تتوهّم الإمارات أنها ستستطيع التحكم بمرافق اليمن مثلما كانت تفعل في جيبوتي
تفترض الإمارات والسعودية أن إحاطة جولة غريفيث الجديدة بالتهويل قد يفلح في حمل «أنصار الله» على رفع الراية البيضاء، بعدما أخفقت هذه الاستراتيجية في تحقيق أهدافها بداية المعركة (لدى زيارة المبعوث الأممي لصنعاء). لكن الدولتين تبدوان في ذلك كمن يهدّد بما لا يملك؛ إذ إنهما لا تزالان عاجزتين عن فكّ الحصار عن قواتهما المستنزفة على الشريط الساحلي. ورغم الأنباء المتداولة عن تجهيز ثلاثة ألوية جديدة من أجل تلك المهمة، إلا أن لا شيء يضمن أن لا يكون مصير القادمين هو نفسه مصير من سبقهم إلى الفازة والدريهمي وغيرهما، حيث تواصل القوات المشتركة تنفيذ ضربات نوعية ضد المهاجمين، كان آخرها عملية لوحدة الهندسة العسكرية في الجيش واللجان في الدريهمي، أدت إلى مقتل قائد كتيبة وستة من مرافقيه، فضلاً عن تدمير ست آليات عسكرية متنوعة. استنزاف باتت «ألوية العمالقة» السلفية تعترف به مبطناً، بقولها إن «الميليشيات الحوثية تحاول بشكل مستمر قطع طريق الإمداد من جهتي الجاح والفازة»، كما جاء في تصريح مساء أول من أمس لقائد «اللواء ثاني - عمالقة» أحمد الحجيلي. أكثر من ذلك، لم تعد الميليشيات المدعومة إماراتياً متمسكة بسردية السيطرة على مطار الحديدة التي لا تزال الوسائل الإعلامية الإماراتية ترفع لافتتها، وهو ما يوحي به قول الحجيلي نفسه إن «قوات الجيش الوطني والمقاومة تمكنتا من تأمين محيط مطار الحديدة من الجهات الشرقية والجنوبية والغربية وجزء من الجهة الشمالية». لكن ما لا يقرّ به الحجيلي أن تلك القوات باتت محاصرة في محيط المطار ولا منفذ أمامها سوى البحر، وأن البقية تراجعت إلى الخط الرابط بين الخوخة والدريهمي بعد سيطرة «أنصار الله» على قرية المشيخة الواقعة بين الجاح والمجيليس، وهو ما أدى عملياً إلى توقف محاولات التقدم.
بناءً على هذا الواقع الميداني، تبدو «الشرعية» أكثر واقعية من داعميها، إذ يُنقل عن مصادر سياسية مقربة منها أن «التحالف أطلق المعركة من دون أن يحسبها جيداً، الأمر الذي دفع المجتمع الدولي إلى التحذير من استمرارها». وتضيف المصادر نفسها أن «ثمة مساعي واضحة لوقف المعركة»، وأنه «سيجري إلزام الرياض وأبو ظبي بقبول رقابة أممية على ميناء الحديدة، بدلاً من مطلبهما تحرير الحديدة ومينائها وتسليمهما للشرعية». قد تصحّ تلك التوقعات، لكن في الوقت نفسه قد تصرّ أبو ظبي والرياض على «ركوب رأسهما»، رغم التحذيرات الموجهة إليهما من داخل «بيتهما» من أن القوات الموالية لهما «ستصبح صيداً سهلاً للحوثيين»، وأن «خسارة معركة الحديدة ستؤدي إلى تمكين الحوثي أكثر وتعزيز موقفه في الداخل والخارج». في هذه الحالة، ومع التلويح بـ«عملية عسكرية قادمة ستغيّر موازين المعركة» (رغم الاعتراف بالعجز عن السيطرة على المطار، والحديث عن «الاضطرار إلى الانسحاب إلى محيطه» بحسب ما أفادت به أيضاً مصادر ميدانية في «المقاومة الجنوبية»)، يبدو «التحالف» متجهاً نحو العمل بسياسة «الأرض المحروقة»، التي لن تفيده إلا في تصدر المزيد من القوائم السوداء، بعدما أعلنت الأمم المتحدة، أمس، وضعه على رأس قائمة منتهكي حقوق الأطفال في مناطق النزاعات، بحصده أرواح أكثر من 600 من الضحايا الأطفال في حرب اليمن.