القاهرة | يسجل لدستور 2013 أنه الأكبر من حيث عدد المواد في تاريخ مصر، إذ اشتمل المشروع النهائي للدستور الجديد على 247 مادة، مع إضافة 42 مادة مستحدثة على مواد دستور 2012 المعطل، الذي كان يشتمل على 236 مادة.
لجنة الخمسين الني أنجزت الدستور الجديد، أدخلت تعديلات على نحو 130 مادة من الدستور المعطل، وحذفت منه ما يزيد على 30 مادة، وقسمت الوثيقة الدستورية الجديدة على 6 أبواب، هي: «الدولة، المقومات الأساسية للمجتمع، الحقوق والحريات العامة، سيادة القانون، نظام الحكم، والأحكام العامة والانتقالية»، فيما كانت مواد الدستور السابق مقسمة على 5 أبواب.
وحافظت المواد الجديدة على نحو عام على نظام الحكم الذي رسمه دستور 2012، وهو النظام المختلط (رئاسي ـ برلماني)، الذي يميل أكثر إلى النظام شبه الرئاسي، مع تجريد الرئيس من بعض صلاحياته، وتقييد حريته في اتخاذ بعض القرارات لأول مرة في الدساتير المصرية.
تضمن الدستور الجديد فروقاً كثيرة عن دستور 2012، تبدأ من مقدمة الدستور التي نصت في النص الجديد «على أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، وأن المرجع في تفسيرها هو ما يتضمنه مجموع أحكام المحكمة الدستورية العليا في هذا الشأن»، وذلك عوضاً عن إلغاء المادة 219 المفسرة لمبادئ الشريعة في دستور 2012.
في باب مواد الهوية والديانة، وضعت كلمة «ذات سيادة» في المادة (1) بدلاً من كلمة «مستقلة»، التي كانت موجودة في نص دستور 2012، كما أُضيفت عبارة «ولا يتنازل عن شيء منها»، وعمد الدستور الجديد إلى تأكيد أن المواطنة وسيادة القانون هما أساس الحكم. وألغى المادتين، 219 المفسرة لمبادئ الشريعة الإسلامية، و44 التي تحظر الإساءة إلى الرسل والأنبياء. مع إلغاء نص وجوب أخذ رأي هيئة كبار العلماء في الشؤون المتعلقة بالشريعة الإسلامية من المادة الخاصة باستقلال «الأزهر»، واستبدالها بأن يكون «الأزهر» هو «المرجع الأساسي في العلوم الدينية والشؤون الإسلامية»، وذلك حتى لا تكون هناك سلطة أو مرجعية فوق الدولة.
ولأول مرة يوضع نص يحدد شكل وألوان العلم المصري، وأن إهانته جريمة يعاقب عليها القانون، بالمادة رقم «223».
يعد باب الحقوق والحريات من أهم أبواب الدستور الجديد، وأفضل مما كان عليه في دستور 2012، ومن اهم مواده، مادة رأت أن التعذيب بجميع صوره وأشكاله، جريمة لا تسقط بالتقادم، وأخرى تترك للقانون معاقبة التمييز والحض على الكراهية، وإنشاء مفوضية للتمييز للقضاء على كافة أشكال التمييز.
كذلك أقرّت لجنة الخمسين مواد حرية النشر التي تقدمت بها نقابة الصحافيين، وقلصت القيود التي سبق أن وضعها الدستور المعطل في مواد حرية الصحافة والنشر، كما حسنت اللجنة نص مادة حق الطفل، التي أثارت انتقادات حادة من قبل منظمات المجتمع المدني في دستور 2012.
من بين المواد التي أدخلت عليها لجنة الخمسين تعديلات أيضاّ نص إنشاء الأحزاب السياسية، حيث وسع النص عما كان عليه في دستور 2012، وحظرت مباشرة أي نشاط سياسي، أو قيام أحزاب على أساس ديني، مع عدم جواز حل الأحزاب إلا بحكم قضائي.
بنى المشروع الجديد مواده على أساس وجود مجلس النواب، بعد إلغائه لمجلس الشورى. ونص المشروع الجديد على أن لا يقل أعضاء مجلس النواب عن 450 عضواً، ينتخبون بالاقتراع العام السري المباشر، فيما كان عددهم لا يقل عن 350 في دستور 2012.
وفي أهم المحذوفات «إلغاء مجلس الشورى، إلغاء نسبة الـ 50% للفلاحين والعمال، إلغاء مادة العزل السياسي لقيادات ورموز الحزب الوطني المنحل، مع ترك النظام الانتخابي للبرلمان المقبل للمشرع».
في باب السلطة التنفيذية، ألزم النص الجديد أن لا يكون الرئيس ورئيس الوزراء والوزراء قد حملوا هم أو أي من والديهم أو أزواجهم جنسية دولة أخرى، بعدما كان ينص دستور 2012 على أن الرئيس فقط هو من يشترط عدم حمله جنسية دولة أخرى، دون أبويه أو زوجته.
كما نصت مادة (159) على أن «يكون اتهام رئيس الجمهورية بانتهاك احكام الدستور، أو بالخيانة العظمى، أو بأية جناية أخرى، بناء على طلب موقع من أغلبية أعضاء مجلس النواب على الأقل (الثلث في دستور 2012)، ولا يصدر قرار الاتهام إلا بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس، وبعد تحقيق يجريه معه النائب العام».
ولأول مرة في دساتير مصر، توضع مادة منظمة لإجراءات سحب الثقة، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
وفي الدستور المعدل قللت حالة الطوارئ إلى 3 أشهر بدلاً من 6 أشهر، التي نص عليها دستور 2012، كما نص على أن تمديد حالة الطوارئ يجري بموجب موافقة ثلثي أعضاء البرلمان بدلاً من الاستفتاء الشعبي العام.
تطرق النص الجديد أيضاً إلى نص تعديل الدستور، ووضعت المادة (226)، برنامجاً زمنياً لخطوات تعديل الدستور لم يكن منصوصاً عليه في دستور 2012. ووفقاً للمادة، فإنه لا يجوز تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية، أو بمبادئ الحرية، أو المساواة، ما لم يكن التعديل متعلقاً بالمزيد من الضمانات، وتعد هذه المادة من المواد الفوق دستورية لأول مرة في تاريخ مصر، حيث أصبح مشروطاً على أي تعديل مستقبلاً لهذه المواد ألاّ ينتقص من الضمانات المقررة بها.
كذلك ألغى المشروع وضع حد أقصى لعدد أعضاء المحكمة الدستورية العليا، وتضمن النص أن تتشكل المحكمة من عدد كاف من القضاة يحدده القانون، فيما حدد دستور 2012 تشكيلها برئيس وعشرة أعضاء.
تعدّ التعديلات التي أدخلتها لجنة الخمسين لمصلحة القوات المسلحة، الأكثر تمييزاً وحصانة، وخاصة المادة الانتقالية التي تحمل الرقم (234)، والتي نصت على أن «يكون تعيين وزير الدفاع بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وتسري أحكام هذه المادة لدورتين رئاسيتين كاملتين اعتباراً من تاريخ العمل بالدستور».
كذلك عدلت اللجنة مادة إحالة المدنيين أمام القضاء العسكري، وحدد النص في الدستور الجديد الحالات بنص دستوري بـ 15حالة، وليس القانون كما كان مقرر في دستور 2012.