بغداد | 6 محافظات من أصل 8 متبقية، أعلنت «مفوضية الانتخابات» أمس نتائجها، قبل حسم الخارطة الجديدة للبرلمان العراقي. حتى فجر أمس، حافظ تحالف «سائرون» (مقتدى الصدر وحلفاؤه) على تصدّره لعدد المقاعد النيابية بـ54 مقعداً، يليه «الفتح» («الحشد») فـ«النصر» (حيدر العبادي). وفي انتظار الإعلان النهائي، وانتهاء «المفوضية» من فرز أصوات «الاقتراع الخاص» و«اقتراع المغتربين»، بدأ الحديث عن شكل التكتلات النيابية وحجمها، وسط ترويجٍ إعلاميٍّ خليجي بأن إيران «تلقّت صفعةً»، وأن تكتلاً كبيراً «مناهضاً» لها في طور البناء .ما إن أعلنت «المفوضية المستقلة العليا للانتخابات» النتائج النهائية لعشر محافظات (بغداد، البصرة، بابل، كربلاء، ديالى، واسط، ذي قار، الديوانية، المثنى، الأنبار)، أوّل من أمس، حتى سارعت الماكينات الانتخابية إلى احتساب عدد مقاعدها على مستوى تلك المحافظات، منتظرةً في الوقت عينه الساعات المقبلة لإعلان النتائج، لتُحسم بذلك خارطة البرلمان المقبل، وحجم التكتلات أولاً، وشكل التحالفات ثانياً، تمهيداً لتمسية رئيس الوزراء المقبل ثالثاً.
حتى ساعات الفجر الأولى، لا يزال تحالف «سائرون»، المدعوم من زعيم «التيّار الصدري» مقتدى الصدر، متصدّراً بـ54 مقعداً، أما تحالف «الفتح» بزعامة أمين عام منظمة «بدر» هادي العامري، فقد جاء ثانياً بـ47 مقعداً؛ في حين نال «ائتلاف النصر» بزعامة رئيس الوزراء حيدر العبادي 43 مقعداً، ليكون ثالثاً. بدوره، حلّ «ائتلاف دولة القانون» بزعامة نوري المالكي رابعاً بـ25 مقعداً، فيما حاز «ائتلاف الوطنية» بزعامة إياد علّاوي 22 مقعداً، حاجزاً المرتبة الخامسة. قائمة «الحكمة»، المدعومة من زعيم «تيّار الحكمة» عمار الحكيم، فقد حصدت 19 مقعداً.
منتصف ليل أمس، أعلنت «المفوضية» نتائج ست محافظاتٍ أخرى: نينوى، والسليمانية، وصلاح الدين، والنجف، وأربيل، وميسان. وأشارت إلى أن «النصر» حلّ أولاً في محافظة نينوى، أما ثانياً فكان «الحزب الديموقراطي الكردستاني»، وثالثاً «الوطنية». وفي محافظة السليمانية، تصدّر «الاتحاد الوطني الكردستاني» (آل طالباني)، تلاه «حركة التغيير»، فـ«حراك الجيل الجديد»، و«الجماعة الإسلامية». أما في محافظة صلاح الدين، فقد جاءت «قلعة الجماهير الوطنية» في المرتبة الأولى، ثم «الفتح»، فـ«الوطنية»، و«النصر». ونال «سائرون» في محافظة النجف المرتبة الأولى، أعقبه «الفتح»، و«النصر»، و«الحكمة»، أما خامساً فكان «دولة القانون». في أربيل حافظ «الحزب الديموقراطي الكردستاني» على زعامته فحلّ أوّل، أما «الاتحاد الوطني» فجاء ثانياً، فيما حلّ «الجيل الجديد» ثالثاً، و«التحالف من أجل العدالة والديموقراطية» رابعاً، و«التغيير» خامساً. جنوباً، وفي محافظة ميسان، جاء «سائرون» أول، فـ«الفتح»، و«الحكمة»، و«النصر» رابعاً، وخامساً «دولة القانون».
وبالرغم من إعلاني اليومين الماضيين، فإن الكتل السياسية تترقب «الحسبة» النهائية لعدد المقاعد التي ستنالها، وأسماء الفائزين في لوائحها، وسط حديث عن رسوب وجوهٍ كبيرة، كنائب رئيس مجلس النواب همام حمودي، والقيادي في «حزب الدعوة» علي العلّاق، والنوّاب صادق الركابي، وحنان الفتلاوي، وعاليه ناصيف.

