لا جديد في مونترو. المدينة السويسرية التي تحتضن اليوم مؤتمر «جنيف 2». سيُختصر فيها الكباش الدولي الموزّع على عواصم العالم. «الكباش» قد يطول إلى سبعة أو عشرة أيام، و«الائتلاف» المعارض آتٍ «لمحاكمة» الرئيس السوري وتنحيته، بينما دمشق على خطيها الأحمرين: الرئيس والنظام.
مشهد اختصر بطرفين سوريين، فيما معارضو الداخل ومعهم «هيئة التنسيق» سيكتفون بالتعليق على أعمال المؤتمر خارج أسوار المدينة السويسرية. لم يتّسع المشهد لهم، أو بالأحرى فرض «أصدقاء سوريا» و«ائتلافهم» تغييب صوت معارض خارج جناحهم. ولعلّ كلمات وزير الخارجية الألماني كانت الأكثر منطقية وواقعية: برلين تتوقّع «خطوات صغيرة» من المؤتمر.
وقد جدّد وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، رغبة سورية بإنجاح المؤتمر كخطوة أولى لبدء حوار سوري ــ سوري على الأراضي السورية، من دون تدخل خارجي.
تصريحات المعلم جاءت قبيل وصوله إلى المدينة السويسرية، بعد تأخير خمس ساعات في أثينا بسبب رفض السلطات اليونانية تزويد الطائرة التي تقل الوفد السوري (26 شخصاً) بالوقود. وعلمت «الأخبار» أنّ المعلم سدّد نقداً ثمن الوقود بعد رفض اليونانيين أيّ طريقة أخرى للدفع.
وأضاف الوزير السوري أنّ واشنطن «فشلت في تشكيل وفد مقبول من المعارضة السورية... كما أنّ الأمم المتحدة رضخت للضغوط الغربية عندما لم توجه الدعوة الى أطراف المعارضة الوطنية في سوريا». وأكد، أيضاً، أنّ «موضوع الرئيس والنظام خطوط حمراء بالنسبة إلينا وللشعب السوري، ولن يمس بها أو بمقام الرئاسة».
وحول مضمون الدعوة إلى المؤتمر، جدد المعلم تحفظ بلاده عنها عبر رسالة أرسلت سابقاً إلى الأمين العام للأمم المتحدة، تقول «إن مضمون الدعوة لا ينسجم مع موقفنا القانوني والسياسي ولا مع تطلعات الشعب السوري، لكننا نأتي إلى جنيف على أمل أن يكون منطلقاً لموقف سوري ودولي موحد في مواجهة الإرهاب الذي يضرب سوريا والمنطقة».
وفيما إذا كانت دعوة السعودية إلى المؤتمر مؤشراً على تراجع دورها في دعم الإرهاب، قال المعلم: «لا نعول ولا ننتظر وليست لدينا معلومات عن رغبتها بتغيير سياستها بناءً على حضور هذا المؤتمر، فهي أعلنت بصراحة أنه حتى لو غيرت دول أخرى مواقفها فإنها مستمرة في هذه السياسة».
في المقابل، قال المستشار الإعلامي والسياسي لرئيس «الائتلاف» المعارض، فايز سارة، إنهم «لا يراهنون كثيراً على تقديم النظام السوري لتنازلات في المؤتمر». وأضاف: «لكننا ذاهبون لنحرج النظام السوري ونؤكد للمجتمع الدولي أننا نرغب في الحل السياسي».

آتون لتنحية الأسد

بدوره، قال الأمين العام لـ«الائتلاف»، بدر جاموس، إنّهم سيطالبون «بتنحية» الرئيس السوري بشار الأسد، الذي وصفه بـ«المجرم». ورأى، في تصريح لوكالة «رويترز»، أنّ «الائتلاف يشارك في المحادثات كي يخوض معركة دبلوماسية لتحقيق أهداف الثورة السورية... ولن نقبل بأقل من رحيل بشار الأسد وتغيير النظام ومحاسبة القتلة».
في موازاة ذلك، قال وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، إنّ بلاده تتوقع أن يحقق المؤتمر «تقدماً نحو السلام»، فيما أعرب نظيره الألماني أنّ برلين تنتظر «خطوات صغيرة»، وذلك في مؤتمر صحافي مشترك في باريس.
وقال الوزير الألماني، فرانك فالتر شتاينماير: «يجب أن تكون توقعاتنا محسوبة وألا ننتظر رؤية انتصار للسلام في هذه المحادثات». وردّ نظيره الفرنسي معلقاً: «الأمر المثالي هو أن نمضي نحو السلام، وهذا يمر بحل سياسي». وأوضح أنّ المؤتمر سيكون ناجحاً إذا تم الاتفاق على قيام حكومة انتقالية وعلى تحسين الوضع الإنساني للسوريين.
في السياق، ذكر مسؤول روسي أن محادثات «جنيف 2» ستستمرّ ما بين سبعة وعشرة أيام وبعد استراحة قصيرة، ستتبعها جولة أخرى. وذكر المصدر الروسي، لوكالة «ريا نوفوستي» أنّه «إذا تطلب الأمر فقد يُرفَع مستوى التمثيل الروسي والأميركي في جنيف لمواكبة عملية التفاوض».
ويمثل روسيا في المحادثات نائبا وزير الخارجية غينادي غاتيلوف وميخائيل بوغدانوف. وذكر الكرملين في وقت متأخر أمس، أنّ الرئيس الأميركي باراك أوباما اتصل بنظيره الروسي فلاديمير بوتين، و«ناقشا القضايا التي ستناقش في المؤتمر (جنيف 2)»، مؤكداً أنّ المحادثة كانت «بمبادرة من الجانب الأميركي».

