هل بدأ منح «صكوك الصلح الاقتصادي»؟

  • 0
  • ض
  • ض

تزايد عدد المؤتمرات والمعارض المخصّصة لبحث «إعادة إعمار سوريا» بشكل ملحوظ في العام الجاري. المحبط أنّ معظمها اهتمّ باستعراض «الحاجة العمرانية» بدلاً من «الحاجة الاستخراجية»، باستثناء مؤتمر يتيم ركّز اهتمامه على الصناعات المطلوبة فوضع نواةً لأربعة مشاريع صناعيّة كبرى، وفتح «شبابيك» مناسبة لدخول شركات كثيرة إلى السوق السوريّة. اللافت أن معظم هذه الشركات يمكن تصنيفها تحت خانة «شركات وسيطة» أو «واجهات» لشركات كبرى ودولٍ كانت قد اختارت الضفّة المعادية لدمشق في خلال الحرب. وكما كان متوقّعاً، فقد بدأت هذه الجهات ترى في «كعكة إعادة الإعمار» إغراءً يستحقّ البحث عن «صكوك الصلح الاقتصادي». دولة الإمارات كانت أوّل السّاعين إلى دمشق (بعد الدول الحليفة) للبحث في ما يمكن عمله، تلاها الأردن الذي تسابق تجّاره إلى عقد اجتماعات مع بعض المفاصل الاقتصادية، وتواردت أنباء عن مشاركة متوقّعة لوفد يضم ثمانين رجل أعمال أردني في «معرض دمشق الدولي». تتصدّر «الصناعات الاستخراجيّة» قائمة اهتمامات الدولتين ولا سيّما قطاع «البتروكيماويّات». والواقع أنّ هذا القطاع واحد من أشد القطاعات السوريّة تضرّراً، وما لم يتمّ «إعماره» فإنّ سوريا ستظلّ في حاجة إلى سوقَي الأردن ومصر، وربّما إلى أسواق الهند والصين وأوروبا أيضاً. كذلك؛ ثمّة معلومات عن وساطةٍ إيرانيّة تسعى إلى منح «صكّ مصالحة اقتصادي» لإحدى الدول الخليجية التي كانت رأس حربة ضدّ الدولة السوريّة خلال الحرب. ومن المتوقّع أن تكرّ السبحةُ ويتزايد الساعون للحصول على نصيبهم من «الكعكة». وبرغم أنّ «المؤتمرات» قد لا تجلب مالاً مباشراً للدولة السورية، فإنّها كفيلةٌ باجتذاب الأدوات، ومنح دمشق الفرصة في البحث عن الطريقة الأمثل لتوفير احتياجات «إعادة الإعمار» المقدّرة بـ 400 مليار دولار (ديون، أو مساهمات، أو شراكات... إلخ). ثمّة عقبة أساسيّة قد تُؤدي إلى حرمان الاقتصاد السوري من اقتناص «الفرصة»، وهي التفكير في «تسويق الأسهل» بدلاً من تسويق «الأكثر ربحيّة»، وتفضيل الحلول «الأيسر» على الحلول المستدامة. وبمعنى آخر، فإنّ الخوف قائم من اقتصار خطط الاقتصاد السوري على «إعادة الإعمار» بمعناها السطحي بدلاً من التخطيط لبناء هيكل اقتصادي. تعيش الدولة الآن «مزاجاً انتصاريّاً»، لكنّ هذا لا يجب أن يحرف الانتباه عن ضرورة وضع خطّة ومنهج لكل تفصيل اقتصادي بعيداً عن «اقتصاد الصدفة» و«الفقاعات الإعلاميّة»، بعيداً عن «الاسمنتيّات» وقريباً من لقمة الناس.

0 تعليق

التعليقات