يبدو أن تجربة المدارس اليابانية في مصر، التي كان من المفترض أن تبدأ العام الماضي، ستشهد ولادة متعثرة أيضاً هذا العام. فالمدارس التي أوقف الرئيس عبد الفتاح السيسي الدراسة فيها، بعد أسبوع فقط من بداية العام، بسبب نقص الأعمال الإنشائية والبرامج الخاصة بالتدريس، تبدو هذه المرة في مواجهة مشكلات أخرى رغم الانتهاء من تنفيذ 45 مدرسة على مستوى الجمهورية، منها 11 ألغيت الدراسة فيها للعام الدراسي الذي ينطلق بعد أقل من 3 أسابيع، جراء ضعف الإقبال، وذلك بعدما رفعت وزارة التربية والتعليم المصروفات الخاصة لتقارب 600 دولار سنوياً، علماً أنها كانت أقل من ثلث هذا الرقم العام الماضي.الوزارة ألغت العمل في المدارس الجديدة بسبب ضعف إقبال الطلاب، لدرجة أن المدرسة اليابانية في الطور لم يتقدم إليها سوى ثلاثة تلاميذ، ما كان يفترض أن يدفع إلى خفض المصروفات لتتناسب مع طبيعة المنطقة الموجودة فيها، خاصة أن هذه الأسعار، وإن كانت تناسب قطاعاً من سكان القاهرة الكبرى والإسكندرية، فإنها لا تُناسب سكان قطاعات أخرى، لكن «التعليم» فضّلت إلغاء العمل في هذه المدارس، في ظل سعيها إلى تحقيق عائد مادي تسدد به قيمة القروض التي حصلت عليها لإنشائها، كما تسدد لـ«الهيئة الهندسية للقوات المسلحة» كلفة المباني التي تم تشييدها.
وهذه المدارس تجربة قررت القاهرة نقلها لتطوير التعليم منذ سنوات لنقل التجربة اليابانية إلى البلاد، وقد قررت إنشاء 45 مدرسة موزعة على 24 محافظة.
أُلغيت الدراسة في 11 مدرسة للعام الذي ينطلق بعد أقل من 3 أسابيع


حتى الآن، لم تعلن «التربية والتعليم» آلية اختيار الطلاب الجدد، ولا أسماءهم، ما أثار شكاوى أولياء أمور الطلاب مع اقتراب انطلاق العام، الأمر الذي دفع الأهالي إلى تسجيل أبنائهم في مدارس أخرى كإجراء احترازي في حال رفض إلحاقهم بالمدارس اليابانية. لكن المشكلة التي تواجه الآباء الآن هي أن المدارس باتت تطالبهم بتسديد المصروفات، وإلا فستُشطب أسماء أبنائهم من المدارس نهائياً. كذلك، لا تملك الوزارة أي معلومات عن الموعد المقرر لإعلان أسماء الطلاب المقبولين، إذ يقول المتحدث الرسمي باسمها، أحمد خيري، باستمرار، إن النتيجة ستعلن قريباً، وإن الاختيار سيكون آلياً وفق المعايير الموضوعة، لكن هذه التصريحات لم تترجم على أرض الواقع حتى الآن، رغم فتح باب التقديم في وقت مبكر لاختيار الأطفال.
التجهيزات اللوجيستية في غالبية المدارس باتت جاهزة، حتى في التي لن تفتح أبوابها هذا العام، ما يسهل على الطلاب مع بداية العام، لكن الرهان يبقى على مستوى المعلمين، خاصة أنه من المفترض حظر عمل من يلقون الدروس الخصوصية، وتمنح الطالب مزيداً من المساحة لحرية الإبداع، بعيداً عن التلقين والحفظ المتبع في غالبية المدارس.
تبدو تجربة المدارس اليابانية صعبة التطبيق في مصر بسبب الفساد الذي شاب آليات اختيار المرشحين للعمل فيها، والموظفين الذين أُرسِلوا إلى اليابان للاطلاع على التجربة، بوصفهم مدرسين سينقلون التجربة إلى زملائهم. فساد من بداية التجربة، يحاول الوزير طارق شوقي التغلب عليه، لكن حتى الآن يبدو الفساد أقوى بكثير من محاولات الوزير الساعي إلى تطبيق نظم متطورة في التعليم الحكومي.