تتصاعد الضغوط العسكرية على قوات الجيش اليمني واللجان الشعبية على جبهة الساحل الغربي، في محاولة لإجبار سلطات صنعاء على تقديم تنازلات في ما يتصل بمدينة الحديدة التي تُعدّ الشريان الوحيد المتبقّي لليمنيين في المحافظات الخاضعة لسيطرة «أنصار الله». وعلى الرغم من أن تلك الضغوط، التي لم تهدأ منذ قرابة 5 أيام، أفلحت، أخيراً، في إيصال القوات الموالية لـ«التحالف» إلى أطراف مديرية التحيتا الواقعة جنوبي الحديدة، إلا أن المقاومة الشرسة التي يُجابَه بها المهاجِمون على أكثر من محور تشي بما أعدّته «أنصار الله» لاحتمالات من هذا النوع، ليس تحوّل مديريات الحديدة إلى ساحة لحرب شوارع طويلة الأمد مستبعداً منها.وأعلنت القوات التابعة لـ«التحالف»، أمس، أنها تمكنت من دخول منطقة الحيمة، أولى مناطق مديرية التحيتا (إحدى مديريات محافظة الحديدة) من جهة الجنوب، والسيطرة على مينائها العسكري بغطاء جوي ومدفعي مكثّف استمرّ لأكثر من 24 ساعة. لكن مصادر عسكرية في «أنصار الله» نفت، لـ«الأخبار»، أن تكون «ألوية العمالقة» السلفية المسنودة بـ«المقاومة الجنوبية» قد تمكنت من السيطرة على ميناء الحيمة وسوقها، مؤكدة أن «المواجهات لا تزال على أشدها بين الطرفين»، في ظل قيام المهاجِمين باستقدام تعزيزات إضافية إلى صفوفهم. وأوضحت المصادر أن القوات الموالية لـ«التحالف» نفذت عملية التفاف على الحيمة من جهة الصحراء، ما أدى إلى اقترابها من الميناء من دون أن تتمكن من دخوله، مُتوعِّدة بـ«تطورات مرعبة للعدو خلال الساعات المقبلة». وترافقت اشتباكات الحيمة مع تجدد المعارك في مديرية الخوخة (أولى مديريات الحديدة من جهة الجنوب) التي كان قد سقط مركزها أواخر العام الماضي، وقرى قطابة الواقعة بين مديريتي الخوخة وحيس (تتمركز قوات حكومة الإنقاذ في الأنحاء الشمالية والشرقية من هذه الأخيرة). وجاءت محاولات التقدم إلى ميناء الحيمة بعدما سيطرت «ألوية العمالقة» و«المقاومة الجنوبية» على مديريات البرح وموزع والوازعية غربيّ تعز.
أرسلت السعودية أمس لجنتها المختصة بأزمة سقطرى إلى الأرخبيل


ووفقاً لمصادر ميدانية، فإن قوات «التحالف» تخطّط للتقدّم من التحيتا باتجاه مديرية زبيد، بهدف قطع خطوط إمداد «أنصار الله»، وبالتالي إسقاط آخر مواقعها في الخوخة وحيس، ومن ثمّ السيطرة على مديرية الجراحي الواقعة جنوبيّ زبيد، بما يعبّد أمامها الطريق للوصول إلى مديرية المنصورية، والإمساك بها كورقة ابتزاز بوجه حكومة الإنقاذ لإرغامها على تسليم ميناء الحديدة. لكن تلك الخطط يبدو أصحابها مبالِغين في طموحاتهم؛ إذ إن الحديث يدور عن مسافات شاسعة تفصل بين ما بلغته القوات الموالية لـ«التحالف» أمس، والمناطق التي يُعدّ الوصول إليها تهديداً لمركز المحافظة (مدينة الحديدة التي تبلغ المسافة بينها وبين مديرية الخوخة 115 كلم، والتي تضمّ الميناء الذي تدخل عبره قرابة 80% من واردات اليمن). يُضاف إلى ما تقدّم أن «أنصار الله» أعدّت، بحسب مصادر في الحركة، لهذه المعركة منذ قرابة سنتين، وأن ما ينتظر المهاجِمين في الحديدة ليس تقدماً سهلاً ونظيفاً كما يشتهون، إنما معارك شرسة ستكون «من قرية إلى قرية ومن مدينة إلى مدينة»، مع ما يعنيه ذلك من فاتورة بشرية باهظة من دون إنجازٍ مضمون.
على خط موازٍ، تواصلت فصول الأزمة المتجددة بين الإمارات و«الشرعية» على خلفية التعزيزات العسكرية التي أرسلتها أبو ظبي، قبل أيام، إلى جزيرة سقطرى، تزامناً مع وجود رئيس حكومة عبد ربه منصور هادي، أحمد عبيد بن دغر، وعدد من وزرائه هناك. وبعدما أعلنت السعودية، مطلع الأسبوع الماضي، الاتفاق على «وضع آلية تنسيق» بين الطرفين، أرسلت أمس لجنتها التي تضمّ عدداً من الضباط السعوديين إلى جانب آخرين يمنيين إلى الأرخبيل، حيث التقت بن دغر، بحضور محافظ المحافظة، رمزي محروس. وبحسب ما ذكرته وكالة «سبأ»، التابعة لحكومة هادي، فإن الاجتماع استعرض تفاصيل تلك الآلية التي من شأنها «إزالة أسباب التوتر»، والتي من بينها «سحب كل القوات التي قَدِمت إلى الجزيرة بعد وصول الحكومة» والمقصود بها القوات الإماراتية التي سيطرت على مطار سقطرى ومينائها، و«عودة القوات الأمنية في المطار والميناء إلى عملها».
وكانت قيادة تحالف العدوان قد أعلنت عن وصول قوات سعودية إلى الجزيرة، ضمن ما سمّته «التنسيق المشترك مع الحكومة اليمنية الشرعية»، قائلة إن الهدف من ذلك هو «التدريب والمساعدة». وجاءت الخطوة السعودية هذه إثر تصاعد التوتر في صفوف جبهة «التحالف»، وبلوغه حدّ قيام حكومة هادي بالبعث برسالة إلى مجلس الأمن تشتكي فيها وجود القوات الإماراتية في سقطرى، معتبرةً إياه «عملاً غير مبرر ينطوي على عدة آثار سلبية». وهو ما استدعى رداً من قبل الإمارات التي استغربت، على لسان وزير دولتها للشؤون الخارجية أنور قرقاش، «ترويج» البعض لأطماع إماراتية في اليمن، و«كأنه يسعى إلى مواجهات هامشية تعرقل ما يتحقق على الأرض»، داعيةً إلى الحذر مِمّن سمّتهم «المزايدين والحزبيين القلقين على حصصهم وتجار الأزمات والحروب»، في هجوم مبطن على «الشرعية».