غزة | بمجرد أن انتهت جولة المواجهة الأخيرة بين المقاومة الفلسطينية والعدو الإسرائيلي والأخير يواصل ضغطه على قطاع غزة ميدانياً وإعلامياً، إذ بث أخباراً مكثفة عن قرب الذهاب إلى حملة عسكرية جديدة قارناً إياها بمناورات جارية واستدعاء للاحتياط، إضافة إلى اتخاذه إجراءات أخرى على المعابر مع القطاع، فيما استهدف موقعين متقدمين لوحدات الرصد في المقاومة (شمال ووسط). وتفيد مصادر في المقاومة، في حديث إلى «الأخبار»، بأنها رصدت خلال اليومين الماضيين تعزيزات إسرائيلية على الحدود، وذلك بالتزامن مع إعلان سلطات الاحتلال إغلاق معبر كرم أبو سالم (المعبر التجاري الوحيد لغزة) كلياً حتى الأحد المقبل، باستثناء مرور الأدوية، وسمحت بمرور 65 شاحنة من أصل 300 كانت تدخل يومياً للقطاع. وفي الوقت نفسه، قررت البحرية الإسرائيلية تقليص مساحة الصيد من ستة أميال بحرية إلى ثلاثة. وشملت قائمة المنع الإسرائيلية للبضائع غاز الطهي والمحروقات بأنواعها والثلاجات وقطع وزيوت غيار السيارات والأجهزة الكهربائية ومواد التنظيف والبناء، وهو ما أدى إلى أزمة وقود سريعة في غزة.
وبينما رأت فصائل فلسطينية، ومنها «حماس»، أن هذه التضييقات «أساليب قديمة جديدة أثبتت فشلها، ولن تنجح في انتزاع أي مواقف تتعلق بالثوابت الوطنية»، بدأت مباشرة جولة وساطات جديدة أمس، كان على رأسها المنسق الخاص للأمم المتحدة لـ«عملية السلام» في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، الذي التقى أمس، رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، إسماعيل هنية، وتباحثا في رسائل نقلها ملادينوف عن الجانب الإسرائيلي حول «تجنيب القطاع حرباً جديدة». ويقول ملادينوف إنه يسعى إلى ضمان تهدئة لسنوات عدة يمكن العمل خلالها على تحسين الواقع الاقتصادي والمعيشي في غزة مقابل ضمان الهدوء ووقف الأعمال العسكرية.
نفت القاهرة أن تكون قد قررت التراجع عن فتح معبر رفح


على طرف قريب، لا يزال السفير القطري في الأراضي الفلسطينية محمد العمادي يواصل تحركاته للتوصل إلى تهدئة بين «حماس» وإسرائيل، قائلاً إن الطرفين «انخرطا في محادثات غير مباشرة حول قضايا متعددة تتعلق بالصراع بعيداً عن مصر». وأضاف: «إسرائيل وحماس لديهما فهم ضمني بعدم التصعيد والوصول إلى حرب شاملة، والرسائل التي كنا ننقلها كانت صحيحة، لأن قطر تتمتع بصدقية وتحظى باحترام الجانبين». لكن العمادي نبه إلى أن إسرائيل «تريد تغيير الديناميكيات (قواعد الاشتباك) مع حماس، لأنها أرادت الرد على الطائرات الورقية والبالونات الحارقة التي تطلق من غزة»، مشيراً إلى أنه التقى مسؤولين أميركيين وأوروبيين الشهر الماضي في الدوحة، واقترحوا «مشاريع جيدة للغاية، مثل الكهرباء والمياه وخلق فرص عمل وتطوير تقنيات الإنترنت... من الصعب جداً تمويل إعادة إعمار غزة في حالة حرب أخرى مدمرة».
في الجهة المقابلة، عاد وفد «حماس» برئاسة القيادي في الحركة خليل الحية إلى غزة مساء أمس بعد عقده لقاءات مع قيادة جهاز «الاستخبارات العامة» المصرية في القاهرة، تمحورت حول عدد من الملفات «أبرزها العلاقات الثنائية والمصالحة والعروض الدولية لغزة». وعلمت «الأخبار» من مصادر في الحركة أن الأخيرة «وافقت على صيغة عرضتها السلطات المصرية على الوفد حول المصالحة، تتركز في تشكيل حكومة وحدة وطنية يتم تمكينها في غزة مباشرة فور تشكيلها، ورفع العقوبات التي فرضها الرئيس محمود عباس على القطاع، والتجهيز لانتخابات شاملة».
وفي شأن المصالحة، تسلمت «فتح» أول من أمس الرد الحمساوي من السلطات المصرية، وكذلك الرؤية المصرية لتفعيل الملف. وفيما حمل هذه التفاصيل رئيس وفد «فتح»، عزام الأحمد، إلى رام الله، فإنه وعد المصريين بالرد عليها خلال أيام، بعد التشاور مع عباس. وقال الناطق باسم «فتح» عاطف أبو سيف، إن «الأحمد استمع لإجابة من المسؤولين المصريين، ووضعوه في صورة اللقاء مع حماس... موقف فتح ينبني على أساس مدى اقتراب حماس أو ابتعادها من الطرح الذي قدمته فتح إلى مصر». وكانت «فتح» قد طرحت «تمكين حكومة التوافق في غزة أولاً، ثم الذهاب إلى انتخابات رئاسية وتشريعية واستعادة الوحدة الفلسطينية»، فيما تؤجل قضية حل أزمات غزة لما بعد الانتخابات، وهو ما رفضته «حماس» وطرحت تشكيل حكومة وحدة وطنية غير منحازة تمكّن في غزة وتنفذ الانتخابات. أما الأحمد، فقال إن وفد «فتح» الذي زار القاهرة برئاسته لم يلتق «حماس» مطلقاً، مشيراً إلى أنَّ «الاستخبارات المصرية» عقدت لقاءات ثنائية من جانبها مع كل طرف على حدة.
إلى ذلك، نفت السلطات المصرية ما تداولته وسائل الإعلام حول إغلاقها معبر رفح، جنوب قطاع غزة، إلى إشعار آخر، مؤكدةً استمرار فتح المعبر أمام المغادرة والوصول وكذلك المساعدات الإنسانية، وأن سبب الإغلاق كان «عطلاً فنياً في شبكة الاتصالات».