يبدو أن مبدأ «التوافق» الذي تجلّى في انتخابات هيئة رئاسة مجلس النواب، سينسحب كذلك على انتخابات رئاسة الجمهورية، مُكرّساً اتجاه التسوية في ملء المناصب الشاغرة عقب انتخابات أيار/ مايو 2018، ومُرسياً نوعاً جديداً من التوازنات الإقليمية والدولية على الساحة العراقية. وعلى رغم تصارع الحزبين الكرديين الرئيسين («الحزب الديموقراطي الكردستاني» و«الاتحاد الوطني الكردستاني») على المنصب، وسعي كلّ منهما إلى كسب ودّ الكتل «الشيعية» مقابل الوقوف في صفّها لحظة تسمية رئيس الوزراء المقبل، إلا أن تلك الكتل لا تظهر مائلة إلى تغليب كفة طرف كردي على آخر.مرّد ذلك توافق ضمني على أن يختار كلّ مكوّن من المكونات الطائفية أو العرقية مرشّحه للمنصب المخصّص له بموجب العرف. نجحت الكتلة «السنية» الأكبر في تسمية محمد الحلبوسي رئيساً للبرلمان، والآن الدور على الكتلتين الكردية و«الشيعية» اللتين فشلتا حتى الساعة في تسمية مرشحَيهما لمنصبَي رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء. وإن كان الأخير مؤجلاً حالياً، فإن انتخاب رئيس للجمهورية بات لازماً قبل انعقاد الجلسة النيابية في 2 تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، والقابلة لـ«تمديد عقدها القانوني 14 يوماً»، وفق مصدر نيابي أكد في حديثه إلى «الأخبار» أن «المفاوضات قائمة، والقوى ستراقب نتائج الانتخابات المحلية في إقليم كردستان، وعليه فإن متصدّرها سيكون الأوفر حظّاً في نيل دعم كتل البرلمان الاتحادي لرئاسة الجمهورية».
إذاً، ما من مرشح توافقي حتى الآن. فؤاد حسين من «الحزب الديموقراطي»، وبرهم صالح من «الاتحاد الوطني»، يتنافسان على استقطاب القوى والشخصيات «الشيعية». الأول زار، أمس، زعيم «ائتلاف دولة القانون» نوري المالكي، والثاني حلّ ضيفاً على زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر. لم يَحُز المرشحان وعداً بشأن دعم أي منهما، بل إن موقفَي المالكي والصدر جاءا متقاربَين لناحية أن «الكتل الشيعية تنتظر موقفاً كردياً موحداً»، لانتخاب رئيس توافقي. ووفقاً لمعلومات «الأخبار»، فإن سيناريو «عجز الأكراد عن اختيار مرشح لهم» سيدفع الكتل النيابية إلى التشاور في ما بينها، من دون أن تكون هناك حالياً «رؤية واضحة» لشخص الرئيس، خصوصاً أن الطرفين الكرديين على تقاطع في المصالح مع كتل «البيت الشيعي»، وعليه فإن «الموقف لا يزال ضبابياً، ولا يمكن تكتلاً أن يختار مرشحاً دون الرجوع إلى الكتل الأخرى في الائتلاف الواحد».
على خط موازٍ، عقدت «الهيئة العامة لتحالف الإصلاح والإعمار»، مساء أمس، اجتماعها الأول في مكتب زعيم «تيار الحكمة» عمار الحكيم، بعد الاجتماع الدوري الثالث (الأحد الماضي) بحضور قيادات التحالف في فندق بابل. وشدّد المجتمعون على «مأسسة التحالف، وضرورة تحويله إلى مؤسسة سياسية قادرة على صناعة القرار ومراقبة الأداء». بالتوازي مع ذلك، أعلن نوري المالكي، أمس، تكليف محافظ البصرة السابق، خلف عبد الصمد، رئاسة كتلة «دولة القانون»، وقال بيانٌ صادر عن المالكي إنه «خُوِّل إدارة كل الأمور المتعلقة بالكتلة في مجلس النواب»، البالغ عددها 26 نائباً.