إنه الشاهد الملك «قيصر»، الذي انشقّ عن الشرطة العسكرية التي خدم فيها خدم 13 عاماً. مهمّته كانت تصوير السجناء الذين قضوا في السجون السورية منذ عام 2011. وبعدما أصبح المكان أشبه بـ«مسلخ» و«لم يعد قادراً على التحمّل»، بدأ بنقل الصور الى خارج سوريا عبر قريب له مقيم في الخارج، وله علاقات جيدة مع منظمات حقوقية.
55 الف صورة التقطت في المستشفى العسكري «تظهر قتلاً منظّماً لـ11 ألف معتقل كانوا قيد الاعتقال بين آذار 2011 وآب 2013»، أكدت «سي أن أن» أنها «قد تدين الأسد بالقتل الممنهج»، ونشرت مع صحيفة «غارديان» البريطانية، حصرياً، «تقرير الأدلة المتعلق بتعذيب وإعدام الأشخاص المسجونين من قبل النظام السوري الحالي». يتألف التقرير من 31 صفحة، وقد أعدّه ثلاثة محامين وأُرفق بالصور التي أظهرت جثثاً لأشخاص «قتلوا جراء الجوع والتعذيب»، وهم أشبه بهياكل عظمية، غالبيتهم عراة، وتحمل أجسادهم آثار تعذيب شديد. ويؤكّد التقرير أنه لم يجر التلاعب بالصور، بحسب «مختبر بريطاني».
صحيفة «غارديان» ذكرت أن «قيصر هرّب الصور على شرائط ذاكرة (يو أس بي) إلى جهة اتصال مع المعارضة السورية التي تلقى دعماً من قطر». وأوضحت أن المحامين الثلاثة، وهم ممثلو ادعاء سابقون في المحاكم الجنائية ليوغوسلافيا السابقة وسيراليون (السير ديزموند دي سيلفا رئيس الادعاء السابق للمحكمة الخاصة لسيراليون، وجيفري نايس كبير ممثلي الادعاء السابق في محاكمة الرئيس اليوغوسلافي الاسبق سلوبودان ميلوسيفيتش، وديفيد كراني الذي وجه الاتهام الى الرئيس الليبيري تشارلز تيلور في محكمة سيراليون) قابلوا «قيصر» بعد فحص «الادلة التي وجدوها جديرة بالتصديق» في ثلاث جلسات في 12 و13 و18 من الشهر الجاري، ووجدوه «شاهداً موثوقاً وغير متحيز وموضوعياً». ويشارك في التحقيق أيضاً فريق من ثلاثة أطباء متخصصين بالطب العدلي. وقد انتقلت اللجنة بحسب التقرير، إلى دولة شرق أوسطية، المرجّح أنها قطر، لتمارس عملها والتدقيق في الصور في مركز توثيق عدلي أكّد المركز صحتها. و«توصل فريق التحقيق، في ظل المواد التي فحصها، إلى قناعة بوجود أدلة دامغة، يمكن أن تقبلها محكمة نظامية، على ممارسة عناصر الحكومة السورية التعذيب الممنهج بحق المعتقلين وقتلهم. وستدعم هذه الأدلة الشواهد على ارتكاب النظام السوري الحالي جرائم ضد الإنسانية». من جهتها، أجرت كبيرة مراسلي شبكة «سي أن أن» الأميركية كريستيان أمانبور مقابلة حصرية مع دي سيلفا الذي وصف الصور بأنها «أقرب إلى صور الناجين من الهولوكوست»، مؤكّداً أن «هذا الدليل يؤيد بشكل قاطع الاتهامات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، من دون أي شك». وأوضح أنه «تم التعاقد مع المحققين لكتابة التقرير من قبل مكتب المحاماة البريطاني «كارتر ــ راك» وبتمويل من حكومة قطر». من جهته، أكد ديفيد كراني، أحد المشاركين في وضع التقرير، أن «هذا دليل دامغ» وأن «أي محقق ادعاء سيفضل مثل هذا النوع من الأدلة».
وفيما نشرت وكالة «الأناضول» الصور، معلّقة بأن «سوريا تعيش مأساة البوسنة»، قال وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو عبر «تويتر»: «شاهدنا مجدداً مدى بشاعة جرائم النظام السوري ضد شعبه، ولو كان للإنسانية ضمير، لما لزم العالم بعد الآن الصمت حيال أكبر مجازر القرن الحادي والعشرين التي ترتكب في سوريا». بدورها، اعتبرت وزارة الخارجية الاميركية ان «التقارير عن المجازر في سوريا تظهر انتهاكات ممنهجة ارتكبها النظام». ووصف وزير الخارجية البريطاني الصور بأنها «صادمة ومقنعة». من جهته، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن «هناك جرائم ويجب توثيقها، إلا أن من الضروري التحقق مجدداً من الأدلة»، مشدّداً على أن «الأزمة السورية تشهد حرباً إعلامية أكثر منها ديبلوماسية، والصور جزء من الحرب الإعلامية». ولفت لافروف إلى أن 90% من التقارير حول ارتكاب جرائم حرب في سوريا مصدرها مركز في لندن، معلّقاً: «شقة صغيرة يسكنها شخصان في لندن يُشار إليها على أنها مصدر معلومات للعالم بأسره». واعتبرت المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية مرضية أفخم أن «نشر صور التعذيب في سوريا مثير للشبهات»، مشيرة الى أن «من الطبيعي أن عملية نشر هذه الصور قبيل مؤتمر جنيف 2 مباشرةً، تشير إلى أنها تستخدم لأغراض دعائية».
(الأخبار)