رحل «الحاج عبدو الفوّال». عبد الرزاق مصري، الذي عاش 75 عاماً أمضى 63 منها في مهنة صناعة الفول. كان الرجل جزءاً أساسيّاً من ذاكرة حلب الطيّبة، لذلك لا يبدو رحيلُه تفصيلاً ثانويّاً. يصعبُ الحصول على لقب «اللقمة الأطيب» في مدينة اشتهرت بعراقة مطبخها ولذّة طعامها مثل حلب، لكنّ الحاج عبدو انتزع اعترافاً باللقب من معظم أبناء المدينة وزوّارها.

هي مهنة والده من قبله، واليوم مهنة أولاده، لكن الخبرة الطويلة لم تكن كلمة السر الوحيدة لتفوّقه. ثمة «خلطة» كان قد كشف عن مكوّناتها في لقاء مصوّر أجرته معه وكالة «سانا» قبل رحيله بأشهر: «طيبة الأكل، عدم الغش، الكرم، بشاشة وجه البائع، والحرص على رضى الزبون». المحل الذي صنع شهرته كان معلماً من معالم «ساحة الحطب» التاريخيّة في حي «الجْدَيْدة». 116 عاماً عمر المحل المذكور انتهت قبل سنوات مع الدمار الهائل الذي تعرضت له الساحة. في اللقاء نفسه، يقول بحسرة «شي بيبكي، شي بيفرط القلب، إذا عاشرت قطة سنتين تلاتة وفارقتك بتزعل عليها، فما بالك بذكريات 62 سنة؟»، ويضيف «ما تحركت من حلب أبداً، وإن شاء الله ما بتحرك».