في موازاة التماهي الرسمي العربي مع الاحتلال الإسرائيلي، يكاد لا يخلو يوم في تل أبيب من دون استضافة مسؤول أجنبي، ومن مختلف المستويات، ومنهم من لم يكن لتتخيل زيارته في الزمن الماضي. لذلك، لا تأتي زيارة الرئيس الفيليبيني، رودريغو دوتيرتي، إلى فلسطين المحتلة، في سياق استثنائي، وإن كانت شخصيته مثيرة للجدل وتدور حوله علامات استفهام كبيرة في ما يتعلق بسلوكه واتهامات خرقه حقوق الإنسان وقوننة هذا الخرق في بلاده، إلى الحد الذي أجبر حتى تل أبيب على التغطية الإعلامية المقلصة لزيارته على رغم أنها تمتد أياماً، قبل أن يتوجه إلى الأردن.وعلى غرار عدد من الدول، يجمع الطرفان (الفيليبين وإسرائيل) مصالح يمكن تحقيقها بتطوير العلاقات البينية التي باتت متاحة من دون عوائق، مهما كان توصيف هذه الدول وتجاوزها الأعراف والمواثيق الدولية، سواء في سياساتها الداخلية و/أو الخارجية. والفيليبين إحدى الدول التي تتوق إلى العلاقة مع إسرائيل والتلاقي معها على التخادم المتبادل في مجالات سياسية وأمنية واقتصادية، ما يؤمّن مصلحة الطرفين في هذه المجالات.
من جهة مانيلا، تشكل تل أبيب عنصر أمان في مسعى استخراج ثرواتها الطبيعية وتطوير بنيتها التحتية، إضافة إلى تسليح قواتها العسكرية، إذ تكفل الشراكة مع إسرائيل منع تحويل الاعتراضات الدولية اللفظية حتى الآن ضد الفيليبين - جراء سياساتها وتجاوزاتها - إلى أفعال وإجراءات عقابية، خصوصاً أن إسرائيل لا تشترط شيئاً في مقابل الشراكة، حتى مع خرق حقوق الإنسان والمواثيق الدولية وخرق القانون والأعراف، سواء في التبادل التجاري غير المسموح، أو المجال التسليحي غير المشروط، مع أي دولة من العالم.
على هذه الخلفية، جاءت تصريحات دوتيرتي في تل أبيب أمس، إذ أكد أنه أصدر أوامره إلى القوات المسلحة الفليبينية، ألا تشتري إلا السلاح الإسرائيلي، لأن إسرائيل خلافاً لدول أخرى لا تضع قيوداً خلال إبرام صفقات السلاح معها. وفي ذلك، يشير دوتيرتي إلى انهيار الصفقات التسليحية التي كانت مانيلا قد أبرمتها مع واشنطن وعواصم أوروبية بعد سلسلة أزمات على خلفية اتهامات بمخالفة حقوق الإنسان.
ومن ناحية إسرائيل، الاستفادة السياسية والاقتصادية قائمة ولا جدال حولها جراء الانفتاح الفيليبيني عليها، وتحديداً الصناعات العسكرية، وأيضاً الشركات الاقتصادية التي تتوق إلى الاستثمار خارج فلسطين المحتلة في دول شرق آسيا التي كانت حتى الأمس القريب شبه محرمة عليها.
يبحث الجانبان إنشاء خط طيران مدني مباشر بينهما


في موازاة ذلك، تعد الفيليبين إحدى الدول القليلة في العالم التي أيدت نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة، بل وعدت أن تنقل سفارتها أيضاً، الأمر الذي يعد من ناحية تل أبيب نجاحاً لسياستها الخارجية، إضافة إلى الفوائد الاقتصادية المقدرة للعلاقة من جهة مانيلا.
وعلى جدول زيارة دوتيرتي، التي تستمر ثلاثة أيام، وهي الأولى لرئيس فيليبيني، سلسلة لقاءات واجتماعات على مستويات مختلفة، يوقع خلالها اتفاقات تتعلق بتزويد الجيش الفيليبيني بوسائل قتالية إسرائيلية، وكذلك اتفاقات ترتبط بمجالات التعاون في مجالات مختلفة، من بينها تولي الشركات الإسرائيلية التنقيب عن النفط في المياه الفيليبينية. ووفق وسائل الإعلام العبرية يفترض أن يناقش الجانبان أيضاً تسيير رحلات جوية مدنية مباشرة بينهما، إضافة إلى اتفاقات تعاون زراعي وأمني في مستويات مختلفة ومتشعبة.