لم تكد تمرّ ساعات على وصول قوات موالية لـ«التحالف» إلى مشارف مدينة البرح غرب تعز، حتى تلقّت ضربتَين «موجعتَين» أرغمتاها على التراجع، لتستعيد «أنصار الله» بذلك معظم المواقع التي كانت خسرتها. تطوّرٌ يبدو أنه سيحمل القيادتَين السعودية والإماراتية على إعادة النظر في «خطة تحرير الحديدة»، خصوصاً أن حجم الخسائر البشرية التي تكبدتها قواتهما فاق ما كان متوقعاً. وجاء الهجوم المضادّ العنيف على التشكيلات الموالية للرياض وأبو ظبي على الساحل الغربي توازياً مع عملية باليستية جديدة استهدفت العاصمة السعودية، ضمن مخطط تصاعدي بدأ منذ أسابيع تتطلّع «أنصار الله» من ورائه إلى بلوغ مستوى الردع.يوم أمس، أوحت وسائل الإعلام التابعة لـ«التحالف» بأن «تحرير الحديدة» بات قاب قوسين أو أدنى. تجلّى ذلك في التغطية المباشرة والمفتوحة التي خصّصتها تلك القنوات لتطورات الساحل الغربي، حيث استطاعت «ألوية العمالقة» السلفية الموالية للرئيس المستقيل، عبد ربه منصور هادي، مسنودةً بقوات من «المقاومة الجنوبية»، السيطرة على مفرق الوازعية (الذي يُعدّ حيوياً بالنسبة لـ«أنصار الله») والتقدم منه باتجاه مشارف مدينة البرح. لكن الساعات اللاحقة حملت أنباء «غير سارّة» لكل من الرياض وأبو ظبي؛ إذ بدا اجتياز مثلث البرح ومفرق الوازعية أشبه ما يكون بعملية استدراج نفذتها «أنصار الله» لتكبيد خصومها قتلى وجرحى، ومن ثم إجبارهم على الانسحاب.
هذا ما أوحى به الكمين الذي نصبه مقاتلون من الجيش واللجان للقوات المهاجِمة عند أطراف المدينة، حيث «وضعوا ثلاث سيارات مفخخة، وعمدوا إلى تفجيرها عن بعد، ما أدى إلى مقتل وجرح العشرات من ألوية العمالقة»، بحسب ما أفادت به مصادر ميدانية. وأضافت المصادر أنه أعقب التفجيرَ قدومُ كتيبة من الألوية نفسها سرعان ما تم استهدافها بـ«صواريخ حرارية موجّهة من طراز (كورنيت) ليسقط العشرات ممن كانوا على متنها بين قتيل وجريح، وينسحب من تبقى منهم إلى خارج المدينة». وطبقاً للمعلومات الواردة من الساحل الغربي، فإن «أنصار الله» تمكنت، كذلك، من استعادة مفرق الوازعية، مُحصّنةً خطوط إمدادها، في ظل توقعات بتنفيذها هجمات جديدة لاستعادة مثلث البرح.
أدّت مواجهات ليل الثلاثاء إلى ازدياد التوتر في صفوف قوات «التحالف»


وفي وقت تتالت فيه الأنباء عن «تناثر جثث العشرات من المقاومة الجنوبية في الجهة الغربية من مدينة البرح»، تعالت أصداء الخلافات بين نجل شقيق الرئيس السابق، طارق محمد عبد الله صالح، وبين تشكيلات «المقاومة» التي اتهمت الأول بالزج بعناصرها في «مذبحة كبرى». تنازعٌ يتوقّع أن يخلّف مزيداً من التأثيرات السلبية على عمليات «التحالف» غرب تعز، لا سيما في ظل مواصلة «أنصار الله» الدفع بتعزيزات إلى هناك، تقابلها تعزيزات مضادة من قبل التشكيلات الموالية للسعودية والإمارات. لكن ما تقوم به هذه الأخيرة لم يتطلّب وقتاً حتى انعكس على وجودها جنوب محافظة الحديدة، حيث وجدت قوات الجيش واللجان الفرصة سانحة لاستعادة ما خسرته قبل أشهر. وهو ما تُرجم هجوماً «نوعياً» على القوات الموالية للإمارات شرق مدينة حيس، أدى إلى «سقوط عدد كبير من عناصر المقاومة الجنوبية بين قتيل وجريح»، مقابل «تقدم كبير للجيش واللجان» بحسب ما أفادت به مصادر عسكرية.
