القاهرة | عندما جلست المذيعة خلود زهران، لتحاور النائب البرلماني طارق الخولي، عبر شاشة التلفزيون، سألته عن رواتب النواب وعن زيادتها في الفترة الأخيرة. ردّ الأخير بديبلوماسية على المذيعة التي اعتادت محاورة الرئيس عبد الفتاح السيسي، في جلسات «اسأل الرئيس»، كما أنّها ستحاوره في منتدى شباب الجامعات بعد أيام. أبدى الخولي استعداده لتخفيض ما يتقاضاه من مكافآت نظير تواجده في مجلس النواب، لكنّ المذيعة الشابة تدركُ أنّها لن تستطيع سؤال الرئيس عن رواتب الوزراء ومعاشاتهم التي قفزت خلال الشهر الماضي بموافقة برلمانية أعقبها تأييد رئاسي. وهي لن تستطيع أيضاً أن تسأله عن أسباب موافقته على قوانين تتضمن العديد من الضرائب، التي تزيد من الأعباء على المواطنين وتقلل من الدور الذي يجب أن تلعبه الحكومة في تحقيق إيرادات بدلاً من الاعتماد على الضرائب والرسوم، التي يدفعها المواطنون بعدما قفزت بثلاثة أضعاف في المتوسط فضلاً عن استحداث مزيد من الرسوم لم تكن موجودة من قبل.لن تستطيع زهران أن تطرح أسئلة الناس الحقيقية على السيسي، فالجنرال المصري لن يقبل سوى بالأسئلة المنتقاة مسبقاً من رجل الأعمال محمد السعدي، وهو صاحب «وكالة سعدي – جوهر للإعلان»، التي تحولت إلى غول للإعلانات في مصر، بعد اعتمادها كوكيل رسمي من الرئاسة في جميع الفعاليات لتكون الشركة المسؤولة عن الترويج والتسويق داخل مصر وخارجها، مع وضع اسمها على جميع الأنشطة التي تنفذها لمصلحة الدولة.
صحيح أنّ السيسي أطلق مبادرة «اسأل الرئيس» لتلقي استفسارات الطلاب عبر صفحة المؤتمر على موقع «فايسبوك»، إلا أنّ اللافت أنّ الأسئلة نفسها تكررت بصيغ مختلفة عن موعد الشعور بالتحسن الاقتصادي ونتائج المشروعات التي يتم تنفيذها في وقت لا تزال الحكومة تقوم بتحريك الأسعار ارتفاعاً. ومعلوم أنّ الإجابات ستكون على شاكلة أنّ على المواطنين الصبر لحين جني ثمار المشروعات «على المدى القريب جداً».
التخوف الأكبر في الوقت الحالي هو من رد فعل الشباب المشاركين


وفق هذه الخلفية، سوف يشهد يوم السبت المقبل انطلاق «المؤتمر القومي السادس للشباب» في إطار المبادرة التي أطلقها الرئيس المصري نهاية عام 2016 والقاضية بعقد مؤتمرات دورية مع الشباب «للاستماع إلى آرائهم والتحاور معهم وعرض الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية عليهم في محاولة لتقريب الفجوة بين الدولة والشباب». لكن هذه المرة اختار السيسي أن يكون حديثه موجهاً لشباب الجامعات من داخل جامعة القاهرة (أعرق الجامعات المصرية وأقدمها على الإطلاق)، ومن القاعة نفسها التي خاطب منها الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، العالم الإسلامي عام 2009.
وعلى رغم أنّه كان يُفترض بالسيسي التوجه لجامعة القاهرة من أجل إطلاق نظام التعليم الجديد قبل أسبوعين، فإنّ مدير الاستخبارات العامة اللواء عباس كامل اقترح استغلال الزيارة وتحويلها لمؤتمر شباب يُقام على مدار يومين، ويكون مؤتمراً جديداً يعقد في القاهرة لشباب الجامعات، وهي الفئة التي تؤكد التقارير الموجودة أمام السيسي أنّها الأكثر عزوفاً عن المشاركة في الحياة السياسية وتعاني من إحباطات.
ومن المعروف أنّ «مؤتمر شباب الجامعة» المرتقب سيكون أول مؤتمر يشرف عليه اللواء محسن الفنجري، وهو مدير مكتب الرئيس الجديد، وسيكون إلى جوار اللواء عباس كامل، في وقت تُثار تساؤلات عن مدى استمرار التوافق حول «أمور لوجستية محددة» بين الرجلين.
لا يُتوقع أن يخرج المؤتمر بتوصيات مهمة أو قرارات ذات فاعلية، خصوصاً أنّ جميع الجوانب الاقتصادية والسياسية في البلاد مستقرة ومقررة مسبقاً، حتى الحكومة تقوم بتنفيذ أجندة لم تضعها، وكذلك وزراؤها. لكن التخوف الأكبر في الوقت الحالي هو من رد فعل الشباب المشاركين في المؤتمر، وهم الشباب الذين تسعى الجهات الأمنية لاختبار آرائهم السياسية قبل السماح لهم بالحصول على موافقة رئاسة الجمهورية من أجل حضور الفعاليات، خصوصاً أنّ هناك نحو 700 طالب يُفترض أن توجه لهم الدعوات للحضور، نظراً لأن الطاقة الاستيعابية للقاعة تصل إلى نحو 1100 شخص.