ندرة الخبز رافقها ارتفاع في الأسعار، وصل إلى الضعف، علماً بأنّ رئيس «اتحاد المخابز بولاية الخرطوم» بدر الدين الجلال، ينأى بنفسه أمام هذا الواقع، وهذا ما يفعله أصحاب المخابز أيضاً. وفي حديث إلى «الأخبار»، يقول الجلال إنّ السؤال عن أسباب زيادة أسعار الخبز يُوجّه إلى الحكومة وإلى وزارة المال وإلى أصحاب المطاحن، وليس إلى أصحاب المخابز، «فنحن المتلقي الأخير ولا علم لنا بقرار زيادة أسعار الخبز. لسنا نحن من يتخذ القرار». ويلقي الجلال باللائمة على أصحاب المطاحن في عودة «صفوف الخبز»، قائلاً: «نعاني من شح في كمية الدقيق ومن نقص في حصص المخابز أديا إلى وقوف الناس في صفوف»... لكن عند سؤال أصحاب المطاحن عن «نقص الحصص»، يبررون الأمر بدروهم بـ«انقطاع التيار الكهربائي».
خبير اقتصادي: ما يحدث الآن هو مظاهر للأزمة وليس الأزمة نفسها
في قلب هذه الدائرة، كثيراً ما تعلن الحكومة عن «حزمة من الإصلاحات الاقتصادية» كلما مرت البلاد بضائقة اقتصادية، لكن من دون أن تنعكس تلك السياسات على أرض الواقع. ورغم تدخل مؤسسة الرئاسة السودانية لضبط سوق النقد الأجنبي، فإنّ تلك السياسات لم تُسهم في وقف ترنّح الجنية السوداني أمام العملات الأجنبية، إذ يشهد سوق العملات في الخرطوم ارتفاعاً في أسعار العملات الأجنبية، وبوتيرة متسارعة. وقابل الارتفاع في أسعار العملات الأجنبية ضعف في العرض وزيادة في الطلب عليها.
تبريرات الحكومة تبدو غير منطقية بالنسبة إلى الخبير الاقتصادي خالد التجاني، الذي يعيد الأزمة الاقتصادية بمجملها إلى «العقلية التي تدير الدولة وتحديد أولوياتها»، مضيفاً أنّ ما يحدث الآن بما يخص أزمة الخبز والوقود وانخفاض سعر الجنية هو مظاهر للأزمة وليس الأزمة نفسها. ويقول: «هناك فشل في إدارة الأولويات في الدولة، ينسحب على الاقتصاد»، مضيفاً في سياق الحديث إلى «الأخبار» أنّه «إذا لم يحدث تغيير في العقلية التي تحكم البلد، فلا يوجد مستقبل للسودان. تغييرٌ بحيث يتشكل نظام حكم يحدد أولويات الدولة».
ووفق التجاني، فإنّ الأزمة آخذة في التصاعد نتيجة عدم اعتراف الحكومة بجذور المشكلة، ونتيجة انشغالها بانتخابات 2020 الرئاسية، ولأنّ الأزمة وصلت إلى مدى لا يمكن التعامل عنده «بحلول ترجيعية». ويختم التجاني حديثه قائلاً: «يتضح أن الحكومة مشنغلة الآن بانتخابات 2020، وهي أشياء أبعد ما تكون عن هموم المواطنين. هم لا يشعرون بالواقع، وهذا ما سيؤدي إلى فرض تغيير غير متوقع، وهذا شيء خطير».