برغم التوتر المتصاعد على جبهات ريف درعا الشرقي، ما زال خيار إطلاق معارك واسعة هناك مرتبطاً بمصير التفاوض بين روسيا والدول المعنية بمنطقة «خفض التصعيد» في الجنوب السوري، وتأثير ذلك بمسار «التسوية السياسية» المنشَّط أخيراً في جنيف. ولا يعني هذا الارتباط تحييد الخيار الميداني بنحو كامل، بل يمكن قراءة تأجيل موعد التحرك العسكري، كفرصة لخيار المصالحات والتفاهمات الدولية، لكسب ما أمكن من دون قتال أو خسائر. في المقابل، إن القصف المتبادل بين الجيش والفصائل المسلّحة على البلدات الواقعة قرب الحدود الإدارية بين محافظتي السويداء ودرعا، يدلّ بوضوح على جاهزية الطرفين للانخراط في معارك أوسع بنحو سريع جداً. وخلال اليومين الماضيين، شهدت خطوط التماس، من شمال بصرى الشام وحتى منطقة اللجاة مروراً ببلدات ناحتة والحراك وبصر الحرير، تبادلاً للقصف، ومناوشات محدودة على أطراف اللجاة الجنوبية وفي مقابل الأطراف الشمالية الشرقية لبلدة إزرع، من دون أن يفضي ذلك إلى أي تغيرات في نقاط السيطرة. وسقطت عدة قذائف أطلقتها الجماعات المسلحة على مناطق في السويداء والقنيطرة، وسبّبت وقوع عدد من الضحايا في صفوف المدنيين. في المقابل، نقلت مصادر معارضة أنباء وقوع عدد من الإصابات في قصف استهدف بلدات الحراك وبصر الحرير والمليحة الغربية وناحتة ومسكية والحارة وكفر شمس في ريف درعا.
موسكو: مستعدون للنظر في أفكار واشنطن وحلفائها بشأن «اللجنة الدستورية»

هذه المناوشات لم تمنع الجيش السوري من متابعة عملياته ضد «داعش» في ريف السويداء ودمشق، وبعيداً في بادية دير الزور الجنوبية وأطراف ريف حمص الشرقي. إذ أعلن مصدر عسكري تحرير 4500 كيلومتر مربع من البادية، بينها 850 في ريف دمشق الجنوبي الممتد باتجاه البادية، وتضم عدداً من التلال إلى جانب خربة الأمباشي وخربة الهيبرية. وكانت العمليات ضد «داعش» قد انطلقت هناك منذ أكثر من أسبوع، وبعد وقت قصير من وصول عناصر التنظيم إلى هناك بموجب اتفاق أخرجهم من الحجر الأسود ومخيم اليرموك. أما في ريفي دير الزور وحمص، فقد تركزت عمليات الجيش بين سد عويرض وجنوب حميمة على امتداد جبهة بعرض 45 كيلومتراً، كما في المنطقة الواقعة بين قريتي معيزلية والمحطة الثانية وضهرة وادي المياه وفيضة بن موينع. وتتضمن المنطقة المحررة عشرات التلال والآبار والسدود السطحية، وتمتد لتصل إلى الحدود العراقية وأطراف الميادين الجنوبية.
وأتت تلك التطورات بالتوازي مع تسيير الجيش التركي لدوريات، للمرة الثانية، على طول نهر الساجور في محيط منطقة منبج الشمالي. وفي هذا السياق، أكد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أن خطوات تنفيذ «خريطة الطريق» بشأن مدينة منبج «تجري حتى الآن وفق البرنامج المحدد»، وأنها ستكون «مثالاً يحتذى به لبقية المناطق في سوريا». وبالتوازي، أفادت مصادر أمنية تركية، بأن عناصر «وحدات حماية الشعب» الكردية، بدأوا مغادرة منبج نحو شرق الفرات، مؤكدة، وفق ما نقلت وكالة «الأناضول»، أنهم سيسلمون سلاحهم الثقيل للقوات الأميركية.
وفي ملف «اللجنة الدستورية» ومسار المحادثات في جنيف، ينتظر أن يعقد لقاء بين ممثلين عن فرنسا وألمانيا والأردن والسعودية والولايات المتحدة، والمبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، في جنيف، في الخامس والعشرين من الشهر الجاري، وذلك لمناقشة «اللجنة الدستورية». وخلال المدة التي تسبق اللقاء، ستجتمع «هيئة التفاوض» المعارضة في الرياض، بعد لقائها مسؤولين في الخارجية التركية. وكان لافتاً أمس، أن موسكو أعلنت على لسان المبعوث الرئاسي الخاص ألكسندر لافرينتييف، استعدادها للنظر في أية «أفكار معقولة» من الولايات المتحدة وألمانيا والدول الأخرى، تعرض خلال اجتماع جنيف المرتقب. وأكد أن «فكرة إنشاء لجنة دستورية هي نتاج مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي الذي انعقد بمبادرة من ضامني أستانا... ولهذا السبب تؤدي روسيا وإيران وتركيا دوراً مهماً في هذه العملية».