تشهد إسرائيل حالة من التوتر السياسي والأمني نتيجة المخاوف من مفاجآت قد تواجه جيش الاحتلال والمستوطنين على الجبهة الجنوبية لفلسطين المحتلة. وعلى هذه الخلفية، تأتي الخطوات السياسية والمواقف التي توالت من أكثر من مسؤولي سياسي وأمني محذرة من تداعيات ما يُعدّه الشعب الفلسطيني وفصائله المقاومة من خطوات عملانية وجماهيرية خلال «مسيرات العودة». على وقع هذه المخاوف، اجتمع المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) لبحث الاستعدادات الأمنية مع اقتراب «عيد الفصح»، وعلى خلفية التوتر على حدود القطاع، ولمواجهة المسيرات الشعبية الكبيرة المقررة غداً الجمعة. في مواجهة هذه المسيرات التي ستنطلق على أكثر من محور، أكد منسّق الحكومة الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية المحتلة، يوآف مردخاي، أن الرد الإسرائيلي «سيكون قاسياً، وليس فقط ضد المتظاهرين»، مؤكداً أن «جميع الخيارات ستكون على الطاولة». وقال: «لقد اتصلنا بأكثر من 20 شركة باصات في غزة، من الذين حصلوا على أموال من حماس لنقل المتظاهرين، وحذرناهم من اتخاذ خطوات شخصية ضد أصحاب الشركات».
من جانب آخر، تتزايد المؤشرات التي تدل على أن الحدود باتت بوابة مواجهة مقبلة، بعدما تسبّبت في الأسابيع الأخيرة في حالة قلق كبيرة داخل إسرائيل. وقد تكررت أمس حالات الاختراق والتسلل، إذ تمكن شاب فلسطيني من اجتياز الجدار الإلكتروني شمال قطاع غزة، قبل أن تعتقله قوات الاحتلال بالقرب من قاعدة «زكيم» العسكرية، وتنقله إلى التحقيق، علماً بأنه لم يكن مسلحاً.
تسبّبت سلسلة الأحداث
المتتالية على الحدود في قلق كبير للمؤسسة الأمنية


في الوقت نفسه، قالت مصادر إسرائيلية إن أضراراً لحقت بعدد من المعدات الهندسية، وذلك بعدما نجح عدد من الشبان في اجتياز الشريط الحدودي عند موقع «كارني» العسكري وإحراق آلية لقوات الاحتلال، ثم عادوا إلى غزة بسلام، في حادثة شبيهة لإحراق آلات حفر قبل أيام، وهو ما استدعى رداً موضعياً بإطلاق قذائف مدفعية على موقع للمقاومة شرق القطاع، ثم إعلان فرض تعزيزات عسكرية واسعة على طول الحدود. وأول من أمس، أثار تمكن ثلاثة شبان فلسطينيين من اجتياز الشريط الحدودي والتوغل لمسافة 20 كلم في منطقة «اشكول»، قبل اعتقالهم قبيل وصولهم إلى القاعدة العسكرية «تسيئيليم» وفي حوزتهم قنابل يدوية ــ وفق ادّعاء الاحتلال ــ قلقاً كبيراً، خاصة أن الكاميرات أظهرت دخولهم ببساطة وسيرهم بمشي بطيء.
في هذا الإطار، رأى رئيس أركان جيش العدو، غادي أيزنكوت، في مقابلة مع صحيفة «هآرتس» العبرية ستنشر كاملة غداً، أن «فرص التصعيد الأمني خلال العام الجاري ازدادت في ضوء الأحداث على عدة ساحات، وفي مقدمتها الساحة الفلسطينية». وذكر أن ما يحدث في الضفة المحتلة حالياً يثير لديه قلقاً مرتفعاً جداً، لكنه أجمل معالم هذا الواقع المعقد في الساحة الفلسطينية بالقول إنه «ستتلاقى خلال الأشهر المقبلة مناسبات يوم الأرض ويوم النكبة واستقلال إسرائيل، ونقل السفارة الأميركية إلى القدس، والاقتراب من نهاية عهد أبو مازن (محمود عباس)، وعملية المصالحة العالقة، فضلاً عن أن حماس في غزة تواجه ضائقة صعبة»، مضيفاً بعد ذلك: «الشرق الأوسط يشهد تطورات مشحونة وحساسة، خاصة لدى الفلسطينيين؛ سنواجه تحديات كبيرة جداً في احتفالات الاستقلال السبعين». وبالتفصيل، شرح أيزنكوت جانباً من خلفيات هذا التصعيد المحتمل، قائلاً إن «الواقع الاقتصادي والمدني في غزة صعب جداً»، لكنه عاد وادّعى أن «الأمر لم يصل بعد إلى أزمة إنسانية»، مشدداً في الوقت نفسه على وجود مصلحة إسرائيلية واضحة في أن لا يصلوا (في غزة) إلى الانهيار، ولذلك يتجول منسّق أعمال الحكومة في العالم من أجل تجنيد الموارد للقطاع!». يشار إلى أن جيش العدو أعلن أمس «فرض الحصار التام» على الضفة وإغلاق حواجز غزة بدءاً من ساعات منتصف ليل الخميس ــ الجمعة، وذلك بموجب «تقييم أمني للأوضاع» وتصديق المستوى السياسي الإسرائيلي، على أن يستمر الإغلاق التام حتى ساعات منتصف ليل السبت ــ الأحد، السابع من الشهر المقابل.
إلى ذلك، أكد المفوض العام لـ«وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» (الأونروا)، بيير كرينبول، خلال مؤتمر في مدينة خانيونس، جنوبي القطاع، أمس، أن الأوضاع الإنسانية في غزة «خطيرة وغير مسبوقة على الناس بسبب الحصار»، مشدداً على أن «هذا هو الوقت المناسب للتحرك». ودعا كرينبول إلى «عدم التقليل من سوء الأوضاع الإنسانية... هناك تدهور خطير ودراماتيكي، وهناك ضغوط نفسية كبيرة على الناس بشكل غير مسبوق، وانهيارات كبيرة في القطاع الصحي».