بعد مرور شهر على استهداف مطار أبو ظبي الدولي، جاءت الضربة التالية للإمارات من بوابة دبي، حيث استهدفت طائرة مسيّرة مطار دبي الدولي، ما أدى إلى إرباك الحركة فيه. ضربة تشكّل نقلة جديدة في مسار تطوّر سلاح الجو اليمني، وتَعِد بـ«مزيد من المفاجآت»، التي سيصعب على الإماراتيين «مغالطتها أو تكذيبها»، وفق ما أكدت «أنصار الله». وتأتي «ضربة دبي» إثر تصاعد عمليات ارتكاب المجازر بحق المدنيين اليمنيين، والتي توعّدت سلطات صنعاء بأنها «لن تمرّ من دون رد»، وإن كانت أيام قليلة تفصل أطراف النزاع عن الدخول في جولة تفاوضية جديدة.وأعلن سلاح الجو المسيّر، أمس، تنفيذ «هجوم نوعي» على مطار دبي الدولي بطائرة مسيرة من طراز «صماد 3»، مؤكداً أن الهجوم جاء «بعد عملية رصد ومعلومات استخبارية». وأفاد الناطق باسم القوات المسلحة اليمنية، شرف لقمان، بأن استهداف المطار «أدى إلى توقف حركة الطيران لبعض الوقت»، في حين بيّنت خرائط مواقع متخصصة في مراقبة حركة الملاحة تراجع الحركة تدريجاً تزامناً مع الإعلان عن العملية. ولم تفارق الإمارات موقف النفي الذي كانت أعلنته أيضاً لدى استهداف مطار أبو ظبي في الـ26 من تموز/ يوليو الماضي، لكنها وجدت هذه المرّة الفرصة أكبر لعدم اللجوء إلى تمويه الهجوم بالحديث عن وقائع «عرضية»، إذ نفت هيئة الطيران المدني الإماراتي، أمس، وقوع غارة على مطار دبي، قائلة إن «حركة الملاحة الجوية في دولة الإمارات تسير بشكل اعتيادي وطبيعي»، بينما تحدث مطار أبو ظبي، الشهر الفائت، عن «وقوع حادثة تسبّبت بها مركبة لنقل الإمدادات في ساحة المطار».
«أنصار الله»: الأمم المتحدة تلعب في هامش ضيق ولن تخرج من الموقف الأميركي


وبمعزل عن الأثر الذي خلّفته الغارة على مطار دبي، فإن مجرد وقوعها يحمل قيمة رمزية عالية، تشي بالمستوى الذي بلغته القدرات الجوية اليمنية، وتستبطن رسالة مفادها أن «جميع المناطق الاستراتيجية للإمارات باتت في مرمى نيران سلاح الجو المسير»، وفق ما جزم به أمس الناطق باسم القوات المشتركة. ونبّه لقمان السلطات الإماراتية إلى «(أننا) لا نضع كل أوراقنا في سلة واحدة، وهنالك المزيد من المفاجآت». وهو ما شدّد عليه، أيضاً، الناطق باسم «أنصار الله»، محمد عبد السلام، الذي سخر من النفي الإماراتي المتكرر للغارات اليمنية على المواقع الحيوية في الإمارات، قائلاً إن «النظام الإماراتي سيجد نفسه قريباً أمام حقائق يصعب عليه مغالطتها أو تكذيبها»، تماماً كما وجدت السعودية نفسها أمام تحدي الصواريخ الباليستية، التي أعلنت في الساعات الأولى من «عاصفة الحزم» تمكّنها من تدميرها، ليتبيّن بعد مرور أكثر من 3 سنوات على الحرب أن هذه القوة أضحت في أعلى مستوياتها، وأنها تشكّل تهديداً جدياً للمملكة التي لا تفتأ تبثّ الشكوى منها في مختلف المحافل.
شكوى جدّدها أمس المتحدث باسم «التحالف»، تركي المالكي، لدى إعلانه اعتراض صاروخ باليستي أُطلِق من صعدة باتجاه جازان، إذ كرّر القول إن «هذا العمل العدائي يثبت استمرار تورط النظام الإيراني بدعم الميليشيا الحوثية بهدف تهديد أمن المملكة». وكان المالكي اعترض، في وقت سابق، على التصريحات الأممية بشأن مجازر «التحالف» في اليمن، مُتّهماً مسؤولي الأمم المتحدة بـ«اتخاذ مواقف غير حيادية، والتسويق للرواية الحوثية». ويجلّي الاعتراض المتقدم حجم الانزعاج السعودي من تزايد إدانات المنظمة الدولية للمملكة، وأحدثها ما جاء على لسان مساعد الأمين العام للأمم المتحدة، مارك لوكوك، الذي اتهم «التحالف» بالمسؤولية عن المجزرة الأخيرة في مديرية الدريهمي (جنوب مدينة الحديدة)، والتي راح ضحيتها 31 مدنياً معظمهم أطفال.
هذه المجازر المتلاحقة لا تجد سلطات صنعاء بداً من الرد العسكري عليها، وإن كانت 9 أيام فقط تفصل أطراف النزاع عن انعقاد جولة جديدة من مشاورات السلام في مدينة جنيف السويسرية. جولة لا تزال «أنصار الله» على تشاؤمها بها، بالنظر إلى أن «الأمم المتحدة تلعب في هامش ضيق، ولن تخرج من الموقفين الأميركي والبريطاني، والمال السعودي والإماراتي»، بحسب ما أكد أمس الناطق باسم الحركة. وإلى جانب هشاشة الموقف الأممي، تأتي محدودية الإطار الذي ابتدأ به مندوب المنظمة الدولية، مارتن غريفيث، والذي لا يضمن «حلاً سياسياً يتمثل بالرئاسة والحكومة وبالترتيبات الأمنية كمبادئ أساسية ومنطلقات لحل شامل» وفق ما طالب عبد السلام، وهذا ما يضيف عامل ضعف آخر إلى محادثات جنيف.