رسمياً، ينطلق اليوم الماراتون الانتخابي في العراق، مع إدلاء 800 ألف منتسب إلى القوات المسلّحة بأصواتهم، وفق المتحدث باسم «المفوضية العليا المستقلة للانتخابات»، كريم التميمي، الذي أعلن، خلال مؤتمر صحافي، أن «نحو 900 ألف ناخب عراقي، يوجدون في 21 بلداً، سيشاركون (هم أيضاً) في الانتخابات يومي الخميس والجمعة». ويأتي تصويت العسكريين قبل يومين من فتح باب الاقتراع لعموم العراقيين السبت المقبل (12 أيار)، على أن تدخل البلاد فجر الجمعة في «الصمت الانتخابي»، وسط استنفار أمني (إغلاق جميع المعابر البرية والبحرية والجوية) ينتهي بانتهاء عملية الاقتراع وبدء فرز الأصوات، وتحضيرات لوجستية أصبحت شبه مكتملة.ومن المقرر أن يدلي الناخبون بأصواتهم في 55 ألف محطة اقتراع في عموم المحافظات العراقية، حيث وزعت «المفوضية» أجهزة التصويت الإلكتروني. وبحسب عضو «المفوضية»، معتمد الموسوي، فقد وُزِّعَت 10 ملايين و500 ألف بطاقة انتخابية للتصويت العام، وأكثر من 800 ألف بطاقة للتصويت الخاص (المنتسبين إلى القوى المسلحة). أما الذين لم يحصلوا على بطاقاتهم الانتخابية، فهم من المقيمين خارج البلاد، والنازحين من مناطقهم التي تضررت جراء الحرب على تنظيم «داعش»، وبالتالي سيدلون بأصواتهم عبر بطاقة الهوية الشخصية.
ومع الاقتراب من موعد التصويت العام، بدا الخطاب الانتخابي «أكثر هدوءاً واستقراراً» بوصف بعض المراقبين، متأثّراً بمفاعيل «وثيقة الشرف الانتخابي» التي وقّعتها معظم القوى السياسية برعاية أممية. يضاف إلى ذلك أن كيانات «البيت الشيعي» («النصر» بزعامة حيدر العبادي، «الفتح» بزعامة هادي العامري، «دولة القانون» بزعامة نوري المالكي، «سائرون» المدعوم من مقتدى الصدر، و«الحكمة» برئاسة عمار الحكيم) أجرت أخيراً سلسلة اتصالات عبر مندوبيها، شدّدت في محصلتها على ضرورة «تخفيف احتقان الشارع العراقي من جهة، والابتعاد عن الخطابات الجياشة من جهة أخرى، والاكتفاء بالشعارات الانتخابية التقليدية».
طرح الصدر محافظ ميسان علي دواي مرشّحاً لرئاسة الوزراء


وقبيل الدخول في فترة «الصمت الانتخابي»، تتسارع التقديرات بشأن حظوظ القوى المشاركة في الانتخابات، التي تَظهر «متقاربة نوعاً ما». ووفقاً لبعض تلك التقديرات، فإن «النصر» سينال ما بين 45 و55 مقعداً، بينما سيحظى «دولة القانون» بـ45 مقعداً. أما «الفتح»، فسيكون من نصيبه 35 مقعداً، فيما سيذهب 30 مقعداً إلى تحالف «سائرون». وسيُمثَّل «الحكمة» من جهته بـ15 مقعداً، فيما ستُمثَّل قائمة «الوطنية» (بزعامة إياد علّاوي) بـ35 مقعداً. لكن تلك الأرقام تظلّ قابلة للتغيير إما زيادةً أو نقصاناً بحسب مزاج الشارع، خصوصاً أن الانتخابات باتت أقرب إلى «البورصة» كما يُنقل عن زعماء القوائم، ولذا يفضِّل هؤلاء «توقع الأدنى»، على أن «يغامروا ويغرقوا في أمل اكتساح البرلمان»، مع عجز كياناتهم عن إنجاز استقراء دقيق لتوجّهات الناخبين.
وتقود الخريطة الأولية للحصص البرلمانية إلى الحديث عن شخص رئيس الوزراء المقبل، الذي تفيد معلومات «الأخبار» بأن أطرافاً عديدة باتت تجتمع على رفض أن يكون هو حيدر العبادي. وتشير المعلومات إلى أن سلسلة اجتماعات عُقدت في الأيام القليلة الماضية بين المالكي والعامري والحكيم، اتُّفق خلالها على عدم منح العبادي ولايةً ثانية. وقد سارع رئيس مجلس النواب، سليم الجبوري، إلى ملاقاة معارضي «الولاية الثانية»، مُبلِغاً إيّاهم «تأييده الكامل لخطوتهم». وإلى جانب الجبوري، تلقّى الزعماء الثلاثة «إشارات إيجابية، طيبة وقوية» من إقليم كردستان، أبرزها من الرئيس السابق للإقليم، مسعود البارزاني، وأطراف كردية، أكّدت معارضتها «المطلقة» لـ«الولاية الثانية».
هذا «الإجماع على إقصاء العبادي» تردّه مصادر «الأخبار» إلى «الخلافات الشخصية بينه وبين أولئك الساسة»، رافضةً الحديث المتداول عن «فيتو» إقليمي - دولي ضد الرجل، فيما تشدد أوساط العبادي على أن للأخير «حقّاً طبيعياً» في أن يكون مرشحاً لرئاسة الوزراء. لكن بعض المراقبين يربطون ذلك الحق بعدد المقاعد التي سينالها العبادي، إذ إن «ورقة الضغط» التي يمتلكها الرجل الآن محصورة - بحسب هؤلاء - بتوقعاته بشأن حجم كتلته (يذهب مقربون من رئيس الوزراء إلى القول إن تحالفه سينال 82 مقعداً)، فيما يقول منافِسوه إن تأهّله لولاية ثانية مشروط بـ«تفوقه بأكثر من 20 مقعداً على أقرب منافِسيه».
وفي السياق نفسه، كان لافتاً أمس إعلان زعيم «التيّار الصدري»، مقتدى الصدر، عزمه على ترشيح محافظ ميسان، علي دواي، لمنصب رئيس الوزراء، إذا «حقّق سائرون نتائج كبيرة في الانتخابات البرلمانية»، داعياً أنصاره إلى «الإدلاء بأصواتهم، لإبعاد الفاسدين عن السلطة». وبطرحه لدواي، يكون الصدر أول من سمى مرشحاً لمنصب رئيس الوزراء، في وقت تُفضِّل فيه معظم القوى تأجيل تسمية مرشحيها حتى إجراء الانتخابات.