لا أحد يعرف رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، أكثر من الإسرائيليين. فهو بالنسبة إليهم صمام الأمان الذي يمنع انفجار الضفة المحتلة في وجه الشرطة الإسرائيلية، التي تستبيح الضفة وتقتل وتعتقل يومياً من تشاء.
«أبو مازن» صاحب مقولة «التنسيق الأمني (مع العدو) مقدس»، يملك حيثية خاصة في قلوب ضباط الجيش الاسرائيلي، حتى لو لم تعترف السلطة السياسية الإسرائيلية بذلك. هذه الخلاصة خرج بها ضابط إسرائيلي رفيع في مؤتمر صحافي، قائلاً إن رئيس السلطة «عامل استقرار ويحقق المصلحة الإسرائيلية، برغم الخلاف بين الجهات الأمنية والقيادة السياسية في تل أبيب، التي (الأخيرة) تواصل انتقاده وتشن الهجمات عليه».
وأضاف الضابط: «القيادة السياسية تعرف ذلك وتقر به، لكنها ترى أن مصلحة إسرائيل تكمن في شن الحملات على أبو مازن، والهدف من التشكيك في نياته السياسية هو إرباك عملية التسوية لمنع التوصل إلى اتفاق نهائي حول القضايا العالقة».
الأمنيون الإسرائيليون الذين يتواصلون يومياً مع رجال السلطة، يعرفون حقيقة التنسيق على الأرض. وهذا المشهد سعى الضابط إلى نقله بالتأكيد أن عباس «يدعم الاستقرار الأمني النسبي في الضفة». وتابع: «هو جهة تساعد على حفظ الاستقرار، وأنا حقاً أصدقه بأنه لا يسعى إلى العنف ولا يريد انتفاضة».
وفي ظل التهديدات باستقالة «أبو مازن» من رئاسة السلطة، أعرب الضابط الإسرائيلي عن اعتقاده بأن «أيام عباس ليست معدودة». وقال: «لا أعتقد أنه سيذهب إلى أي مكان، بل لديّ قناعات شخصية بأن أبو مازن يساهم في استقرار أمننا». ولفت أيضاً إلى أن «الرئيس الفلسطيني صاحب أجندة واضحة، وعندما أترجمها من الناحية العملية فهي تعمل لمصلحتنا».
لكن الضابط الإسرائيلي حاول تفهم الظروف التي يمر بها عباس، مشيراً إلى أنه «لا يمكننا أن نتوقع منه التنديد واستنكار العمليات قطعاً». وقال: «يجب أن نقوم بتنسيق توقعاتنا وإدراك القيود التي تقف أمامه واحتياجاته»، ثم إن الأهم هو «ماذا يفعل، وليس ماذا يقول». وفي ما يتعلق بجرأة عباس في التعبير عن مواقفه، قال الضابط: «لا أعرف قادة عرباً يقولون بالعربية ما قاله هو بخصوص قدسية التنسيق الأمني».
وبشأن هذه الأقوال، فإنه ليس خافياً أن العمليات التي وصفها الضابط بـ«العدائية» ضد إسرائيل انخفضت في النصف الأول من العام الجاري مقارنة بالمدة نفسها من السنة الماضية. ووفق المعطيات، سجل خلال الأشهر الستة الأولى من السنة الحالية 12 عملية إطلاق نار، و4 عمليات طعن، وعملية بعبوة ناسفة وعملية دهس واحدة، وذلك مقابل 20 عملية إطلاق نار، وعملية طعن واحدة، و7 عبوات ناسفة في المدة نفسها من عام 2014.
وتابع أيضاً، أنه طرأ انخفاض على عمل الخلايا الفلسطينية المنظمة التي تتلقى التمويل والتوجيه من خارج البلاد، «سواء من قطر أو تركيا»، كما ادعى. واختتم: «خلال المدة الأخيرة، نشأت خلايا محلية تتنظم بقواها الذاتية وتعتمد بذلك على الإنترنت والفايسبوك... على الأغلب، هذه الخلايا التي تقوم بعملية واحدة تنتهي وظيفتها بذلك وتختفي من العالم».
(الأخبار)