القاهرة | في أوّل جولة خارجية لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، منذ توليه ولاية العهد العام الماضي، شكّلت القاهرة منطلقاً لها، في زيارة تستغرق 3 أيام، يغلب عليها الطابع الودّي «لاستعادة دفء العلاقات بين القاهرة والرياض، وليس فقط مناقشة الملفات السياسية المهمة» التي تأتي في مقدمتها القمة العربية المرتقبة نهاية الشهر في الرياض، والأزمة اليمنية، بالإضافة إلى الأوضاع في سوريا.
وبينما نقلت «فرانس برس» عن مصدر حكومي سعودي أنّ اختيار مصر محطةً لأول جولة لابن سلمان «يُجدد التأكيد على التعاون السعودي المصري على أعلى المستويات»، قالت مصادر مصرية لـ«الأخبار» إنّ المناقشات سوف تُركّز على مصير «العلاقات العربية القطرية، بشكل أكبر من أيّ وقت مضى». وتحدثت المصادر عن أنّ «أجندة اللقاءات الثنائية التي ستجمع السيسي وابن سلمان تتألف من الموقف من الدوحة وطريقة التعامل مع نظام الحَمَدَين والتدخل الأميركي في الأمر».
وشهدت القاهرة يوم أمس إجراءات أمنية مشددة، كذلك مقر إقامة ولي العهد السعودي، وقد أُغلقت الشوارع في العاصمة المصرية والمحاور المرورية، تأميناً لمرور موكبه مع موكب السيسي الذي حرص على استقباله «عند سلم الطائرة التي حطّت على مدرج مطار القاهرة المقابل لقاعة كبار الزوار»، وفق «فرانس برس». وقال مدير المكتب الخاص لولي العهد السعودي، بدر العساكر، على «تويتر»، إنّ «طائرات حربية تستقبل وترافق طائرة سيّدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لدى دخوله الأجواء المصرية».
وقبيل زيارة ابن سلمان، قضت المحكمة الدستورية العليا ــ أعلى جهة قضائية ــ بإلغاء كافة الأحكام المتعلقة باتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، والتي تم بموجبها نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير للرياض، وهو الحكم الذي يُلغي أحكام القضاء الإداري و«الإدارية العليا» بمصرية الجزيرتين وبطلان الاتفاقية.

سيحضر السيسي
وابن سلمان العرض المسرحي «سلّم نفسك» في دار الأوبرا

وقالت الدستورية في حيثيات حكمها إنّ الاتفاقية من أعمال السيادة الخارجة عن رقابة القضاء، معتبرة أنّ الرقابة على الاتفاقية قبل إقرارها حق لمجلس النواب فقط وليس لأي جهة قضائية اخرى، أما بعد التصديق عليها فالمحكمة الدستورية هي الجهة الوحيدة التي يحق لها الفصل في مدى دستوريتها من عدمها. ووفق حيثيات الحكم، يكون من حق المحكمة الدستورية التصدي للاتفاقية بعد التصديق عليها، كما حدث حالياً، ولكنّ ذلك يجب أن يتمّ عبر إقامة دعوى قضائية جديدة أمام القضاء الإداري والمطالبة بإحالتها إلى المحكمة الدستورية، نظراً إلى أن القانون يمنع أي شخص من اللجوء إلى المحكمة الدستورية مباشرة.
لكن المسار القضائي الأخير للدفاع عن مصرية الجزيرتين يبدو مستحيلاً من الناحية العملية، خاصة أنه في حال صدور حكم بمصريتهما من المحكمة الدستورية بعد مناقشة الاتفاقية، فسيكون الحكم مُلزماً للحكومة فقط وليس للأمم المتحدة التي تم إبلاغها بالاتفاقية ودخلت حيّز التنفيذ في آب الماضي، بعد نشرها في الجريدة الرسمية، ما سيستوجب مساراً دولياً.
زيارة ابن سلمان لن تكون مقتصرة على القاهرة، إذ إنّ السيسي سيصطحب ضيفه السعودي لتفقّد المشروعات التي يجري تنفيذها في قناة السويس والأنفاق التي يجري حفرها في القناة تسهيلاً لحركة العبور من سيناء وإليها، والتي سيتم افتتاحها في 30 حزيران/يونيو المقبل. وسيتوجه السيسي وابن سلمان إلى الاسماعيلية التي رُفِعت فيها الأعلام السعودية إلى جانب الأعلام المصرية استعداداً لاستقبال السيسي وضيفه، علماً بأن الزيارة ستتم في الصباح الباكر وسط إجراءات أمنية مشددة تُشرف عليها وزارة الدفاع مع الحرس الجمهوري بغية تأمينها بشكل كامل، فيما تمت الاستعانة بالطائرات الحربية لاستطلاع المنطقة المحيطة بمكان الزيارة.
وفي سابقة هي الأولى من نوعها لمسؤول سعودي رفيع المستوى، سيزور ابن سلمان اليوم الإثنين الكاتدرائية المرقسية في العباسية للقاء البابا تواضروس الثاني، في زيارة تكتسب أهمية خاصة، في ظلّ ما يُحكى عن سياسات الانقتاح داخل السعودية نفسها. كذلك تمّ ترتيب زيارة لابن سلمان إلى مقر الأزهر للقاء الإمام الأكبر أحمد الطيب، فيما تتكتّم الأجهزة الأمنية على موعد الزيارة تسهيلاً للإجراءات الأمنية «في حال رغب ابن سلمان في زيارة الجامع الأزهر أيضاً، وليس مقر المشيخة وحده حيث سيجري اللقاء الرسمي».
وسيحضر السيسي وابن سلمان العرض المسرحي «سلّم نفسك» على خشبة المسرح الكبير في دار الأوبرا المصرية، حيث سيجري الوفد المرافق لولي العهد السعودي «مباحثات مع مسؤولي الأوبرا المصرية من أجل تعزيز التعاون في المجال الفني خلال الفترة المقبلة».