أعلن رئيس الوزراء التونسي علي العريض انه قدم أمس استقالته إلى الرئيس المؤقت محمد المنصف المرزوقي، تطبيقاً لشروط استمرار الحوار الوطني في البلاد، التي تعيش ازمة سياسية منذ نحو سنة. وفي ما وُصف بأنه ازالة عراقيل من أمام مسيرة الوفاق، أعلنت الحكومة أنها علقت ضرائب جديدة على المركبات كانت مقررة في ميزانية 2014 بعد احتجاجات في أنحاء تونس تمثل تحدياً لجهود خفض العجز.وقال رئيس الحكومة، بعد تردد ورفض مستمرين، خلال مؤتمر صحافي أمس، «كما كنت قد تعهدت منذ فترة طويلة... قمت منذ قليل بتقديم استقالة الحكومة» الى الرئيس المرزوقي، مضيفاً «كلفني السيد الرئيس السهر على تسيير شؤون البلاد ريثما تؤلف الحكومة الجديدة برئاسة الاخ مهدي جمعة» وزير الصناعة الحالي.
وحول الضرائب الجديدة التي دفعت الناس الى التظاهر في الشارع، وحرق مقارّ حكومية وأخرى تابعة لحركة النهضة، قال العريض إن الحكومة لا تريد أن تعطي «الإرهابيين والمجرمين» فرصة لعرقلة التحول الديموقراطي السلمي، وقررت تعليق تلك الضرائب الجديدة.

وكان المقرر في ميزانية 2014 زيادة الضرائب 25 في المئة على المركبة الواحدة، وإضافة ضريبة أخرى على المركبات الكبيرة لتعزيز الإيرادات العامة، مع تقليص الإنفاق العام لخفض العجز الذي يقدر بنسبة 6.8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2013.
وكانت قوات الجيش قد أطلقت أعيرة نارية في الهواء، واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق محتجين هاجموا مراكز للشرطة ومكتباً لحزب النهضة الإسلامي في مدينة تطاوين في جنوب البلاد، بينما أحرق متظاهرون عدة مبان رسمية ليل الاربعاء الخميس في فريانة ومكناسي، وهي مناطق فقيرة في وسط غرب تونس.
كذلك خرج مئات المتظاهرين في ولاية القصرين وهاجموا مقر دائرة الضرائب ومركز شرطة ومصرف وبناية تابعة للبلدية قبل حرقها.
وفي السياق، قررت وزارة الشباب والرياضة في تونس تأجيل كافة الأنشطة الرياضية التي كانت مقررة نهاية الأسبوع الحالي في البلاد لأسباب أمنية.
في غضون ذلك، وافق المجلس الوطني التأسيسي أمس في تونس على فصل في الدستور الجديد ينص على مبدأ المساواة بين المرأة والرجل، ويفرض تكافؤ عدد الرجال والنساء في المجالس المنتخبة.
وينص الفصل 45 من الدستور الموافق عليه بـ 116 صوتاً من أصل 188 نائباً في المجلس، الذي تتمتع فيه حركة النهضة الحاكمة بغالبية نسبية، على ان «الدولة تعمل على تحقيق التكافؤ بين الرجال والنساء في المجالس المنتخبة».
وكانت الدقائق التي سبقت الموافقة على هذا الفصل بغالبية ضيقة (اذ انه كان يتعين تصويت 109 نواب لادراجه في الدستور) صاخبة، اذ ان العديد من النواب كانوا يطلبون الحق بالكلام.
وينص الفصل 45 ايضا على ان «الدولة تضمن حقوق النساء المكتسبة، وتعمل على دعمها وتطويرها». ويضيف ان «الدولة تضمن تكافؤ الفرص بين النساء والرجال»، وانها «تتخذ الاجراءات الضرورية للقضاء على العنف الذي يستهدف النساء».
وقد احتدم النقاش حول هذا الفصل خلال الأيام الاخيرة قبل ان يؤول الى التصويت.
ووافق المجلس الاثنين الماضي على فصل عام يقر بأن «لكل المواطنين والمواطنات نفس الحقوق والواجبات، وانهم متساوون امام القانون من دون اي تمييز»، لكن قسما من المعارضة ومنظمات الدفاع عن حقوق الانسان عدّ ذلك الفصل غير دقيق.
وتعد تونس، من دون تكريس المساواة بين الجنسين، البلد العربي الوحيد منذ 1956 الذي يمنح افضل حقوق للمرأة، لكن الرجل يظل يتمتع بامتيازات، ولا سيما في مجال الميراث.
الى ذلك، قاطع نواب تونسيون الجلسة العامة للمجلس التأسيسي أول من أمس، التي كانت مخصصة لانتخاب الهيئة المستقلة للانتخابات، كاشفين عن صور نشرتها سيدة تونسية «تسيء إلى الإسلام» على «فايس بوك»، تضامنا مع شاب تونسي مسجون بتهمة نشر صور مسيئة إلى النبي محمد خاتم الأنبياء. وطالبوا بتجريم الاعتداء على المقدسات في الدستور الجديد.
وسادت حالة من الاحتقان، بين النواب، خلال جلسة المجلس التأسيسي، الاربعاء، عندما قام نواب بتوزيع هذه الصور، منتقدين عدم النص على تجريم الاعتداء على المقدسات في مشروع الدستور التونسي الجديد، والاكتفاء فقط بالنص على منع التكفير، بحسب مصادر برلمانية.
وأقر المجلس التأسيسي التونسي، الأحد الماضي، تعديل المادة السادسة من مشروع الدستور، بإضافة فقرة جديدة تنص على «تحجير (منع) التكفير ونبذ العنف»، حيث أصبح نصها بعد التعديل هو: «الدولة راعية للدين، كافلة لحرية المعتقد والضمير وممارسة الشعائر الدينية، حامية للمقدسات، ضامنة لحياد المساجد ودور العبادة عن التوظيف الحزبي، تحجر التكفير والتحريض على العنف».
من جانبه، رأى رئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر، أنّ «هذا الفعل الدنيء (في إشارة إلى نشر الصور المسيئة) إنمّا هو من انتاج الثورة المضادة، التي تسعى إلى تقويض المسار الانتقالي في البلاد، وتزيد من حملاتها كلما تقدّمت تونس نحو إنجاح ثورتها».
(رويترز، أ ف ب)