أربيل | يبدو أن أحلام رئيس إقليم كردستان العراق، مسعود البرزاني، في استقلال الإقليم وإعلان «الدولة الحلم» ستتحول إلى مجرد تمنّي بالقدرة على المحافظة على وحدة الإقليم من التقسيم مجدداً والعودة إلى نظام الادارتين، السليمانية من جهة وأربيل ودهوك من جهة أخرى.
البرزاني الذي راهن منذ عام على التغييرات الحاصلة في العراق في تحقيق المزيد من المكاسب السياسية والاقتصادية، أصبح اليوم في موقف سياسي واقتصادي معقد مع تزايد المشاكل في الإقليم، من رفض الأحزاب إجراء الانتخابات الرئاسية قبل إصدار قانون الرئاسة وانتخاب الرئيس من قبل البرلمان، إلى تعذر إنجاز الدستور في الفترة المحددة، والأزمة الاقتصادية التي يمر بها الإقليم.
أخيراً خرجت أصوات في السليمانية، على رأسها رئيس مجلس محافظة السليمانية، هفال أبو بكر، الذي هدّد بجعل المحافظة إقليماً مستقلاً عن حكومة الإقليم في أربيل، نتيجة ما اعتبره تهميشاً وغبناً من قبل الحكومة تجاه المحافظة وعدم إعطائها حقها من المشتقات النفطية والكهبرباء وغيرها من الخدمات الأساسية.
وتعتبر مدينة السليمانية القاعدة الأساسية لجماهير كلّ من حزب «الاتحاد الوطني الكردستاني» برئاسة جلال الطالباني وحركة «التغير» و«الجماعة الاسلامية الكردستانية» وحزب «الاتحاد الإسلامي الكردستاني»، خلافاً لمدينتي أربيل ودهوك اللتين يتمتع فيهما الحزب «الديموقراطي» برئاسة البرزاني بأغلبية النفوذ.
يقرّ عضو برلمان الإقليم عن قائمة «التغيير»، فائق مصطفى، في حديث إلى «الأخبار» بوجود غبن وتهميش يمارسان تجاه السليمانية من قبل حكومة أربيل، بحسب التحقيقات الأولية التي قام بإجرائها نواب المحافظة.

معاقبة السليمانية وأحزابها بسبب موقفها من موضوع الرئاسة

وأعطى مصطفى مثالاً على ما يحصل نموذج توزيع النفط في فترة شحّ الوقود في الإقليم، فأوضح أن السليمانية تعاني بشكل كبير في هذا الفترة، فيما لا تعاني مدينتا أربيل ودهوك. الدعوات إلى انفصال المحافظة قابلها رئيس الإقليم مسعود البرزاني بتحذير المطالبين من مغبة النتائج، داعياً كل من له هذا التوجه إلى «اختيار مكان آخر يعيش فيه غير الإقليم». وشدد البرزاني في تصريحات صحافية، في وقت سابق، على أنه «ليس بمقدور أي شخص أن يقسم الإقليم، ويجب ألا يفكروا فيه حتى في الخيال»، فيما نبّه المتحدث الرسمي باسم حكومة الإقليم، سفين دزيي، إلى خطورة هذه المطالب، مشدداً على أن «هذا التفكير يعرّض مجتمع وجغرافيا الإقليم لمخاوف التفكك».
في المقابل، فإنّ تحذيرات «الديموقراطي» العالية النبرة لا تنفي واقع استثماره طرح التقسيم، إذ يتهم النائب عن قائمة «الاتحاد الوطني»، قادر وتمان، الحزب «الديموقراطي» باستعمال موضوع العودة إلى إدارتين كورقة ضعظ على الأحزاب الأخرى، بسبب مسألة رئاسة الإقليم وإصرار الأحزاب على عدم أحقيّة مسعود البرزاني قانونياً في تولّي منصب الرئاسة للمرة الثالثة على التوالي. وشدد وتمان في حديث إلى «الأخبار» على أن «حكومة الإقليم تعاقب السليمانية وأحزابها وتهمّشها بسبب موقف تلك الأحزاب من موضوع الرئاسة». يذكر أن الإقليم، وفي أعقاب الحرب الداخلية بين عامي 1994 و1998 ما بين «الاتحاد» و«الديموقراطي»، انقسم إلى إدارتين، الأولى في أربيل ودهوك تحت هيمنة «الديموقراطي» والثانية في حدود السليمانية تحت هيمنة «الاتحاد»، وأفرز ذلك نشوء حكومتين مختلفتين لإدارة المنطقتين، حتى تم توحيد الحكومتين في حكومة واحدة بعد الاتفاقية التاريخية لتوحيد إدارتي حكومة الإقليم يوم 21 كانون الثاني 2006. ويكشف النائب عن «الديموقراطي» في برلمان الإقليم، عبدالله ريكاني، وجود إدارتين مختلفتين عملياً في الوقت الحالي بين السليمانية وأربيل، رغم توحيدها نظرياً في عام 2006، وربط المطالبات بعودة الإقليم إلى مرحلة الإدارتين بالمشاكل السياسية العالقة بين أحزاب الإقليم.
واتهم عبدالله في حديث إلى «الأخبار» أطرافاً إقليمية وخارجية بتشجيع أطراف داخل الإقليم على المطالبة بإدارتين بهدف إجهاض محاولات الإقليم الاستقلال عن بغداد، معتبراً محاولة فصل الإدارتين القائمتين بمثابة انتحار سياسي لمن بقوم بها.
في المقابل، حذر رئيس قائمة «الاتحاد الاسلامي» في برلمان كردستان، أبو بكر هلدني، من عواقب العودة إلى إدارتين في الإقليم. وقال لـ«الأخبار» إن «مسألة العودة إلى إدارتين في الإقليم تستخدم كورقة ضغط من قبل طرف لإجبار الأطراف الأخرى على المساومة».
وحذر الخبير في الشؤون السياسية، شورش حسن، من أن يؤدي الصراع السياسي بين الأحزاب الكردية إلى اندلاع حرب أهلية على شاكلة حرب التسعينيات.
ولفت حسن إلى أن «الادارة الموحدة والموجودة حالياً في الإقليم تعتبر شكلية فقط. فحتى الآن أغلب الإدارات والقوات العسكرية لم تتوحد بين المنطقتين».