دعا رئيس حركة «مجتمع السلم»، وهي أكبر حزب «إخواني» في الجزائر، عبد الرزاق مقري، في لقاء مع قيادات الحزب في العاصمة أمس، المؤسسة العسكرية إلى أن تكون «مساعداً على تحقيق التوافق الوطني، من دون الخروج عن مهامها الدستورية»، في إشارة إلى المبادرة التي طرحتها الحركة قبل شهرين، وتقوم على اختيار مرشح للرئاسيات يتفق عليه طيف واسع من أحزاب السلطة والمعارضة، من أجل تحقيق إصلاحات سياسية واقتصادية ملحة في البلاد.وسبق لمقري أن طالب الجيش خلال عرض مبادرة «التوافق الوطني» بمرافقة هذا المسار، لكن المؤسسة العسكرية ردّت آنذاك عبر رئيس الأركان، الفريق أحمد قايد صالح، برفض إقحامها في المجال السياسي، موجهةً انتقادات حادة إلى الأحزاب التي وصفتها بـ«الفاشلة وغير القادرة على التكفل بانشغالات المواطنين»، مشددة على أنها ستبقى مهتمة حصرياً بمهامها الدستورية، المتمثلة في حماية الحدود والحفاظ على أمن واستقرار البلاد.
تصريحات مقري حول الجيش قوبلت بكثير من الاستغراب، بسبب التجارب المحيطة، خصوصاً في مصر التي عرفت نهاية حكم «الإخوان المسلمون» على يد الجيش. كما أن تجربة الجزائر في بداية التسعينيات، عندما أبطل الجيش نتائج الانتخابات التي فازت بها «الجبهة الإسلامية للإنقاذ»، وقيادته المسار الانتقالي، لا تبدو نتائجها مشجعة على تكرار التجربة، حتى إن اختلف السياق بين تلك الفترة ووقائع اليوم.
ينطلق مقري من هواجس المعارضة المتكررة عند كل موعد انتخابي


عاد زعيم «إخوان الجزائر» هذه المرة إلى الحديث عن الجيش، طالباً منه أن يكون «مساعداً على التوافق»، لكن من دون الخروج عن مهامه الدستورية، تجنباً لتلقي رد آخر من المؤسسة العسكرية، لكن هذه الدعوة تبقى غامضة وفق مراقبين، لأنه ليس هناك ما يخول الجيش عملياً التدخل في المسار السياسي.
وفي حال فشل مشروع التوافق، قال مقري إن المطلوب من المؤسسة العسكرية هو أن «تحمي الديموقراطية، وألاّ تتدخل في ترجيح كفة مرشح على آخر»، طارحاً في سياق ذلك إمكانية أن تدخل المعارضة بمرشح واحد في سباق الرئاسيات، لافتاً إلى أن حزبه يعرض نفسه ليكون مرشحه هو مرشح المعارضة، بصفته الأقدر والأنسب لتولي هذه المهمة. ويتوقع أن تقابل المعارضة في مجملها دعوة مقري بالرفض، نظراً إلى الخلافات الكبيرة التي تجمع أحزابها ومنطق الزعامة المتغلب على قياداتها.
وينطلق مقري في دعوته من هواجس المعارضة المتكررة عند كل موعد انتخابي، من توجيه الجيش العملية الانتخابية لمصلحة مرشح معين، إذ يمتلك الجيش عملياً قوة انتخابية كبيرة، كون المنتسبين إليها يقترب عددهم من المليون، ما يسمح بترجيح كفة أي مرشح يسانده الجيش بطريقة غير مباشرة. وعلى رغم أن المعارضة في العموم، تستبعد وقوع انقلاب عسكري في البلاد، لكنها تعتقد بوجود تأثير قوي للجيش في المشهد السياسي، خصوصاً في عملية اختيار الرئيس المقبل. ويزداد هذا الاحتمال قوة إذا لم يترشح عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة بسبب متاعبه الصحية. لكن هذا الاحتمال غير وارد تماماً عند أنصار الرئيس الذين يواصلون عملية التعبئة دعماً له، على رغم أن بوتفليقة، كان قد نقل، الاثنين الماضي، إلى سويسرا، لإجراء فحوص طبية دورية، إذ يعاني من آثار جلطة دماغية أصابته في أبريل/ نيسان 2013، وتتسبب في فقدانه القدرة على الحركة والكلام بصوت مرتفع، ما يقلل كثيراً من ظهوره العلني.
في هذا الصدد، أعلن 15 حزباً يقودهم «التحالف الوطني الجمهوري»، الذي يرأسه كاتب الدولة السابق، بلقاسم ساحلي، عن لقاء جمعهم مع الأمين العام لـ«جبهة التحرير الوطني»، صاحب الغالبية النيابية، الذي يرفع منذ أشهر راية «الولاية الخامسة» للرئيس.