أظهرت «أنصار الله» تشدداً في رفض أي وجود للقوات الأجنبية بعد الحرب
وفي ما يتصل بمعركة الحديدة، لم يبرز في التصريحات التي أدلى بها غريفيث من مطار صنعاء ما يشير إلى أن رغبة «التحالف» والموالين له في انسحاب «أنصار الله» من المدينة وتسليمهم ميناءها للأمم المتحدة قابلة للتحقق. وهذا ما أقرّ به مسؤول كبير في حكومة الرئيس المستقيل، عبد ربه منصور هادي، عندما أكد لوكالة «فرانس برس» أن «مساعي المبعوث الأممي لإقناع الحوثيين بتجنيب الحديدة معركة عسكرية فشلت حتى الآن». وشارك غريفيث الخبراء الأمميين مخاوفهم من تبعات الهجوم على الحديدة، قائلاً: «(إنني) أشعر بالقلق من ارتدادات ذلك على الوضع الإنساني، وأيضاً على المسار السياسي وفرص التوصل إلى تسوية للنزاع». ولعلّ ما سمعه المبعوث الأممي من مسؤولي سلطات صنعاء من موقف وصفه المسؤول اليمني المذكور بـ«المتصلّب» هو ما حمله على اتخاذ جانب التحذير من التصعيد، بعدما كانت السعودية والإمارات تأملان أن يؤدي تشديد الضغوط على «أنصار الله» إلى إرغامها على رفع الراية البيضاء.
لكن استعادة قوات الجيش واللجان زمام المبادرة على جبهة الساحل الغربي، وتمكّنها من صدّ الهجوم الذي شنّته أخيراً القوات الموالية للرياض وأبو ظبي على المديريات الجنوبية من محافظة الحديدة، عزّزا موقع القوة الذي تتموضع فيه سلطات صنعاء. وهو ما تجلّى خلال اللقاءات التي عقدها المبعوث الأممي في العاصمة، حيث سمع من المسؤولين هناك تمسكاً بـ«ضرورة رفع الحصار عن مطار صنعاء، ودفع رواتب الموظفين» من دون شروط مسبقة، وتشدداً في رفض أي وجود للقوات الأجنبية في اليمن كـ«شرط لإحلال السلام» طبقاً لما تؤكده مصادر سياسية في صنعاء. وإذ لم يتطرق غريفيث، في مؤتمره الصحافي الذي ختم به زيارته العاصمة، إلى المسائل السياسية، إلا أنه أبدى تجاوباً في ما يتصل بمطار صنعاء، مطالِباً «جميع الأطراف بالعمل على فتح المطار أمام الرحلات التجارية».
وكان رئيس «المجلس السياسي الأعلى»، مهدي المشاط، قد أكد، خلال لقائه غريفيث، أن «أيدينا مثلما هي على الزناد في خندق الدفاع عن وطننا، فهي أيضاً ممدودة للسلام متى توافرت الجدية لدى الأطراف الأخرى». موقف رفدته، على الأرض، تطورات ميدانية متلاحقة قلبت المشهد على الساحل الغربي لمصلحة «أنصار الله»، وحملت قيادة «التحالف» على لجم هجومها العسكري ومعه التهويل الإعلامي الذي حاول تصوير الحديدة مدينة شبه ساقطة. واستعادت قوات الجيش واللجان، فجر أمس، السيطرة على كامل منطقة النخيلة جنوب مديرية الدريهمي والمناطق والمزارع القريبة منها، بعدما صدّت مساء الإثنين هجوماً متجدداً للقوات الموالية للسعودية والإمارات شرق منطقة الجاح التابعة لمديرية التحيتا. وأكد مصدر عسكري من «أنصار الله» أن «عمليات التطهير متواصلة ولن تتوقف إلا بإنهاء وجود القوات المعادية في كافة أراضي تهامة والساحل الغربي»، فيما أفاد مصدر في الاستخبارات العسكرية، في حديث إلى وكالة «سبأ» الرسمية الموالية لحكومة الإنقاذ، بمقتل 418 عنصراً من القوات التابعة لـ«التحالف»، وجرح 322 آخرين خلال المواجهات الأخيرة على الساحل.