تزعم الإمارات الحرص على ميناء الحديدة وهي التي تعطّل ميناء عدن
وبعدما ثبت فشل الرهان على عملية «سريعة وخاطفة ونظيفة» تم الإعداد لها لأكثر من سنتين أملاً في أن تشكل النهاية المحققة لـ«أنصار الله»، خفّض مسؤولو «التحالف» من سقف لهجتهم، وركنوا إلى تغليف خطابهم بالتباكي على الوضع الإنساني والإغاثي، في وقت ظلّ فيه التلفيق والتزوير ملازِمين للعمل السياسي والإعلامي الخليجي. نموذج من هذه الأساليب ما كتبه السفير الإماراتي في قبرص، سلطان أحمد غانم السويدي، في صحيفة «سيبروس ميل» القبرصية، حيث برّر التدخّل الإماراتي في اليمن بـ«تخفيف آثار الكارثة الإنسانية التي يعاني منها الشعب اليمني»، مدّعياً أن «أنصار الله، بسيطرتها على ميناء الحديدة، تستولي على الإمدادات الإنسانية». والحقيقة التي تناساها السفير المذكور أن ميناء الحديدة يعمل بكامل قوته حتى في ظل الوضع الراهن، وأن المواد الإغاثية والإنسانية تُفرّغ من دون تأخير ولها رصيف خاص في الميناء. كما أن المنظمات الدولية والإنسانية أصدرت العديد من التقارير التي تؤكد تسهيل حكومة صنعاء مرور الشحنات الإغاثية والصحية، في مقابل تقارير أخرى من المنظمات نفسها تتهم «التحالف» بإعاقة وصول المعونات إلى اليمنيين، مثلما أكدت «لجنة الإنقاذ الدولية» التي وصفت التوجه الإنساني لدى السعودية في اليمن بأنه «تكتيك حربي جديد تهدف الرياض من خلاله إلى تعزيز سيطرتها على نقاط دخول المساعدات»، وقبلها «منظمة العفو الدولية» التي شددت على أن الحصار البحري المفروض على الموانئ التي تسيطر عليها حكومة صنعاء يحول دون حصول اليمنيين على الغذاء. والأكثر غرابة في مقال السويدي ادعاؤه رفض «أنصار الله» الاستجابة لجهود الأمم المتحدة المتواصلة منذ أكثر من عام لوضع الميناء تحت إدارة المنظمة الدولية، علماً بأن قائد «أنصار الله» عبد الملك الحوثي، والعديد من مسؤولي سلطات صنعاء، أعلنوا صراحة، وبما لا يدع مجالاً للشك، موافقتهم على هذا المقترح، في حين يرفض «التحالف» الخطة الأممية بشأن الميناء، مُتمسِّكاً بتسليم المدينة كلها لما يسمى «الشرعية».
وفي الوقت الذي يبدي فيه المسؤولون الإماراتيون حرصاً مزعوماً على تشغيل ميناء الحديدة، يعاني ميناء عدن الخاضع لإدارتهم بالكامل من صعوبات مستمرة ومتعمدة، حيث يشتكي التجار من الانتظار لشهور طويلة قبل أن يُسمح لهم بتفريغ بضائعهم، ما يؤدي إلى تلف بعض هذه الشحنات. وكان رئيس النقابة العمالية لميناء عدن للحاويات، سعيد المعاري، أكد في تصريح في آذار/ مارس الماضي أن «ميناء عدن يحتضر بسبب الإجراءات الإماراتية غير المبررة والمتكررة التي تعمل على تأخير دخول السفن، ما يهدّد استمرار النشاط الملاحي في الميناء». تصريح تدعمه عشرات التقارير الصحافية والاستقصائية والتصريحات والمواقف التي تعبّر عن صعوبة الوضع في هذا المرفق.