لم تكد تهدأ الزوبعة التي أثارها قرار تركيا ملء سد «إليسو» على نهر دجلة، مع إعلان السفير التركي في العراق، فاتح يلدز، تأجيل العملية إلى تموز/ يوليو المقبل، حتى اندلعت زوبعة تركية أخرى بإعلان أنقرة توغّلها لمسافة 30 كيلومتراً داخل شمال العراق، وتلويحها بعمليات ضد «حزب العمال الكردستاني» في جبال قنديل. تلويحٌ كان رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، ردّ عليه مُقدّماً في مؤتمره الصحافي الثلاثاء الماضي، بتأكيده استعداد بغداد للتنسيق مع أنقرة منعاً لأي هجمات ضد تركيا عبر الحدود، مطالِباً في الوقت نفسه الأتراك باحترام السيادة العراقية، وملمّحاً إلى أن الغرض من الحديث التركي المستجد عن «العمال الكردستاني» إنما هو لأسباب داخلية. تلميح لا يبدو بعيداً من الواقع بالنظر إلى الطابع المفاجئ الذي حملته التصريحات التركية، وذلك بعد قرابة 3 أشهر من أزمة مدينة سنجار، التي انتهت بانسحاب عناصر «بي كا كا» من المدينة وانتشار القوات العراقية داخلها.وأياً تكن خلفيات تهديد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أول من أمس، ومعه رئيس وزرائه، بن علي يلدريم، أمس، بـ«التوغل أكثر» لـ«منع التسلل والأنشطة الإرهابية»، فالمؤكد أن هذه التهديدات ستضيف تعقيداً جديداً إلى المشهد العراقي، الذي لا يفتأ متقلّباً منذ إجراء الانتخابات النيابية في 12 أيار/ مايو الماضي. وعلى رغم أن «مجلس القضاء الأعلى» وجّه ببدء إجراءات إعادة العد والفرز على أساس يدوي استناداً إلى القانون الأخير الصادر عن البرلمان العراقي، إلا أن ذلك لم يمنع تحالف «سائرون» المدعوم من زعيم «التيار الصدري»، مقتدى الصدر، من إعلان «تحالف» مع «تيار الحكمة» بزعامة عمار الحكيم، و«ائتلاف الوطنية» بقيادة إياد علاوي، فيما أشار إلى اطمئنان الصدر إلى أن نتيجة الفرز اليدوي لن تؤثر في شكل كبير في حجم كتلته.
يبدو «تحالف الكرابلة» عرضة لخسارة عدد من مقاعده


وأُعلِن، مساء أول من أمس، في العاصمة بغداد، تشكيل تحالف بين الكتل المشار إليها أعلاه باسم «تحالف الأغلبية الوطنية الأبوية». وجاء في وثيقة التحالف التي تمّ توزيعها على الصحافيين، أنه تم الاتفاق على 12 مبدأً لعل أهمّها ما يلي: «حصر السلاح بيد الدولة ومنع عسكرة المجتمع»، و«تضمين البرنامج الحكومي آليات مكافحة الفساد ومحاكمة الفاسدين»، و«بناء علاقات إقليمية ودولية على أساس المصالح المشتركة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية». وعلى رغم أن الوثيقة جاءت تحت عنوان واضح هو «التحالف»، إلا أن «ائتلاف الوطنية» سرعان ما بادر إلى نزع صفة «التحالف» عن الخطوة، موضحاً أن ما اتُفق عليه هو «ورقة عمل تتضمن المبادئ الأساسية التي لا بد من توافرها في أي تحالف سياسي قد تنجم عنه الكتلة النيابية الأكبر». وأشار المكتب الإعلامي لـ«الوطنية»، في بيان، إلى أن «الائتلاف كان ولا يزال حريصاً على أن تكون التفاهمات مع جميع الأطراف والكتل الفائزة... من دون أن يُصار إلى إعلان الكتلة الأكبر كواقع حال ليلتحق به الآخرون». موقفٌ يشي بأن ائتلاف علاوي يؤثر الحذر في تفاهماته قبيل ظهور نتائج الفرز اليدوي الذي تدور التوقعات حول استغراقه أسبوعاً، تحسباً للنتائج الجديدة التي ستفرزها العملية، والتي قد تتطلب من اللاعبين تموضعاً سياسياً مغايراً لما اقتضته نتائج تصويت 12 أيار.
في هذا الإطار، تذهب معظم الترجيحات إلى أن التغييرات ستطاول بمعظمها الكتلتين «السنية» والكردية، مع تعديلات محدودة بالنقصان أو بالزيادة على التحالفات «الشيعية». والظاهر، وفق ما هو متداول، أن أكثر المستفيدين من عملية إعادة العد والفرز على المقلب الكردي سيكون تحالف المعارضة الذي رفض الاعتراف بنتائج الانتخابات، مُتحدّثاً عن عمليات تزوير كبيرة شابتها في إقليم كردستان ومحافظة كركوك. وانطلاقاً من ذلك، يبدو مفهوماً السخط المتزايد داخل أروقة الحزبين الكرديين الرئيسين على إلغاء نتائج التصويت الخاص في إقليم كردستان (تصويت البشمركة) وإعادة العدّ والفرز يدوياً. ورأى «الحزب الديموقراطي الكردستاني» (بزعامة مسعود برزاني)، أمس، أن «إلغاء التصويت الخاص في الإقليم فيه استهداف سياسي واضح»، مُجدداً القول إن «إلغاء نتائج الانتخابات ليس من صلاحية مجلس النواب». وأكدت كتلة الحزب في البرلمان «(أننا) لن نقبل بمصادرة حقنا بأي شكل من الأشكال لمصلحة إعادة من خسر في الانتخابات»، مُهدِّدة بأنه «في حال تم تغيير مقاعدنا وإعادة الخاسرين فسيكون لنا موقف صارم وحازم تجاهه».
أما على المقلب «السني»، فيبدو «تحالف الكرابلة» بزعامة محمد الكربولي عرضة لخسارة عدد من مقاعده لمصلحة قوى وشخصيات «سنية» أخرى كسليم الجبوري رئيس مجلس النواب الحالي. وهاجم الكربولي، أمس، النواب الخاسرين «الذين رفضوا فكرة العد والفرز اليدوي قبل الانتخابات، ولكن عندما ضُربت مصالحهم الشخصية عادوا إليها»، واصفاً الاتهامات الصادرة عن هؤلاء بأنها «حديث تلفزيوني استعراضي»، ومعتبراً أن «المغتربين العراقيين والنازحين داخل البلاد خارجها لا ذنب لهم لحذف أصواتهم بحجة التزوير».