بدء الحراك
إعلان نتائج المحافظات، أوّل من أمس، فتح «شهية» الإعلام الخليجي، الذي اعتبر أن إيران قد تلقّت «صفعةً»، خاصّةً أن «تحالفاً ممكناً بين العبادي ــ الصدر ــ علّاوي ــ الحكيم ــ البرزاني»، في طور البناء، ما يعني أن حكومةً «مناهضةً» لطهران ستتشكّل قريباً في بغداد. مباشرةً، استوعب المالكي «صدمة» النتائج، متمسّكاً بإنجاز حلوله الأوّل في بغداد لجهة عدد الأصوات التي بلغت 91 ألف صوت، متقدماً بفارقٍ كبيرٍ عن بقية منافسيه.
هذه النتيجة، إلى جانب بقاء «دولة القانون» رغم محاولات «الإقصاء» بتعبير مصادر المالكي، أنعشت آماله في لعب الدور الذي ينشده منذ خروجه من رئاسة الحكومة (صيف 2014): صناعة رئيس وزراء. ووفق معلومات «الأخبار»، فإن المالكي بدأ اتصالاته مع إعلان نتائج أوّل من أمس، سابقاً بذلك جميع الكتل السياسية، التي تنتظر النتائج النهائية لتحسم أمر تحالفاتها. وتضيف المعلومات أن المالكي استضاف العامري، وعدداً من قادة الأحزاب والكتل، مطلقاً «المرحلة الثانية» من مروحة اتصالاته وحوارته، على قاعدة أن «اتفاقاً مبدئياً كان بينهم قبيل الانتخابات، يؤيّد مشروع الأغلبية السياسية». مصدرٌ مقرّبٌ من المالكي أكّد أن «نتائج وتفاهمات إيجابية وطيبة قد توصّل إليها الحاضرون»، مرجّحاً أن «يتم الإعلان قريباً عن تحالف جديد داعم للأغلبية ــ على الأقل ــ بشكلٍ أوّلي»؛ فتسارع الخطى السياسية سرّع في تسريب أنباءٍ عن حصول اتفاق بين ثلاث كتلٍ على الأقل: «دولة القانون»، و«الفتح»، و«الحكمة»، بهدف إعلان «الكتلة الأكبر»، والتي ستسمّي رئيس الوزراء المقبل، والتي يجب أن تحصل على 165 مقعداً. هذه القوى الثلاث، لا يمكن أن تشكّل أغلبية برلمانية، بل ستحتاج إلى إقناع عددٍ من القوى «السُنّية» و«الكردية» للانضمام إليها.
رحّبت الرياض بتغريدة الصدر التي لمّح فيها إلى تحالفٍ واسع لا يشمل «حلفاء إيران»


مصدران في «القانون» و«الفتح» أكّدا في حديثهما إلى «الأخبار» حصول اتفاقٍ بينهما، وبدء التحرك لإقناع الحكيم «الذي توجد معه أصلاً اتفاقات مبدئية قبل الانتخابات». وفي أوّل ردٍّ له، أشار «الحكمة» إلى أنّه «لا يضع خطوطاً حمراء على أحد، وأن ذلك التحالف هو أحد السيناريوات الواردة حالياً، فضلاً عن سيناريو آخر محتمل، وهو التحالف بين (الحكمة) و(النصر) و(سائرون)». وأضاف القيادي في «الحكمة»، في حديثه إلى «الأخبار»، أن «تفاهمات وحوارات مسبقة جرت قبل الانتخابات، بانتظار إعلان النتائج النهائية لاستكمالها»، موضحاً أن «هناك تجمّعاً لثلاث قوى في الساحة الشيعية، ستنطلق باتجاه الساحة السُنّية، فالكردية، لتشكيل الأغلبية الوطنية».
وفيما أكّد مصدر من «الفتح» وجود حراكٍ على تحالف «سائرون» لإقناعه بالانضمام إلى «الكتلة الأكبر»، تشير مصادر متابعة إلى أن «الحراك سيشمل جميع قوى البيت الشيعي قريباً جدّاً، ومن دون أي استثناء». وأضافت في حديثها إلى «الأخبار» أن المفاوضات التي ستبدأ لن تكون مشروطة، أو متمسكة باسم شخص لمنصب رئاسة الوزراء»، لكن «الهدف الرئيس الآن هو إرساء تفاهماتٍ حول تشكيل الكتلة الأكبر»، خاتمةً حديثها بأن «من المبكر الحديث عن ذلك».

الرياض تغازل الصدر
تصدّر «سائرون» للوائح النيابية عزّز من دور الصدر في اللعبة السياسية ودوره في تسمية رئيس الوزراء المقبل، إذ أعلن المتحدث باسم الصدر، صلاح العبيدي، أن «منصب رئاسة الوزراء لا يهم (سائرون) قدر اهتمامه بتطبيق برنامج محاسبة الفاسدين وإرجاع المال المسروق»، لافتاً في حديثٍ صحافي إلى أن «سائرون» من الممكن أن يتنازل عن منصب رئاسة الوزراء لكتلةٍ أخرى من خلال التحالفات «شريطة إيمانها بالبرنامج الانتخابي وتطبيقه بمحاسبة الفاسدين». وأضاف «الحديث عن التحالفات والشخصيات المرشحة لرئاسة الوزراء ما زال مبكراً».
لكن اللافت أمس، تغريدة الصدر التي أشار فيها إلى ضرورة تشكيل تحالف واسع يشمل أغلب الكتل السياسية، باستثناء «دولة القانون» و«الفتح» (حلفاء إيران)، الأمر الذي دفع بالوزير السعودي ثامر السبهان إلى «مغازلته»، والتأكيد أن المذكورين (سائرون، الحكمة، الوطنية، إرادة، الجيل الجديد، التغيير، القرار العراقي، بيارق الخير، النصر، تحالف بغداد، الأنبار هويتنا...) في تغريدة الصدر «قد انتصروا للعراق».