تفسير غير أمين لـ«جنيف 1»

بدوره، قال وزير الخارجية، سيرغي لافروف، إنّ سحب الأمين العام للأمم المتحدة دعوته لإيران لحضور المؤتمر خطأ، إلا أنّه أضاف أنّه لا يعتبره كارثة. واعتبر أنّ «المعارضة السورية أرغمت الأطراف الأخرى على الإذعان لمطالبها قبل حضور المؤتمر»، مشيراً إلى أن هذا الارتباك لا يعزز مكانة الأمم المتحدة. وتابع: «هؤلاء الذين طلبوا سحب الدعوة الموجهة إلى إيران هم الذين يصرون على أن بيان جنيف يخلص إلى تغيير النظام. إنه تفسير... وتفسير غير أمين لما اتفقنا عليه في جنيف يوم 30 حزيران عام 2012».
إلى ذلك، طالبت بريطانيا إيران بالكف عن دعم الحكومة السورية، وحثّتها على مساندة جهود السعي للسلام في سوريا. وقال وزير الخارجية، وليام هيغ، في كلمة أمام البرلمان إنّ مشاركة إيران في أي تسوية سلمية مستقبلية ستكون على «مهمة بدرجة بالغة»، مضيفاً أنّ إيران في حاجة لأن تعيد بشكل عاجل التفكير في سياستها تجاه سوريا.
وتحدث هيغ هاتفياً مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف بعد أن أدلى بهذه التصريحات «ليبلغه بأن فكرة الوساطة من أجل التوصل إلى تشكيل حكومة انتقالية بالتراضي هي السبيل لإنهاء الحرب في سوريا، وإن لندن تظل مستعدة للعمل مع طهران على هذا الأساس في المستقبل».

حكومة محلية في «الجزيرة»

في سياق آخر، أعلن «حزب الاتحاد الديموقراطي» تشكيل حكومة محلية لواحدة من ثلاث مناطق ذات غالبية كردية في شمال شرق سوريا، بعد شهرين من إعلان «إدارة ذاتية».
وقال رئيس الحزب، صالح مسلم، لوكالة «رويترز»: «سمّينا حكومة محلية لمنطقة الجزيرة»، مشيراً إلى أنه «قريباً ستتم تسمية حكومتين مماثلتين لعفرين وكوباني».
وأضاف: «لا يمكننا أن ننتظر التوافق على حل سياسي للأزمة السورية لنبدأ بإدارة شؤوننا على الأرض. يجب توفير الحاجات الأساسية للناس».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)




خلافات عربية ــ عربية

طغت الخلافات على اجتماع وزراء الخارجية العرب في مونترو، بعد اختلافهم حول أولويات المؤتمر، إذ طالب وزيرا خارجية السعودية وقطر ببحث نقل السلطة في سوريا وتطبيق «جنيف 1»، بينما تحدث الوزيران اللبناني والأردني بلغة أخرى.
ورأى، الوزير السعودي سعود الفيصل، حسبما نقلت قناة «الميادين»، أنّ «لا أولويات إنسانية قبل بحث تنحي (الرئيس السوري بشار) الأسد ونقل السلطة».
الاجتماع الذي ترأسه أمين عام جامعة الدول العربية، نبيل العربي، طلب خلاله وزير الخارجية الأردني، ناصر جودة، بإعطاء الأولوية للاجئين والقضايا الإنسانية، كما اعتبر نظيره اللبناني عدنان منصور أنّ الأولوية هي للقضايا الإنسانية ووقف النار وملف النازحين، وأضاف: «نحن هنا للبحث عن حل سياسي وليس تنحي الأسد».