لا يزال نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي يظهر أنه يولي اهتماماً بالعمل في سيناء، فبجانب العمليات العسكرية المستمرة لمواجهة العناصر المتطرفة، يحاول تعمير المنطقة وتنفيذ المشروعات التي تعثرت على مدار سنوات، وهو ما انعكس أخيراً في ترويج الحكومة للمانحين الخليجيين من أجل الاستثمار في مشروعات تنموية في شمال سيناء، في ظل «تراجع الإرهاب وانحساره».
واستجاب السيسي أخيراً لطلب عدد من مشايخ القبائل، الذين التقاهم أخيراً، وأصدر عفواً رئاسياً عن ثمانية محبوسين على ذمة قضايا سياسية، بعد تأكد الجهات الأمنية من أنهم «غير متورطين» في حوادث عنف، وهي الخطوة التي جاءت بعد ساعات من إعادة فتح «كوبري السلام» الرابط بين ضفتي قناة السويس بعد إغلاق استمر عامين لدواعٍ أمنية، وهو ما يساعد في تسهيل الوصول إلى شمال سيناء.
وفق مصادر قبلية، فإن المحبوسين الثمانية الذين أطلق سراحهم كانوا من بين المئات ممن اعتقلتهم قوات الجيش من منازلهم ومن الطرقات في مدن الحدود بدعوى الاشتباه، ومكثوا في معتقل العازولي العسكري في الإسماعيلية لمدد راوحت بين عامين وثلاثة أعوام دون أن توجه إليهم تهم محددة أو أي محاكمات. لكن العدد لم يكن كافياً بالنسبة إلى القبائل التي توقعت الإفراج عمّا بين 250 إلى 300 معتقل كانوا قد قدموا قوائم بأسمائهم إلى رئاسة الجمهورية.
كانت القبائل تأمل إطلاق سراح 250 شخصاً بدلاً من ثمانية تلقوا عفواً

العفو الرئاسي تزامن مع قرار تمديد حالة الطوارئ ثلاثة أشهر جديدة اعتباراً من نهاية الشهر الجاري للمرة السادسة، فيما سيكون على السيسي إذا رغب في تمديد الطوارئ نهاية نيسان المقبل الحصول على موافقة مجلس النواب، علماً بأن النائب حسام رفاعي، عن دائرة العريش، عقد اجتماعاً خاصاً داخل المجلس حصل خلاله على قائمة بتوقيعات 155 نائباً قبل قرار تجديد الطوارئ ورفعها إلى رئاسة الجمهورية.
وبموجب التمديد الرئاسي للطوارئ، فإن حظر التجوال سيستمر في مدينة العريش عاصمة شمال سيناء من الواحدة فجراً حتى الخامسة صباحاً، فيما يستمر في مدن الشيخ زويد ورفح من السابعة مساءً حتى السادسة صباحاً.
كذلك، وبصفة أنها أول وزيرة تزور شمال سيناء مع وفد تنموي منذ نحو ثلاث سنوات، نفذت وزيرة التعاون الدولين سحر نصر، جولة في شمال سيناء برفقة ممثلين عن ستة صناديق عربية، هي: «العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي»، و«السعودي للتنمية»، و«الكويتي للتنمية»، و«أبو ظبي للتنمية»، و«الأوبك للتنمية الدولية (أوفيد)»، و«البنك الإسلامي للتنمية»، وذلك لبحث فرص الاستثمار ولقاء أهالي سيناء. وأعلنت نصر أن الوزارة قدمت إلى الصناديق العربية مقترحات بإنشاء مصانع وقرى بدوية ومشروعات لخدمات النساء البدويات.
وتقول مصادر حكومية لـ«الأخبار» إن الحكومة تسعى إلى الحصول على ستة مليارات دولار من الصناديق العربية، خاصة الخليجية، على صيغة قروض ميسرة، من أجل ضخها على مدار ثلاث سنوات، بالإضافة إلى ضخ استثمارات في المشروعات التي ترغب الحكومة في تنفيذها، من بينها استصلاح الأراضي وتنفيذ مشروع ميناء العريش وزراعة أشجار الزيتون، فضلاً عن استغلال أراضي المصانع الصناعية لتنفيذ مشروعات كبرى.
والخطة التي ستنفذها الحكومة وُضعت في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، ولم تنفذ لأسباب سياسية، ثم أعلن إطلاقها الرئيس الإسلامي الأسبق محمد مرسي في أيار 2013، ولكن لم تتمكن حكومته من تنفيذها بعد إطاحتها في «30 يونيو». كذلك توقفت عملية التنمية طول الشهور الماضية بسبب افتقاد الأمن السيطرة على مساحات كبيرة في سيناء والعمليات الإرهابية المتعددة التي نفذها تنظيم «ولاية سيناء».
وبخلاف الاستثمار في سيناء عبر مجالات التعدين والسياحة والصيد في بحيرة البردويل والزراعة على جوانب ترعة السلام، فضلاً عن إمكاناتها الصناعية في المنطقة الصناعية في بئر العبد، فإن «الصندوق السعودي للتنمية» سيدعم إنشاء مدينة سكنية باسم الملك سلمان في منطقة طور سيناء في الجنوب، بخلاف استكمال مشروعات تنموية في الجنوب وإنشاء مدينة شرم الشيخ الجديدة.
في سياق آخر، لجأت الحكومة إلى إعلان عائدات قناة السويس للمرة الأولى بالجنيه المصري بدلاً من الدولار، مستغلة انخفاض قيمة الجنيه أمام العملة الأميركية في العام الماضي بعد تراجع إيرادات القناة نتيجة تباطؤ الاقتصاد العالمي برغم افتتاح التفريعة الجديدة، التي كلفت نحو 28 مليار جنيه في آب الماضي. لكن تراجعت الإيرادات لتصل إلى 5.1 مليارات دولار مقارنة بـ5.4 مليارات دولار العام الماضي.