على خطّ مواز، وفي إطار سعيها إلى وضع السعودية تحت رهاب «الباليستي» يومياً بما يمكن أن يشكّل حالة ردع مستقبلاً، استهدفت القوة الصاروخية في الجيش واللجان، أمس، مناطق مختلفة من المملكة، بهجمات صاروخية كان أبرزها الهجوم على الرياض. وأشارت وكالة «سبأ» الرسمية إلى أن «القوة الصاروخية قصفت ميناء الجاف، وأهدافاً اقتصادية أخرى في الرياض بدفعة من صواريخ (بركان H 2) الباليستية»، في حين قالت قيادة «التحالف»، على لسان الناطق باسمها، تركي المالكي، إنها «اعترضت صاروخاً كان متجهاً إلى مدينة الرياض، ورصدت آخر سقط جنوب العاصمة في صحراء غير آهلة بالسكان»، مجدّدة اتهامها «النظام الإيراني بدعم الجماعة الحوثية بقدرات نوعية».
وسبق استهدافَ الرياض إطلاقُ صاروخ باليستي من نوع «بدر 1» على معسكر الدفاعات الجوية في جيزان، «خلّف خسائر مباشرة في صفوف العدو وعتاده» بحسب ما ذكرت «سبأ»، فيما ادعت قيادة «التحالف» أن «قوات الدفاع الجوي الملكي السعودي تمكنت من اعتراضه». وأعقب عمليتي الرياض وجيزان هجوم ثالث في اليوم نفسه على منطقة نجران، حيث استهدف صاروخ باليستي من طراز «بدر 1» أيضاً «مقر المعلومات والحرب الإلكترونية» طبقاً لما تحدث به مصدر عسكري إلى «سبأ». واعترفت قيادة «التحالف»، بدورها، بهذا الهجوم الأخير، لكنها قالت إن «الصاروخ سقط في منطقة غير آهلة بالسكان، ولم تنتج منه أي أضرار».



السعودية طردت 17 ألف يمني
شنّت الأمم المتحدة، أمس، هجوماً حاداً على السلطات السعودية على خلفية ممارساتها بحقّ العمال اليمنيين على أراضيها. وأفادت المنظمة الدولية للهجرة، التابعة للأمم المتحدة، بأن «السعودية طردت، ما بين كانون الثاني/ يناير الماضي والوقت الراهن، نحو 17 ألف يمني؛ فقط بسبب وضعهم كمهاجرين في السعودية». وتوجّهت المنظمة إلى السعودية بالقول إنه «لا يمكنك إعادة الناس إلى بلد مثل اليمن، لا سيما وأنت تقصفه بنفسك»، متسائلةً: «هل هناك طريقة يستطيع من خلالها السعوديون استثناء اليمنيين حتى يصبح لديهم بلد يمكنهم العودة إليه؟». وتطرقت إلى أوضاع المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين المحتجزين في صنعاء، موضحة أن «إعادتهم لأوطانهم ليست هي المشكلة. المشكلة هي في حمل التحالف والسعودية على منحنا ضمانات بعدم التعرض لحافلات المنظمة أثناء السفر من صنعاء إلى الحديدة»، مضيفة أن ثمة حاجة إلى «ضمانات من السعوديين تسمح بدخول سفن المنظمة إلى ميناء الحديدة وحمل المهاجرين ونقلهم إلى جيبوتي».
(رويترز)