وتأتي هذه العملية في وقت كانت القوات الموالية لـ«التحالف» تتحضّر لشنّ هجوم باتجاه مركز مديرية الدريهمي، سعياً للتقدم منه مجدداً صوب مدينة الحديدة. لكن الخسائر التي مُنيت بها تلك القوات، أمس، من شأنها عرقلة خططها في المديريات المحاذية للشريط الساحلي، تماماً مثلما جرى لها في المناطق الداخلية من المحافظة، حيث لمست أخيراً صعوبة عبور المزارع الفاصلة بين مديريتي التحيتا وزبيد. واقعٌ لا يبدو أن معطياته ستتبدّل في خلال الأيام المقبلة، في ظلّ إصرار الجيش واللجان على تحويل «الدريهمي وغيرها من مدن الساحل الغربي إلى مقبرة لقوى العدوان» وفق ما أكد أمس الناطق باسم «أنصار الله» محمد عبد السلام، جازماً أن «العمليات العسكرية النوعية لأبطال الجيش واللجان ستستمر في محيط الدريهمي». وتحدث عبد السلام، في تصريحات صحافية، عن عملية الأمس، لافتاً إلى أن «المجاهدين رفعوا أعداد الأسرى من 35 أسيراً في فترة الظهيرة، إلى 60 أسيراً مع عصر اليوم (أمس)، إضافة إلى إبادة كتيبة عسكرية بعتادها البشري والمادي».
تصاعدت وتيرة الاحتجاجات في مدينة عدن على تردي الأوضاع المعيشية
هذا التصاعد في عمليات القوات المسلحة اليمنية على الساحل الغربي لا يمنع اشتغال «أنصار الله» على خط التحضّر للمشاورات المرتقبة في جنيف، وإن كان المأمول منها قليلاً بحسب ما أعلن أول من أمس المجلس السياسي للحركة، موضحاً أن مشاركة «أنصار الله» إنما تأتي «من باب الواجب، وأيضاً لقطع الذرائع كافة». وعلى رغم تشاؤم الأطراف جميعهم بما يمكن أن تؤول إليه الجولة الجديدة من المحادثات، إلا أن المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، يواصل جهوده من أجل انعقادها. وفي الإطار المتقدم، أفيد أمس عن لقاء تشاوري سيجري في العاصمة البريطانية لندن للتهيئة لمشاورات جنيف، يحضره ممثلون عن المكونات كافة، ويناقش فرص استئناف العملية السياسية والتحديات الماثلة أمامها.
تحضيرات تتفاوت التقديرات في شأن مستوى الدعم الغربي لها ولما سيتبعها من خطوات، لكن التصريح الذي أدلى به أمس وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش، تعليقاً على بيان للاتحاد الأوروبي دان المجزرة الأخيرة في الحديدة مُحمِّلاً «التحالف» المسؤولية عنها، يمكن عدّه مُعزِّزاً للانطباع بأن الأوروبيين يريدون الدفع باتجاه وقف الحرب. إذ وصف قرقاش الموقف الأوروبي بأنه «أضعف في تناوله للانتهاكات الحوثية للوضع الإنساني، وحقيقة أن انقلاب الأقلية وبدعم إيران والسلاح سبب أزمة اليمن»، في وقت أعلنت وزيرة الدولة لشؤون التعاون الدولي الإماراتي ريم الهاشمي «(أننا) سنواصل دعمه (المبعوث الأممي) وما يراه ضرورياً لمحاولة جلب كل الأطراف إلى الطاولة». ومع ذلك، يصعب الحديث عن قوة حقيقية ضاغطة من أجل فتح باب التسوية السياسية، خصوصاً أن الموقف الأميركي لا يزال على حاله لناحية تأمين الغطاء الداعم لاستمرار العدوان.
على خطٍّ مواز، تزايدت حدّة التوتر في مدينة عدن (جنوب اليمن) مع خروج المزيد من التظاهرات المطالِبة بتحسين الأوضاع المعيشية، في ظل استمرار تدهور سعر صرف العملة اليمنية، وعجز حكومة الرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي عن وضع حدّ للأزمة. وشهدت، أمس، مديريات الشيخ عثمان ودار سعد والمعلا احتجاجات غاضبة على تردي مستوى الخدمات وارتفاع الأسعار وانقطاع المرتبات والانفلات الأمني. احتجاجات حاول «المجلس الانتقالي الجنوبي»، الموالي لأبو ظبي، والمتهم بالشراكة في ما آلت إليه الأوضاع في المحافظات الجنوبية، ركوب موجتها، بدعوته إلى «إقالة حكومة الفساد، وتشكيل حكومة كفاءات وطنية نزيهة لإدارة البلاد».