فشلت جولة أخرى من المفاوضات بين وفد الفصائل المسلحة والجانب الروسي، كانت تهدف إلى اجتراح اتفاق «تسوية» يشمل كامل المنطقة الجنوبية، ويحيّد خيار الحسم العسكري. الجولة التي مثّلت رابع لقاء بين الطرفين المفاوضين، انعقدت بعد ضغط أردني على قادة الفصائل، أعاد ممثليهم إلى طاولة التفاوض في بلدة بصرى الشام، برغم الاتهامات التي كالها عديد منهم ضد قائد الفصيل الذي يسيطر على البلدة (شباب السنّة) إثر موافقته على «مصالحة» محلية. الوفد المعارض حمل معه مجموعة من الشروط والبنود تشرح رؤيته لـ«التسوية» المفترضة، وتضمنت في ما تضمنته: تسليم السلاح الثقيل على مراحل، وعودة قوات الجيش السوري إلى خطوط التماس ما قبل انطلاق العمليات (قبل أسبوعين)، وإبقاء الإدارات والسلطات المحلية بيد الفصائل. غير أن تلك الشروط قوبلت، وفق المتوقع، بالرفض، على اعتبارها تحاول فرض واقع لا يتناسب وتوازن القوى الحالي في الجنوب. ومع انفراط عقد الجولة الجديدة، وكالعادة عقب سابقاتها، خرجت الفصائل مهددة بإطلاق معارك شرسة ضد الجيش السوري وحلفائه، ومطالبة بـ«فتح جبهات حماة وإدلب واللاذقية»، في الشمال. وفي المقابل، كثف الجيش استهدافاته المدفعية وغاراته الجوية عقب انتهاء المحادثات والهدنة المؤقتة، وخاصة على مواقع في النعيمة وصيدا والطيبة وطفس. ومن المتوقع أن يصعّد الجيش من عملياته العسكرية عقب هذه التطورات، بهدف إعادة الفصائل إلى طاولة التفاوض تحت ضغط مجريات الميدان. ولا يبدو أن الأردن، بما يملكه من أوراق ضغط على بعض الفصائل، يراهن على غير خيار التفاوض.
يعقد مجلس الأمن جلسة طارئة اليوم لبحث تطورات الجنوب السوري

إذ يصبّ كامل جهده الديبلوماسي والأمني على هذه النقطة حالياً. وسيفضي ذلك ــ على الأرجح ــ إلى جولة جديدة من المفاوضات، يخوضها وفد معارض بمطالب لا تزيد على السقف الذي تعرضه الحكومة والجانب الروسي، وإلا فإن الميدان سيتجه إلى معارك مفتوحة من شأنها أن تعمّق أزمة المدنيين داخل بلدات الجنوب، أو العالقين على الحدود. وبدا واضحاً في إعلان قيادة «العمليات المركزية في الجنوب» فشل المحادثات، أن هناك تعويلاً على «وساطة أممية» تشرف على أي جولة مقبلة. وتزامن ذلك مع اجتماع طارئ يعقده مجلس الأمن اليوم، بدعوة من الكويت والسويد (التي ترأس دورة المجلس الحالية)، لبحث تطورات الجنوب السوري. ومن المتوقع أن تكون الجلسة منبراً لجدل جديد روسي ــ غربي، بشأن سوريا، من دون أن تحقق أي اختراق يغيّر مسار الأحداث الحالي. فروسيا تنسّق بنحو ثنائي خطواتها في ما يخصّ إدارة هذا الملف، مع الأطراف الدولية والإقليمية المعنية فيه. إذ استضاف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، نظيره الأردني أيمن الصفدي، وأكدا ضرورة تنفيذ اتفاق «خفض التصعيد» بما يتضمنه من بنود خاصة بـ«مكافحة الإرهاب». ولفت لافروف إلى أن الاتفاق ينص على «سلسلة معينة من الإجراءات، وبهذا لن تكون هناك قوات غير سورية في المنطقة»، مشيراً إلى أن «الجيش السوري سيسيطر في النهاية على الحدود مع إسرائيل». وشدد على أن البنود المتعلق تنفيذها بالجانب الروسي، قد أنجزت في الغالب، لتبقى «القضية المطروحة الآن هي أن يقوم شركاؤنا بما تعهدوا (به) كجزء من الاتفاق»، موضحاً أن «من الضروري تجنب أي ذرائع لعدم مواجهة الإرهابيين، وعدم طردهم من تلك المنطقة». وكان الوزير الروسي واضحاً في أن الملف سيناقش في لقاء هلسنكي بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأميركي دونالد ترامب.
على الأرض، استكمل الجيش السوري عملياته على محاور صيدا والجيزة والنعيمة والطيبة، وبات يستعد لدخول الأخيرة خلال وقت قريب، ليصل بذلك إلى مشارف معبر نصيب الحدودي. ولم تؤثر مجريات محادثات أمس الفاشلة بمسار المصالحة المحلية في بصرى الشام، فقد تواصلت عملية تسليم السلاح الثقيل، تمهيداً لدخول وحدات الجيش إلى المنطقة والبدء بتسوية أوضاع حاملي السلاح. ومن جانب آخر، أعلن الأردن فتح 3 «معابر إنسانية» مع سوريا، بهدف تسهيل عبور المساعدات للنازحين داخل الحدود السورية. ووفق الأرقام الرسمية، فقد وصل عدد شاحنات المساعدة التي دخلت من الأردن خلال الأيام الأربعة الماضية إلى 122 شاحنة. وبالتوازي، أشار مدير إدارة الدفاع المدني في المفرق الأردنية، خالد الشلول، وفق صحيفة «الغد» الأردنية، إلى أن كوادر المديرية «تعاملت مع 57 حالة لنازحين سوريين، بعدما أحضرتهم الجهات المعنية» إلى المنطقة الحرة الأردنية ــ السورية المشتركة. وبيّن أنه جرى إسعاف 34 حالة وإعادتها إلى الداخل السوري، فيما نُقلت 23 حالة أخرى إلى مستشفى الرمثا الحكومي.