مرت الجمعة الثالثة، تحت عنوان «حرق العلم الإسرائيلي»، يوم أمس، ثقيلة على أهل غزة. صحيح أن الحصيلة كانت شهيداً واحداً وأكثر من 900 إصابة متنوعة، وهي أقل من الجمعتين الماضيتين، لكن طبيعة الإصابات ونوع الاستهدافات حملا مؤشراً على تغيّر التعاطي الإسرائيلي مع المسيرات، والذهاب نحو إحداث إصابات وعجز كبير لدى المشاركين في المسيرات السلمية.ورغم أنه سُجّلت حالتان، واحدة اخترق فيها السياج الفاصل جنوب قطاع غزة، وأخرى استطاع فيها الشبان إيصال طائرات ورقية مشتعلة لإحراق أحراج داخل فلسطين المحتلة من شرق القطاع، لكن المشهد العام بقي بين كرّ وفرّ، مع استمرار المتظاهرين باستعمال الدواليب المشتعلة (الكاوتشوك) لحجب الرؤية عن الجنود والقناصة الإسرائيليين.
وأفاد المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة، أشرف القدرة، باستشهاد الشاب إسلام حرز الله (28 عاماً) بطلق ناري في البطن شرقي غزة، وإصابة 969 آخرين بجراح واختناق، بينهم 17 من الطواقم الطبية والصحافية. وذكر القدرة أن من بين المصابين 67 طفلاً و20 امرأة، مشيراً إلى أنه وصل إلى المستشفيات 419 إصابة، فيما تعاملت النقاط الطبية في «مخيمات العودة» الخمسة للمسيرة مع 550 إصابة.
أما عن الإصابات في المستشفيات، فكانت هناك 15 خطرة و58 متوسطة، و213 طفيفة، بالإضافة إلى 105 اختناقات باستنشاق الغاز. ولوحظ أن من بين الإصابات 223 بالرصاص الحيّ، مقابل 13 بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، و34 جراء شظايا، و44 إصابة أخرى. وتركزت الإصابات في مناطق حساسة: 14 في الرقبة والرأس، و58 في الأطراف العلوية، و9 في الظهر والصدر، و19 في البطن والحوض، و207 في الأطراف السفلية، و9 في أماكن متعددة.
خلال المسيرات، لوحظ الاستهداف المتعمد للطواقم الصحافية والطبية، رغم أنهم يلبسون زياً مميزاً عن الشبان، وسجلت إصابة خطرة من 3 إصابات بين الطواقم الصحفية، تعرض لها الصحافي أحمد أبو حسين مراسل إذاعة «صوت الشعب»، وبذلك يرتفع عدد المصابين من الصحافيين منذ الثلاثين من آذار إلى نحو 53 جريحاً بجانب الشهيد ياسر مرتجى.
وبجانب توافد آلاف المواطنين إلى «مخيمات العودة» المنصوبة في خمس مناطق في القطاع، وتبعد نحو 700 متر عن السياج الفاصل مع الأراضي المحتلة، حيث أقاموا صلاة الجمعة ومجموعة فعاليات، اندلعت اشتباكات محدودة في الضفة المحتلة. ومع اختتام الجمعة الثالثة، تصل حصيلة «مسيرات العودة» إلى 35 شهيداً و3100 مصاب، فيما أعلنت «الهيئة الوطنية لمخيم ومسيرة العودة وكسر الحصار» مساء أمس، انتهاء فعاليات جمعة «حرق العلم»، داعيةً إلى الحشد في الجمعة المقبلة التي ستحمل اسم «جمعة الشهداء والأسرى». وأكدت الهيئة في مؤتمر صحافي «استمرارية الحراك حتى تحقيق العودة»، مشيدة بالحراك المتوازي أمس في مخيمات لبنان والأردن والضفة والداخل المحتل وفي أوروبا وأوستراليا.
تعقيباً على ذلك، قالت حركة «حماس»، إن «الوحدة الوطنية التي تتجسد اليوم في ميدان مسيرة العودة الكبرى ورفع العلم الفلسطيني ومشاركة كل فئات الشعب ووقوفهم صفاً واحداً في مواجهة المحتل تأكيد على أن الثوابت الوطنية توحدنا وكل محاولات تركيع الشعب الفلسطيني باءت بالفشل». وكتب المتحدث باسم «حماس» فوزي برهوم على حسابه في «تويتر»، أن «حرق الجماهير للعلم الإسرائيلي رسالة لكل المطبعين وللعالم أجمع أنه لن يستطيع كائناً من كان منح شرعية للاحتلال على أرض فلسطين وأن الشعب الفلسطيني هو صاحب الأرض والقرار».
على صعيد آخر، وبينما لا تزال أزمة الرواتب في غزة مستمرة بشقيها المتعلق أحدهما بـ«حماس» والثاني بالسلطة، نقلت وكالة «قدس برس» أن اجتماعاً سيُعقد غداً السبت بين مسؤول الملف الفلسطيني في جهاز «المخابرات العامة» المصرية، اللواء سامح نبيل، وقادة «حماس» في غزة، وذلك بعد أن قرر رئيس «المخابرات» المصرية، اللواء عباس كامل، إيفاد نبيل إلى غزة في زيارة تستغرق يوماً واحداً فقط، إذ سيغادر في مساء السبت. يأتي ذلك بعدما رفضت «حماس» (راجع عدد الأمس) إيفاد وفد قيادي منها إلى القاهرة، واكتفت بنقل ملاحظات مع وفد من «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» اتجه إلى مصر للقاء وفد من «فتح» ومسؤولين مصرين.
في غضون هذا، استمر العمل على معبر رفح خلال الفتح الجزئي له، وذلك لليوم الثاني أمس، بصورة أفضل قليلاً من اليوم الأول (الخميس)، علماً بأن المعبر لم يفتح من بداية العام الجاري سوى ثمانية أيام فقط.
إلى ذلك، استنكر رئيس السلطة محمود عباس، حرق مستوطنين إسرائيليين مسجداً في بلدة عقربا جنوب نابلس، وكتابتهم شعارات عنصرية على جدرانه. وذكّر عباس في بيان للرئاسة الفلسطينية أمس بأنها «ليست المرة الأولى التي يحرق فيها المستو طنون مساجد وكنائس في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهذا يؤكد أن الجرائم الخطيرة التي يقوم بها المستوطنون الإرهابيون المنفلتون من عقالهم إنما تجري تحت بصر قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي وحمايتها».