بلغت خلافات الأجنحة حد إلقاء القبض على أشخاص من داخل بنية النظام
هذا الاستعجال يحمل أطياف المعارضة، وكذلك الخبراء الاقتصاديين المحايدين، على إحاطة الإعلان الأخير بالعديد من التساؤلات التي لا يبدو أن لدى السلطات إجابات شافية عليها. في مقدمة تلك التساؤلات يأتي الحديث عن كلفة استخراج النفط الصخري، والذي يتطلب موازنة ضخمة تزيد في حال كان الحقل واقعاً بمعظمه في المياه المغمورة، كما هو واقع الحقل البحريني الجديد. يقول وزير النفط في المملكة، خلال لقائه أعضاء مجلسي الشورى والنواب الإثنين الماضي، إن وزارته ستعمل على أن لا تتجاوز هذه الكلفة 40 دولاراً للبرميل الواحد. لكن تقديرات محمد آل خليفة تبدو بالنسبة إلى كثيرين أقرب إلى التمنيات، بالنظر إلى أن الكلفة المذكورة لن تقلّ - على ضوء تجارب الدول الأخرى المنتجة للنفط الصخري - عن 60 دولاراً، وهو ما لن تستطيعه البحرين التي ارتفعت نسبة ديونها من 44% في 2014 إلى 90.6% في 2017. يُضاف إلى ما تقدم أن المملكة لا تحتاج الكمية المفترض إنتاجها من الحقل الجديد، والتي تبلغ 200 ألف برميل يومياً، ما سيضطرها إلى التصدير للخارج، والذي يبدو متعذراً على اعتبار أن سعر البيع لا يغطي كلفة الإنتاج (حتى لو ارتفعت أسعار النفط تظل كلفة الإنتاج أعلى من سعر البرميل).
هذه المعطيات تجعل من السهل، بالنسبة لقوى المعارضة وشخصياتها، إحالة «الفتح النفطي» إلى حسابات سياسية متصلة بصراع أجنحة الحكم، خصوصاً وأن ولي العهد، نجل الملك، سلمان بن حمد آل خليفة، سارع إلى تبني اكتشاف وزير النفط، في ما رأى فيه البعض استجابة لحاجة ملحة لدى جناح الملك إلى تصدير إنجاز في مواجهة جناح رئيس الوزراء، عمّ الملك، خليفة بن سلمان آل خليفة. قراءة لا تبدو من باب المبالغة في ظل وصول خلافات الجناحَين حد الزج بأشخاص من داخل بنية النظام في السجن على خلفية ما سمتها وزارة الداخلية «الفوضى الإلكترونية التي سبّبتها بعض حسابات التواصل الاجتماعي المخالفة». وأُلقي القبض، في 30 آذار/ مارس الماضي، على 5 أشخاص بينهم 3 موظفين حكوميين (2 منهم عاملان في وزارة الداخلية)، بعد انتشار «تغريدات مسيئة» منقولة عن حساب «نائب تائب» تصف ديوان رئيس الوزراء بأنه مخترق من قبل «الإخونجية»، وتتهم هؤلاء بـ«التعامل مع قطر». وعلى إثر ذلك، انتشرت حسابات مضادة في مقدمها «فاضح نائب تائب»، الذي طالبت آخر تغريداته بـ«محاسبة وزير الداخلية على تهاونه في اتخاذ أي إجراء حازم لصد شبكة نائب تائب، وهذا يؤكد تعاطفه الكامل معهم».
اللافت أيضاً أن الحساب الأول، الذي يتهم ديوان رئيس الوزراء بلعب «دور تآمري» على البحرين وملكها، تكثر فيه التغريدات المشيدة بالإمارات وحاكمها (محمد بن زايد)، والداعية إلى إفساح المجال أمام نجل الملك، ناصر بن حمد آل خليفة، لتولي رئاسة الوزراء، وهو ما حمل الأخير على التحذير من «الزج باسمه في فتنة مواقع التواصل الاجتماعي أو الحديث بلسانه بأي شكل من الأشكال». والجدير ذكره هنا أن الإمارات تميل بالفعل إلى تصعيد ناصر بدلاً من سلمان الذي لا تربطها به علاقة ودية، في ظل حديث عن أنها ترهن مساعداتها الاقتصادية والمالية للبحرين بإزاحة رئيس الوزراء الحالي.