التهديدات الإيرانية بالرد على الاعتداءات الإسرائيلية على مطار «T4» العسكري، وجدت صداها في تل أبيب، التي أكدت عبر مصادر عسكرية رفيعة، أمس، أنها تتعامل بجدية مع التهديدات الواردة من إيران، ودفعتها إلى استنفار عسكري وجهوزية استخبارية، على طول الجبهة الشمالية. انتظار تلقي الرد لم يمنع إسرائيل من توجيه تهديدات مقابلة، أظهرت نتيجة إفراطها حجم الخشية والتوجس الإسرائيليين في أعقاب التهديدات الإيرانية، إذ وصلت إلى حد التلويح بإسقاط النظام السوري والرئيس بشار الأسد، الخط الأحمر الروسي، الذي لا تقوى تل أبيب من ناحية عملية على تجاوزه.
في حديث إلى صحيفة «معاريف»، قالت مصادر في «القيادة العليا» للمؤسسة الأمنية والجيش الإسرائيلي، إنّه في حال نفذ الإيرانيون عملية «عدائية» ضد إسرائيل، انطلاقاً من الأراضي السورية، فإن الأسد ونظامه سيدفعان الثمن: «هو ونظامه، أي الأسد بشخصه وذاته، سيدفع الثمن، ويختفي مع نظامه من الخريطة والعالم». لكن في موازاة هذه التهديدات، أكدت المصادر نفسها أن «إسرائيل غير معنية بالتصعيد»، لتعيد وتستأنف التهديد باتجاه الساحة اللبنانية: «لكن في حال انضم حزب الله الى الرد الإيراني، فعلى الأمين العام لحزب الله (السيد حسن) نصر الله أن يدرك أنّه سيدفع ثمناً باهظاً جداً، وأن مصيره سيكون مشابهاً لمصير الأسد».
والواضح من الإفراط بالتهديدات أن إسرائيل تسعى الى التأثير على قرار إيران بالرد على اعتداءاتها، وإن لم يكن باتجاه إلغاء الرد فتأجيله قدر الإمكان، أو التخفيف من مستواه ووطأته على إسرائيل، رغم التأكيد الإسرائيلي على جدية التهديدات الصادرة عن طهران في اليومين الماضيين. جدية عبّرت عن نفسها استنفاراً واستعداداً عسكريين مع جهوزية استخبارية على مدار الساعة، أكدت عليها مصادر عسكرية رفيعة في تل أبيب على طول الجبهة الشمالية مع سوريا ولبنان.
تسعى تل أبيب عبر الإفراط بالتهديدات إلى التأثير في قرار إيران بالرد على اعتداءاتها


مع ذلك، تهديدات إسرائيل بالرد على الرد الإيراني من خلال استهداف النظام في سوريا وكذلك الأسد، سلاح ذو حدين، ويؤثر سلباً على الجانب الروسي ويتجاوز خطوطاً حمراء وضعتها موسكو لكل الجهات المؤثرة في الساحة السورية، وإن قابله أمل إسرائيلي بأنّ يؤثر تراجعاً في التوثب الإيراني للرد، الأمر الذي دفع نتنياهو الى الطلب من وزرائه في مستهل جلسة المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية، التي عقدت لبحث «تعقيدات وتطورات» الوضع في سوريا، إلى وقف التعليقات على الأحداث المتسارعة هناك، لافتاً إلى أنّ الوضع متوتر وحساس، ويجب الامتناع عن التصريح أمام الإعلام في كل ما يتعلق بموضوع التوتر مقابل سوريا.
وفي موازاة الخشية والتهديدات، عبّرت إسرائيل أمس عبر صحيفة «يديعوت أحرونوت»، عمّا كانت في العادة تتجنبه، وهو الحديث عن «جهوزية مواجهة» ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وإن شدّدت الصحيفة على شكل المواجهة الدبلوماسية، مع التشديد على الوقوف صفّاً واحداً إلى جانب الولايات المتحدة ضد المصالح الروسية.
بحسب الصحيفة، التعبير عن الموقف العدائي الإسرائيلي تجاه روسيا برز في البيان الصادر عن وزارة الخارجية، وتأكيداً على استخدام السلاح الكيميائي في سوريا، المستند بحسب الادعاء الإسرائيلي الى تقديرات استخبارية عسكرية للجيش، علماً بأن صحيفة «هآرتس»، أمس، وتحت عنوان بارز، أشارت نقلاً عن مصادر استخبارية إسرائيلية الى أنّه لا يوجد أدلة راسخة على استخدام الكيميائي في دوما، وإن تبنت إسرائيل الرواية المتداولة لدى الغرب.
بحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت»، البيان الإسرائيلي الموجه ضد موسكو، سبب آخر، وهو رد دبلوماسي على البيان الصادر عن الكرملين في اتجاهي إدانة: الهجوم على مطار T4، وكذلك الإفراط في استخدام القوة ضد المدنيين في غزة. و«من جهة المحافل السياسية والأمنية في إسرائيل، الغطاء الدبلوماسي الروسي للنظام السوري ومنحه شرعية استخدام سلاح كيميائي، يعد تهديداً خطيراً وحقيقياً لإسرائيل. وعليه، فإن إسرائيل على استعداد لمواجهة مباشرة مع روسيا».
في السياق نفسه، تجاوز رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق، رئيس مركز أبحاث الأمن القومي الحالي، اللواء عاموس يدلين، المواجهة الدبلوماسية مع الروس، ليلمح إلى إمكان المواجهة العسكرية، لافتاً الى أن إسرائيل قادرة على مواجهة أعداء كثر وحدها، وإن استلزم الأمر إسقاط النظام السوري، لكن في حال توسعت المواجهة لتشمل قتالاً مباشراً ضد إيران، أو أدت إلى تدخّل روسي، فان إسرائيل بحاجة إلى الولايات المتحدة لمساعدتها، ومن المهم لكلا الطرفين (الأميركي والإسرائيلي) الاستعداد لسيناريوات مشابهة.