حرب المعارضة السورية المسلّحة لم تتوقف. «فتنةُ جهاديي الشام» لا تزال مستمرة. هكذا يُكرِّر قادة المجموعات المسلّحة. والفتنة هناك أصبحت اثنتين: فتنة ذراعي «القاعدة» وفتنة السلفيين الجهاديين، التي اصطُلح على اعتبارها «حرب الصحوات المدعومة سعودياً على تنظيم الدولة الإسلامية». الأولى أُرجئت حتى حين بين تنظيمي «جبهة النصرة» و«الدولة»، فيما تشتد الثانية حاصدة أكثر من ألف قتيل في أيامها الأولى.
كل محاولات لملمة النزاع لم تُفلح. أربعة أيام فقط فصلت بين خطاب «أميريْ الجهاد العالمي». تحدّث «أمير الدولة» أبو بكر البغدادي الأحد الماضي قائلاً: «كُفّوا عنّا، نكفّ عنكم». فردّ زعيم تنظيم «القاعدة» أيمن الظواهري بـ «نداء عاجل» انطلق فيه من «بشائر الأمل بقرب إقامة الحكومة الإسلامية»، داعياً كل «المجموعات الإسلامية في شام الرباط والجهاد» إلى التوحّد، مشدّداً على أنّ «رابط الأخوّة أقوى من الروابط التنظيمية الزائلة»، وإذ رأى الظواهري أن «وحدة المجاهدين بشرى لتحرير بيت المقدس، وخطوة متقدمة على درب إقامة خلافة راشدة على منهاج النبوّة»، رأى زعيم الجهاد العالمي أنّ «الفتنة التي استشرت في صفوف المجاهدين أدمت قلوبنا وقلب الأمة». ودعا إلى «التعالي فوق الانتماء التنظيمي والعصبية الحزبية. والتضحية به إذا تعارض مع وحدة صفكم وتآلفكم للتفرّغ لمواجهة عدوكم العلماني الرافضي الصفوي، الذي تدعمه روسيا والصين وتتواطأ معه الحملة الصليبية المعاصرة». ووجّه الظواهري في كلمته التي جاءت في خمس دقائق نداء إلى جميع المجموعات الإسلامية في الشام، وإلى من سماهم «فضلاء أهل الشام ومشايخ القبائل المجاهدين والوجهاء والمهنيين والصحافيين والإعلاميين وأهل الرأي وكل حر شريف في الشام، يسعى إلى إسقاط حكم الأسد، لأن يسعوا إلى إيقاف هذه الفتنة التي لا يعلم إلا الله متى ستنتهي»، مقترحاً «تأسيس هيئة تحكيم شرعية تفصل بين المجموعات المختلفة في المظالم التي تدعيها كل مجموعة على أختها المجاهدة، وأن يشكّلوا آلية لتطبيق أحكامها».
هذا في العام. أما في مسار الصراع الذي لم ينته بين أمراء الجهاد على أرض الشام، فقد برز لافتاً في كلمة الظواهري قوله: «لا نقبل أن تُلصق بأي مسلم أو مجاهد تهم الكفر والردّة. ونرى أن التنظميات الجهادية التي تُضحّي بأنفسها وأموالها جهاداً في سبيل الله واعلاء لكلمة الله وسعياً لتحكيم شرع الله هم إخواننا الذين لا نقبل أن يوصفوا بالكفر والردة والمروق». بهذه الكلمات، بدا الظواهري كمن يقف بخجل إلى جانب «الجبهة الإسلامية»، رادّاً على الحملة الإعلامية التي شنّها تنظيم «الدولة» على كل من «حركة أحرار الشام» و«الجبهة الإسلامية» و«جيش المجاهدين» وآخرين غيرهم لاتّهامهم بالخروج من الملّة والكُفر. كذلك تطرّق الظواهري إلى مسألة بالغة الأهمية تتعلّق بنقاش بات يُطرح بقوة أخيراً حيال مصير «المهاجرين» بعد إسقاط النظام، أي المقاتلين القادمين من مختلف دول العالم لـ«الجهاد»، فقال: «تعلمون أننا دعونا وندعو وسنظل ندعو الجميع لإقامة الحكومة المسلمة، وأن يختاروا من يرضونه ممن تتوافر فيه الشروط الشرعية حاكماً لهم. وأنّ من يختارونه سيكون هو اختيارنا، لأننا لا نرضى أن يفرض أحد نفسه عليهم لكوننا نسعى إلى عودة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي تتحاكم للشريعة وتنشر الشورى وتبسط العدل وتحمي الحقوق وترد العدوان».
بكلمات أخرى، تماشى الظواهري مع نبض «جبهة النصرة» الذي يجيب عن هذا الطرح بإعلان «وجوب عودة المهاجرين إلى بلادهم بعد إسقاط النظام كي يحكم السوريون سوريا»، في مقابل ما تقول به «الدولة الإسلامية» بأن كل أرض الإسلام للمسلمين.

يمكنكم متابعة رضوان مرتضى عبر تويتر | @radwanmortada




1400 قتيل في معارك «الإخوة»

قضى نحو 1400 شخص خلال 20 يوماً من المعارك العنيفة التي تدور بين عناصر «الدولة الاسلامية في العراق والشام» و«الجبهة الاسلامية» و«الجيش الحر» و «جيش المجاهدين»، بحسب ما ذكر «المرصد السوري لحقوق الانسان» المعارض. وذكر المرصد أنّ عدد القتلى في صفوف المعارضة ارتفع إلى 1395 في حلب والرقة، وإدلب، ودير الزور، وحماه. وأوضح أن «760 مقاتلاً من كتائب اسلامية والكتائب المقاتلة لقوا مصرعهم» خلال الاشتباكات واستهدافات بسيارات مفخخة، بينهم 113 مقاتلاً، أعدمتهم «الدولة» في مناطق مختلفة. وقضى 426 مقاتلاً من «الدولة»، من بينهم 56 عنصراً على الأقل «جرى إعدامهم» على يد المقاتلين في ريف إدلب. كذلك أدت المعارك إلى مقتل 190 مدنياً جراء اصابتهم بطلقات نارية أو في تفجيرات بسيارات مفخخة، بينهم «21 مواطناً أعدموا على يد مقاتلي الدولة» في أحد مقارها في حلب. وأفاد المرصد بـ«العثور على 19 جثة لرجال مجهولي الهوية، في مقار عدة للدولة في محافظة حلب».
(أ ف ب)