عمان ــ الأخبارصدرت لائحة الاتهام التفصيلية بحق «خلية إرهابية» أعلنت المخابرات الأردنية أنها ضبطتها بداية العام الجاري بعدما كانت تنوي تنفيذ عمليات في المملكة «نصرة لتنظيم داعش» في تشرين الثاني 2017. ووفق اللائحة، التي صدرت قبل يومين، وُجهت الاتهامات إلى سبعة عشر شخصاً، تأثر المخطِّط (34 سنة) بالعملية «الفردية» التي نفذها محمد المشارفة في مكتب مخابرات البقعة في حزيران 2016 وأدت إلى مقتل خمسة، فيما كان الاتهام الأبرز نيتهم استهداف أعمال رجال إسرائيليين والسفارة الأميركية داخل المملكة.

تلك الخلية بدأ تشكيلها، وفق اللائحة، في 2016، حينما أبلغ المخطِّط (المتهم 1) أحد المشاركين (المتهم 13) أن يخبر شخصاً آخر (المتهم 17) بنيتهم تنفيذ عمل عسكري في المملكة، فيما كان الأخير قد بارك عملية ستستهدف قناة «رؤيا» والعاملين فيها بقنابل المولوتوف اليدوية الصنع، ثم عادوا وأخبروه بأنهم سينفذون عمليات «سطو» على بنوك في منطقة الرصيفة (شمال شرق العاصمة عمّان، وهي إحدى مدن محافظة الزرقاء) للحصول على الأموال اللازمة للعمليات وشراء السلاح، كما كان المتهم 1 و13 يتوجهان إلى «17»، كل على حدة لتلقي دورات أمنية.

