تونس | نجح رؤساء الكتل في المجلس الوطني التأسيسي في تونس في التوصّل الى صيغة توافقية حول الفصل ١٠٣ المتعلق بالسلطة القضائية، وأصبحت صيغة الفصل تنص على أن «يسمى القضاة السامون بأمر رئاسي بالتشاور مع رئيس الحكومة بناء على اقتراح» حصري «من المجلس الأعلى للقضاء».
وكان هذا الفصل قد تسبب في إيقاف المجلس التأسيسي منذ يومين، وهددت كتلة حركة النهضة بسحب الثقة من رئيس المجلس مصطفى بن جعفر، إذا استجاب لمطلب المعارضة بتعليق أشغال المجلس الى حين التوافق حول الصيغة النهائية لهذا الفصل، لكن بن جعفر تمسك بموقفه، واستقبل ممثلين عن النقابة الوطنية للقضاة، وجمعية القضاة التونسيين، ووعدهم بإيجاد صيغة توافقية تمنح السلطة القضائية الاستقلالية الكاملة، اذ اقترحت «النهضة» وبعض حلفائها مثل مجموعة حركة وفاء وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية، أن يعين القضاة السامون بأمر من رئيس الحكومة، باقتراح من وزير العدل، وكذلك النقل، وهو ما رفضته المعارضة، التي عدّت ذلك امتداداً لنظام زين العابدين بن علي، الذي كان يتحكم في جهاز القضاء عبر النقل والترقيات والتعيينات في المناصب القضائية العليا.
هذه الصيغة التوافقية ستنهي الجدل حول هذا الفصل، الذي اضطر القضاة بكل رتبهم واختصاصاتهم الى الدخول في إضراب مفتوح بمساندة قوى المجتمع المدني. وبرغم ان معركة الفصل ١٠٣ انتهت، الا ان التجاذبات في المشهد السياسي التونسي لم تنته. ففي الوقت الذي يفترض فيه أن يعلن اليوم، رئيس الحكومة المكلّف مهدي جمعة، تشكيلة حكومته الجديدة، على ان يقدمها الى المجلس التأسيسي غداً أو الاثنين لتنال الثقة، شكك عدد من المتابعين في هذا المسار، بعد ما صرّح به وزير التجارة عبد الوهاب معطر.
لقد أعلن القيادي في حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، أول من أمس، أن الحكومة الجديدة لن تتسلم مهماتها قبل أن يوقّع علي العريض، الدستور الجديد في احتفال قال إنه سيكون كبيراً.
واضح من خلال تصريح معطر ان الترويكا تريد ان توقّع الدستور حتى يُكتَب باسمها في تاريخ تونس، فيما حذر ١٣حزباً مشاركاً في الحوار الوطني أول من أمس في بيان، من محاولة بعض «الأطراف» الالتفاف على توافقات الحوار الوطني وإفراغها من محتواها.
في سياق متصل رفعت مجموعة من المحامين أمس قضية استعجالية لدى المحكمة الإدارية، لإبطال مؤتمر التنظيم العالمي للإخوان المسلمين، الذي تحتضنه تونس العاصمة منذ يوم أمس، ويُختَتَم غداً تحت شعار «نصرة حركة حماس والقدس».
ورأى عشرون محامياً أن «تونس وقّعت اتفاقية دولية لمحاربة الإرهاب سنة ١٩٩٨، وبالتالي ليس من حقها استقبال إرهابيين من التنظيم العالمي للإخوان المسلمين، الذي يتآمر على أمن مصر».
وفشل التنظيم في عقد مؤتمره في تركيا بسبب الأزمة التي يعيشها نظام رجب طيب أردوغان.
من جهته، نفى زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي، علمه بانعقاد المؤتمر برغم تغطيته من وسائل اعلامية تونسية، وذلك في حوار مع اذاعة «شمس اف ام»، التي صادرتها الدولة بعد الثورة اذ كانت مملوكة لكريمة بن علي.
الغنوشي قال إنه لا علاقة لحزبه بهذا الاجتماع ولا بالتنظيم العالمي للإخوان، لكنه في المقابل أكد أن تونس مستعدة لمنح اللجوء السياسي لقيادات الاخوان في مصر إذا طلبوا ذلك تطبيقاً لمعاهدات الأمم المتحدة الخاصة باللجوء السياسي، على حد قوله.
وأججت تصريحات الغنوشي غضب الناشطين السياسيين، اذ انه لا يملك اي أحقية لاتخاذ قرارات من هذا القبيل، باعتبار انه لا يتحمل أي مسؤولية في الدولة. ورأى معارضون ان تصريحات الغنوشي في هذا الصدد تؤكد انه الحاكم الفعلي في البلاد.
وفيما ينتظر الشارع التونسي بفارغ الصبر مغادرة حكومة العريض و«كل ما ترتب عليها من حكام محليين) ومجالس بلدية، أصدر زعيم تنظيم أنصار الشريعة الاسلامي المتشدد، أبو عياض، تسجيلاً صوتياً دعا فيه الى المصالحة بين التيارات الاسلامية المتقاتلة في سوريا.
وبحسب بعض الخبراء الأمنيين يعتقد ان هذا التسجيل قديم، يُراد من بثّه الآن التشويش على المسار السياسي، وإقناع أبو عياض أنصاره بانه لا يزال حراً طليقاً بعد تداول أنباء عن اعتقاله في ليبيا منذ ثلاثة أسابيع.