لم تكد تمرّ ساعات على إعلان مشرعين أميركيين نيتهم التقدم بمشروع قرار يسمح بإجراء تصويت في الـ«كونغرس» على انخراط الولايات المتحدة في الحرب الدائرة في اليمن، حتى سارعت وزارة الدفاع إلى تجديد دعمها عمليات تحالف العدوان على هذا البلد، في مؤشر إلى تمسكها بالمشاركة في هذه الحرب، وعدم استعدادها للمفاوضة فيها.
وأكدت المتحدثة باسم الـ«بنتاغون»، دانا وايت، أمس، استمرار مساندة بلادها لـ«التحالف العربي»، موضحة أن «مهمتنا في اليمن تنقسم إلى جزئين: الأول مواجهة الإرهاب، والثاني دعم السعودية التي تعرضت لهجوم من الحوثيين المدعومين من إيران، والذين أطلقوا صواريخ واستهدفوا منشآت مدنية». وأضافت وايت أن الدعم الأميركي يتم «عن طريق التزويد بالوقود، والمشاركة بالمعلومات الاستخباراتية».
وجاءت تصريحات وايت بعدما أعلن 3 مشرعين هم: الجمهوري مايك لي، والديمقراطي كريس ميرفي، والمستقل بيرني ساندرز، عزمهم استغلال بند في «قانون صلاحيات الحرب» الصادر عام 1973، يسمح لأي عضو في المجلس بطرح قرار حول سحب القوات المسلحة الأميركية من صراع لم تحصل المشاركة فيه على تفويض من الـ«كونجرس». ووصف ساندرز، في مؤتمر صحافي، مشاركة بلاده في الصراع الدائر في اليمن بأنها «غير دستورية وغير مصرح بها»، عازياً ذلك إلى أن «الكونغرس لم يعلن الحرب ولم يجز استخدام القوة العسكرية في هذا النزاع»، مشدداً على ضرورة أن «ينتهي الدعم العسكري الأميركي للائتلاف السعودي». واعتبر «لي»، بدوره، أن التحرك الذي يعتزم إطلاقه مع زميليه «يمكن أن يساعد الكونغرس على إعادة تأكيد سلطته في عملية صنع القرار في السياسة الخارجية»، موضحاً أن «هذا التشريع ليس ليبرالياً ولا متحفظاً، (بل هو) دستوري».
واتهم المشرعون الثلاثة، في مقالة مشتركة نُشرت في صحيفة «واشنطن بوست»، الجيش الأميركي بأنه «يجعل الأزمة الإنسانية في اليمن أكثر سوءاً، من خلال مساعدة طرف في الصراع على قصف المدنيين الأبرياء»، لافتين إلى أن «ملايين الدولارات التي أنفقها الأميركيون على شكل مساعدات إنسانية كانت ملحة بسبب فشل الحكومة الأميركية».

تستند الإدارة الأميركية
إلى ترخيص أصدره الكونغرس عام 2001
فشل يعتقد المشرعون أن فهمه يتطلب إدراك الحيثيات التي دفعت الولايات المتحدة إلى التورط في حرب اليمن، مذكّرين في هذا السياق بقرار الإدارة السابقة «تقديم الدعم اللوجستي والاستخباراتي للتحالف السعودي من دون استشارة الكونغرس»، مؤكدين أن القوات الأميركية لا تزال حتى اليوم «تنسق مع التحالف، وتزوده بالوقود والمعلومات بشأن بنك الأهداف». وإذ أقروا بأن من حق الرئيس «أن يأمر بتنفيذ عمليات عسكرية في بعض الحالات الطارئة المحدودة مثل الاحتياجات الخارجية»، إلا أنهم نبهوا إلى أن «الحرب الأهلية البعيدة في اليمن، وإن كانت مأساوية، إلا أنها ليست حالة طارئة».
وليس هذه المرة الأولى التي يتقدم فيها نواب أميركيون بمشروع قرار لدفع بلادهم إلى الانسحاب من حرب اليمن، إذ سبق لعدد من المشرعين أن طرحوا، أواخر عام 2017، مقترح قانون لوقف الدعم الأميركي للحملة التي تقودها السعودية في هذا البلد، إلا أنهم ووجِهوا بمعارضة من داخل الحزب الديمقراطي نفسه، أدت إلى خمود الحديث عن المقترح. مصير لا يُستبعد أن يؤول إليه أيضاً المشروع الجديد، في ظل غياب دعم قيادة الجمهوريين (إلى الآن)، والاعتراض المتوقع من قبل النواب الذين تربطهم مصالح بشركات السلاح الأميركية، صاحبة النفوذ الواسع داخل المجلس. والجدير ذكره هنا أن الإدارة الأميركية تستند، في دعمها العدوان على اليمن، إلى قرار أصدره الكونغرس في 14 أيلول/ سبتمبر 2001 عقب الهجمات على برجي التجارة العالمية، أجاز فيه للإدارة استخدام القوة العسكرية. وهو عينه التفويض الذي استخدمه الرئيسان السابقان، جورج دبليو بوش، وباراك أوباما، والذي يستند إليه اليوم دونالد ترامب. إلا أن مشرعين يرون أنه من غير المنطقي الاستناد إلى ذلك الترخيص إلى ما لا نهاية.
(الأخبار)