من يدفعه إلى الارتماء في حضن الأتراك، لكنّه طبعاً سيكون سعيداً إذا ما قبض بضعة ملايين من الدولارات ثمناً إضافيّاً».