أعلنت السلطات أن الخلية كانت تنوي أيضاً استهداف السفارة الأميركية

وفي وقت لاحق، تواصل المتهم 1 مع «16» لإشراكه في العمليات، وعلى ما يبدو أن الأخير أراد من يفتي له بجواز ذلك، فتوجها إلى «17» الذي بارك لهما ما ينويان فعله. وقسم المتهم 1 المشاركين على ثلاث مجموعات حرص على فصل بعضها عن بعض، وكذلك وجهت إليها اتهامات مختلفة. ومن الأهداف الأخرى التي كان منوياً استهدافها: مركز المبادرات الفرنسي، وأنفاق شركة الفوسفات بجانب مبنى مخابرات الرصيفة، كما كان مخططاً لسرقة أسلحة من مركز أمن ياجوز (غرب الرصيفة)، وسرقة سلاح أحد أفراد الدفاع المدني في الرصيفة. أما الأموال، فخططت إحدى المجموعات للحصول عليها من سرقة أحد فروع المولات التجارية في الرصيفة، ومن سيارات شركة «بيبسي» (جنوب غرب الرصيفة)، ومن سيارات توزيع السجائر.
أما المجموعة الأخطر، فهي الثالثة التي تشكلت من خمسة أشخاص، من بينهم المتهم 1، وكانت مهمتها التخطيط للعمليات الكبرى والانتحارية، ووجهت إلى جميع أعضائها تهمة المؤامرة بقصد تنفيذ أعمال إرهابية، والترويج لأفكار جماعة إرهابية (داعش)، عدا المتهم 14 الذي وجهت إليه منفرداً تهمة بيع أسلحة وذخائر لاستخدامها في أعمال إرهابية، وذلك في قضية منظورة أمام محكمة أمن الدولة.
ووفق اللائحة، فإن المتهم 1 هو محور كل الخلية، وهو نفسه من أقنع المشاركين وخطط وعاين أيضاً السفارة الأميركية وكنيسة في منطقة ماركا (عام 2008 خطط ثلاثة تكفيريين لتفجير كنيسة الروم الكاثوليك بسيارة مفخخة، لكن قبض عليهم قبل التنفيذ). وبعد ذلك، رصد رجال أعمال إسرائيليين كانوا يتوجهون إلى مصانع في المناطق المؤهلة في الرصيفة، وقسّم المجموعات الثلاث وفق المهمات، ونفذ دراسة أمنية لجميع الأهداف من أجل ضمان التنفيذ دون اكتشاف الأمر من السلطات، ووضع خططاً للوصول والدخول إلى الأهداف مع تحديد طرق للخروج الآمن والاختباء في بيوت آمنة، منها مبنى مهجور تابع لسلطة المياه واقع على أوتوستراد الزرقاء، وأنفاق الفوسفات في الرصيفة.
بقراءة التفاصيل، يظهر أن تمركز الخلية في الزرقاء، وهي من معاقل السلفيين الجهاديين في الأردن، ومنها انطلق «أبو مصعب الزرقاوي» أحد أبرز قياديي تنظيم «القاعدة»، ما يعني أن الفكر التكفيري وجناح السلفية الجهادية ما زال له أنصاره المنتشرون، كذلك فإن المتهمين الـ17 لا ينتمون إلى «داعش»، بل هم متأثرون بأفكارها ومناصرون لها. وكان لافتاً أنه لم يقبض عليهم إلا بعد اكتشاف مخطط الخلية ونيتها تنفيذ أعمال هجومية، وأيضاً تبين أن هناك خمسة من الخلية كانوا على قائمة الانتحاريين.
وكما يبدو، تنعدم لدى غالبية المعتقلين الخبرة، وهم لم ينفذوا أياً من أهدافهم، حتى أن المتهم 1 كان مكشوفاً مع الآخرين، وهو ما يطرح سؤالاً عن كيفية التخطيط لعمل عسكري مع ممارسة ترويج علني لجماعة إرهابية في دولة تدرِج الجماعة المذكورة في لائحة المنظمات الإرهابية لديها. وبمقارنة قدرات الجماعة مع الأهداف التي اختيرَت، ومن أبرزها السفارة الأميركية ذات التحصين العالي، فيبدو ضرباً من الخيال تنفيذ عملية حتى لو كانت انتحارية.
وبالنسبة إلى قناة «رؤيا»، يقع مبناها أيضاً ضمن مباني المدينة الإعلامية الأردنية، وهي منطقة حرة خاصة، وهي بمحاذاة التلفزيون الأردني الخاضع لحراسة مشددة، بالإضافة إلى وجود مكتب للجمرك داخلها، وفي مكان ليس بعيداً يوجد مبنى قيادة حرس البادية، أي إن مكاتب القناة في موقع محصن لا يضمن انسحاب المنفذين بأمان كما خطط. أما استهداف رجال أعمال إسرائيليين، فهو أيضاً هدف صعب التحقيق، ولا بد أن تكون هناك مراقبة للهدف وتحديد صلات صداقة بهم ومواعيد وجودهم، وهو ما يجعل المخطط أقرب إلى «أمنيات» منه إلى عمل حقيقي ومنظم.
وقد سبقت خلية الـ17 عدة أحداث شبيهة في المملكة، خصوصاً في 2016، منها اكتشاف خلية إربد (شمال الأردن) في آذار، وكانت نتائجها مقتل 7 من أعضاء الخلية ورجل أمن وإعدام 5 في وقت لاحق. أيضاً حدث هجوم آخر استهدف مكتب مخابرات البقعة في بداية حزيران (نُفِّذ حكم الإعدام بالمنفذ في آذار 2017)، وفي الشهر نفسه هوجم مخيم الركبان الحدودي مع سوريا وقتل هناك 6 عسكريين أردنيين من حرس الحدود والانتحاري الذي كان يقود السيارة المفخخة.
لكن أقوى العمليات كانت في كانون الأول 2016 حينما تحصّن عدد من الإرهابيين في قلعة الكرك قبل أن يقتلوا، كما قتل في العملية 3 من قوات الدرك و4 من الأمن العام و3 مدنيين منهم سائحة كندية. وقبل نهاية العام نفسه، لوحق شخص آخر في الشوبك (محافظة معان جنوب الأردن) وقتل، علماً بأنه كان غير أردني. أما في 2017، فقبض على شاب عشريني من مروجي «داعش» وقيل إنه كان بصدد تنفيذ عمليات في الأردن وإسرائيل.