لا تبدو الولايات المتحدة الأميركية راضية عن خطوة الحوار التي خطاها «مجلس سورية الديمقراطية» تجاه الحكومة السورية، وبطلب من الأخيرة. وهو ما ظهر من خلال التصرفات الأميركية الراغبة في إمساك أوراق الحل في الشرق السوري من خلال محاولة فرض هيمنة عسكرية وسياسية، على قرار القوى الموجودة في مناطق انتشارها. فبعد خطوات عدة اتخذتها «مسد» تجاه الحكومة السورية من خلال إدخال موظفين حكوميين إلى مباني سدود «الفرات – البعث - تشرين»، بالإضافة إلى مبنى مستشفى الطبقة الوطني، والتصريح لاحقاً عن أول زيارة لوفد من شمال سوريا إلى دمشق، وإعلان تشكيل لجان لمتابعة التفاوض على أساس «اللامركزية»، أتت سلسلة خطوات أميركية لتعبّر عن عدم رضى عن مسار الحوار المعلن. وبرزت هذه التصرفات بزيارة مفاجئة للسفير الأميركي السابق في البحرين وليام روباك، المكلّف من الرئيس دونالد ترامب، لمدينة الطبقة ولقائه بعدد من الشخصيات، من بينها تلك التي زارت دمشق. ونقلت مواقع «كردية» عن روباك قوله للشخصيات التي التقاها «تعهده ببقاء قوات التحالف في المنطقة لمنع حدوث فراغ أمني أو خلل عسكري»، مع تأكيده أن «الرئيس ترامب لا يعتزم سحب قواته في سوريا، لدعم عملية الاستقرار في المنطقة». وأضاف أنه «سيطلع على أوضاع المناطق المحررة واحتياجاتها وتقديم المعونة والمساعدة للمدنيين المحتاجين».وتزامنت زيارة روباك مع إعلان منظمة «الخوذ البيضاء» افتتاح أول مكتب لها في مناطق سيطرة «قسد» (قوات سورية الديموقراطية) في مدينة معبدة في الريف الشمالي الشرقي لمحافظة الحسكة، وبدعم من لندن. كذلك وصلت معدات عسكرية وأخرى متعلقة بأعمال إنشائية ومدنية، لدعم خطة «إعمار الرقة» التي يعمل عليها «التحالف» الدولي بالتعاون «مجلس الرقة المدني».
أعلنت منظمة «الخوذ البيضاء» افتتاح أول مكتب لها في ريف الحسكة


في السياق، اجتمع المجلسين التنفيذي والتشريعي لـ«مقاطعة الجزيرة» مع رؤساء بلديات المنطقة، لإبلاغهم أنه سيتبعون قريباً لهيئة تنفيذية تابعة لـ«مجلس سورية الديمقراطية»، وذلك ضمن خطة الأخيرة بالإعلان قريباً عن «حكومة شمال سوريا»، في خطوة لا تبدو أنها متوافقة مع مسار التفاوض.
وتتحدث مصادر عديدة عن أن التقييم الأولي لقادة «قسد» لتفاصيل الحوار مع الحكومة السورية، أنها لم تلقَ الرضى، وتأتي دون الطموح، وهو ما عبّرت عنه الرئيسة التنفيذية لـ «مسد»، إلهام أحمد، في تصريحات إعلامية كشفت فيها أن «الحكومة السورية لم تقدم أي ضمانات» وأنهم «لن يسلموا أي منطقة للجيش السوري» في ضوء المفاوضات الحالية.
ومن خلال ما سبق يتضح أن واشنطن تريد استخدام ورقة الشمال السوري لدفع الكرد نحو رفع سقف مطالبهم من الحكومة السورية، بالإضافة إلى التلويح بورقة استمرار وجودها في المنطقة، للضغط على الروس لتحقيق معادلة، خروج إيراني من سوريا، يقابله خروج لقوات «التحالف» من الشمال والشرق السوري.
في المقابل، أكدت مصادر مطلعة على مسار الحوار بين «مسد» ودمشق، لـ«الأخبار»، أن «التصرفات التي تقوم بها أميركا طبيعية وشبه روتينية، ولا علاقة لها بعرقلة أي تفاوض أو حوار مع الحكومة السورية». وأضافت المصادر أن «هناك توافقاً روسياً – أميركياً على فتح قناة تفاوض، وأن ما حصل لاقى أصداءً مقبولة لديهم».
بدورها، أكدت مصادر قيادية من «مسد» أن «أميركا تدعمهم عسكرياً ولا تتدخل كثيراً في المسار السياسي، لكونها لم تعلن دعمها السياسي»، لافتة إلى أن «واشنطن لن تقف عائق في وجه أي اتفاق مع الحكومة السورية».