بعد أكثر من أسبوع على بدء العمليات العسكرية على أطراف منطقة اللجاة، بين ريفي درعا والسويداء، استطاع الجيش السوري استعادة السيطرة على معظم المناطق في ريف درعا الشرقي، التي كانت لسنوات طويلة إحدى أبرز معاقل الفصائل المسلحة في الجنوب السوري. وعقب وصول خطوط التماس إلى المناطق القريبة من الحدود الأردنية، والتي تعد بصرى (الشام) أبرزها، دخلت المفاوضات التي يخوضها الطرف الروسي مع تلك الفصائل، برعاية أردنية، مرحلة جديدة، قد تفضي إلى حل ملف كامل المنطقة بين بلدتي الطيبة وبصرى الشام، وجنوباً نحو الحدود، من دون معارك، كخطوة أولى نحو اتفاقات تشمل نصيب وصيدا وكامل المناطق في محيط الطريق الدولي بين معبر نصيب وخربة غزالة. فبعد فشل الطرفان خلال جولة التفاوض الأولى (أول من أمس) التي استضافتها بلدة بصرى، في التوافق على مخرجات أولية، عاد الطرف الأردني للضغط على الفصائل، وكسب جولة تفاوض إضافي مع هدنة مؤقتة. الهدنة، وفق مصادر مطلعة تحدّثت إلى «الأخبار»، تمتد لـ48 ساعة، بدأت من الساعة الثانية عشرة من ظهر أمس الأحد. وهي، بحسب المصادر نفسها، ستكون «آخر فرصة تمنح للمسلحين، للحؤول دون استئناف العمليات العسكرية»، وهي الرسالة التي تم إيصالها إلى الفصائل المسلحة. وخلال لقاء جديد عقد أمس بين وفد عسكري روسي وممثلين «عسكريين ومدنيين» عن الفصائل والهيئات العاملة في ريف درعا الشرقي، تم التوصل إلى تفاهم أوّلي يقضي بتسليم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، تمهيداً لدخول وحدات من الجيش السوري بصحبة دوريات للشرطة العسكرية الروسية إلى تلك المناطق، وفتح معابر للمدنيين الراغبين في الانتقال نحو ريف السويداء الغربي إلى حين استكمال ملف المصالحة. الاجتماع انتهى من دون أن يتم التوقيع على أي بنود مكتوبة، ويتوقع أن يتم نقاش عدد من الشروط الخاصة بآليات «التسوية» للمسلحين ضمن تلك المنطقة، فيما تحدثت أوساط معارضة عن تفارق في الرؤى بين بعض الفصائل واحتمال توقيع بعضها «اتفاقات منفردة». ويفترض أن يندرج ضمن الاتفاق المرتقب ــ إن أُقرّ ــ بلدات بصرى الشام وخربا وجبيب وطيسيا ومعربة والسماقيات وصماد وسمج والمتاعية والطيبة، وعدة قرى صغيرة أخرى. وسوف يسمح إنجاز هذا التفاهم على أرض الواقع للجيش السوري باستعادة السيطرة على الشريط الحدودي مع الأردن، حتى الحدود الشرقية لمعبر نصيب.
تؤكد الحكومة الأردنية حرصها على «مساعدة السوريين داخل بلادهم» فقط

وفي مقابل تطورات ملف التفاوض في الريف الشرقي، شهد محيط مدينة درعا الغربي والشرقي، اشتباكات متفرقة وقصفاً جوياً ومدفعياً نفذه الجيش ضد مواقع المسلحين هناك، في محاولة لمنع أي تواصل بري نشط بين المسلحين داخل أحياء المدينة، وريفيها. وإلى شمال غرب المدينة، كانت جبهة مدينة طفس هي الأعنف أمس، مع رفض المسلحين هناك لاتفاق المصالحة، وسريان أخبار عن تواصلهم مع «جيش خالد بن الوليد» في حوض اليرموك، لكسب دعمه العسكري ضد وحدات الجيش. غير أن «جيش خالد» أكد في بيان أنه لم يتم التوصل إلى أي اتفاق في هذا الشان، محذراً عناصره من أي تواصل مع «المرتدين» (عناصر الفصائل المسلحة) من دون إذن مسبق من قادة التنظيم. وبالتوازي، تقدم الجيش انطلاقاً من غرب بلدتي إبطع وداعل، ليشرف على طفس من الجهة الشمالية، ويمنع أي إمداد قد يصل البلدة من نوى وإنخل، أو من جانب «جيش خالد» في تسيل، في حال تم الاتفاق. واستهدف الجيش أمس مواقع الفصائل داخل البلدة بشكل مكثف، على خلاف الهدوء النسبي في باقي جبهات الريف الغربي والشمالي لدرعا. وساعد تمركز الجيش في إبطع وداعل في التقدم نحو أطراف طفس، إذ دخلت قوات الجيش بلدة داعل (بعد يومين من دخولها إبطع)، وأعلنتها رسمياً خالية من المسلحين، وسط حشود من أهالي البلدة.
وبالتوازي مع ما يقوم به الأردن من جهود، على المستويين الديبلوماسي والأمني، لدعم احتمالات التسويات ومنع المعارك قرب المناطق الحدودية، زار وفد حكومي يرأسه رئيس الوزراء الجديد عمر الرزاز الشريط الحدودي، وبحث مع قادة الجيش والقوى الأمنية الملفات المرتبطة بمجريات الجنوب السوري، وخاصة تدفق النازحين باتجاه الحدود. المبادرة الحكومية الأردنية ترافقت مع تجهيز الجيش الأردني نقطة طبية في المنطقة المشتركة (الحرة) بين معبري جابر ونصيب، لاستقبال بعض الحالات الطبية الطارئة من الجانب السوري، وسط إصرار أردني رسمي على مسألة منع دخول أي نازحين إلى الأراضي الأردنية. ورغم الهدوء النسبي على جبهة القنيطرة وريف درعا الشمالي، فقد عزز الجيش الإسرائيلي من قواته في الجانب المحتل من الجولان، في وقت أكد فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن إسرائيل على تواصل دائم مع روسيا والولايات المتحدة حول التطورات في الجولان، مشيراً إلى مطالبته بـ«التزام صارم باتفاقات فض الاشتباك الموقعة في عام 1974 مع الجانب السوري».